في كل مرة يصعد فيها أحد اللاعبين سلم النجومية، بعدما يتألق في مباراتين، يتصدر عناوين الصحف، ويوصف بأنه خليفة لأحد أفضل اللاعبين في العالم، الذين لا مثيل لهم وتعجز المستديرة عن أن تلد أحداً مشابهاً لهم.
على سبيل المثال، أذكر خط الوسط البرازيلي آرثر ميلو الذي هز الإعلام، وذكر أنه خليفة الرسام إنييستا، لكن في الأخير تدنى مستواه، ونسيته الصحف، حتى أصبح من أمارات دكة بدلاء يوفنتوس.
لكن جمال موسيالا لا تبنى قصته على مباراة أو اثنتين كبعض اللاعبين، ولا حتى على إحصائيات خارقة تحدثك عن مدى قوته وشغفه، أو ما يتمتع به من صفات تضاهي وتشابه زميله وقائده توماس مولر، لكنه ربما في الحقيقة في عوز لبعض الوقت، ليتألق أكثر ويظهر نفسه أكثر بمساعداته الرائعة، التي لولاها لكان البافاري تعثر في مباريات عديدة، على الرغم من أنه لم يعتمد عليه بعد كأساسي.
لكنه في كل مشاركة يترك لمدرب الفريق، هانز فليك، صدى يجعله يتأثر به، يشاركه دائماً في المباريات الكبيرة، مثلاً ضد لاتسيو في دور الـ16 من دوري أبطال أوروبا، حل مكان مولر الذي غاب عن تلك المباراة بسبب الإصابة، وقدم مباراة رائعة، وهز الشباك بهدف فريد من لاعب في مستهل مسيرته، وبه أصبح أصغر لاعب إنجليزي يسجل مع فريق ألماني، لكن بعد المباراة ببضعة أيام اختار اللاعب القرار الصائب "تمثيل المانشافت"، الذي ازدادت حظوظه في إيجاد خليفة لمولر.
يحظى جمال موسيالا بالكثير من المميزات، من بينها وعيه التكتيكي الضخم، مقارنة بعمره وخبرته، الأمر الذي جعل منه رجلاً لا مثيل له في التعويض، بعد أن سجل في فريق "فولسفورغ" هدفين، كل منهما أجمل من الآخر، ليصبح أصغر رابع ألماني يسجل ثنائية، ومازال يحطم الأرقام ويزاحم على مسيرة نهايتها ستكون حافلة.
تعود أصوله إلى "الماما أفريكا" من بلاد النيجر، وولد في شوارع شتوتغارت، لكنه رحل في عمر السابعة إلى إنجلترا والتحق بأكاديمية تشيلسي، ومن ثم عاد إلى ألمانيا من بوابة بايرن ميونيخ.
موسيالا في عيوني
لم أكن لموسيالا بالمرصاد أو متابعاً عن كثب، بل اكتشفته مؤخراً، في إحدى الليالي كنت أجلس على أرض رمضاء أشاهد مباراة لصاحب الشعر الأشعث، وهو يقدم مباراة استثنائية له على طريقة الهولندي آريين روبن تاركاً بصمات إنجليزية وألمانية على كل كرة له، ما بين تمريرات كروس الخيالية وتسديدات جيرارد المرعبة، في كل تمريرة أو تسديدة له يبلي فيها بلاء حسن ويدأب فيها.
عدت مرة أخرى إلى مشاهدته، وهذه المرة في هزيع الليل أشاهد مباراة معادة، رفعت جفن عيني عليه فرأيت فيه مولر، وتمعنت في أدائه فلم أره يقتصد ويتقشف في عمله بل كان خطيراً في الملعب، يغضب الخصوم ويقض في كل تسديدة مراوغة، ربما حدث ذلك، لأن اللعب كان أمام أضعف ناد ألماني في هذه الآونة شالكة. لكن المحير هو ذلك الطفل الذي لم يتجاوز سن الرشد وثقته الضخمة في نفسه وبدايته التهديفية ضد ناد له شأن عظيم في تاريخ الألمان.
في أحد أيام بايرن الغاضبة اكتسح بايرن ميونيخ فريق فرانكفورت بخماسية. دخل موسيالا كبديل لكومان، كان طفلاً في مستهل مسيرته، وفي مباراته الثانية بعد شالكة استطاع تمرير عرضية لساني كاد يهز بها الشباك.
لجمال موسيالا مستقبل عظيم في خط الوسط، إذ يمتلك كل القدرات والإمكانيات لحجز مكان في تشكيلة بايرن ميونيخ، ومع قدوم ناغلسمان سيتطور موسيالا، لأن الأول من أنجح المدربين في تطوير المواهب.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.