تعد اللغة من أعظم النعم التي اختص الله بها الإنسان، ليفرده ويميزه عن سائر مخلوقاته، وهي الأداة الإنسانية الضرورية للتفكير والتفاعل الاجتماعي والتفاهم مع الآخرين. فمعاناة البعض من اضطراب اللغة والكلام يشكل عائقاً لهم في التفاهم مع محيطهم.
وبالتالي كما قلنا اللغة فهي بمثابة مرآة صادقة تعكس صورة جلية واضحة عن محتويات النفس الداخلية، وهي المقياس الأدق لتلك الاستجابات التي لا يمكن ملاحظتها إلا بواسطة هذا السلوك اللغوي الظاهر.
واللغة أداة للتوافق، وتؤدي دورها بوصفها صمام أمان المشاعر والانفعالات المكبوتة أو المزعجة والخواطر والأسئلة وكل تلك الأمور مباحة للقادرين على الكلام، أما المضطربون لغوياً فإن حرمانهم من تلك الأمور قد يصيبهم بالإحباط والتوتر، وهو ما يؤثر على توافقهم النفسي والاجتماعي ومدى تفاعلهم مع الآخرين.
وتعتبر عملية الاتصال عملية تبادلية بين الطفل والآخرين، فيتم فيها تبادل الأفكار والكلمات والمشاعر، وأهم أدواتها القدرة على استقبال (الفهم)، وإرسال (التعبير) رسالةً عبر نظام من الرموز اللغوية المصطلح عليها.
فاللغة الاستقبالية تتكون من عدة أمور، منها: مقدرة الطفل على استقبال أية رسالة، فهم لغة الرسالة، الإحساس بالأصوات من حوله، تمييز الأصوات البشرية عن الأصوات الأخرى، قابليته لفهم الكلمات التي يسمعها وتذكرها.
أما اللغة التعبيرية فهي تتمثل في قدرة الطفل على إرسال رسالة يعبر عنها كلاميا، فينقل أفكاره ورغباته وحاجاته ومشاعره للآخرين عبر أدوات تعبيرية مختلفة، مثل الحركات الجسدية وتعبيرات الوجه والإيماءات وتغيير نبرات الصوت حسب الحاجة.
تمر عملية النمو والاتصال والمحادثة بمراحل متتابعة تبدأ بتفاعل الطفل ووالديه عقب الولادة من خلال حملهم له، أصواتهم عند مخاطبته، لمساتهم ومداعبتهم له، وشكل وجوههم عند مراقبته.
ولكي نستطيع التعرف مبكراً على صعوبة اللغة عند الطفل، وإذا ما كان يعاني من اضطراب اللغة والكلام، فلابد من معرفة "مراحل نمو مهارات الاتصال عند الطفل في المراحل العمرية المختلفة"؛ حيث تتميز كل مرحلة بعدة مؤشرات يمكن من خلالها للوالدين التعرف المبكر على وجود اضطراب اللغة والكلام لدى الطفل، وهي كالتالي:
السنة الأولى من عمر الطفل ذي اضطراب اللغة والكلام
– لا يستطيع تقليد الكلمات المألوفة.
– لا يفهم كلمة (لا).
– كثير البكاء.
– عندما تطلب منه شيئاً لا يعطيك إياه.
– لا يميز بين الأصوات.
– لا يستطيع ترتيب المكعبات في قالب واحد.
– لا يستطيع استعمال كلمات مثل (ماما – بابا – أسماء إخوته).
– لا يفهم الأوامر حتى لو كانت بسيطة.
اضطراب اللغة والكلام عند الطفل في عمر سنتين إلى ثلاث سنوات
– نلاحظ فى هذه المرحلة أن استيعاب الطفل المفردات أقل من الطبيعي، أي حوالي 450 كلمة.
– لديه صعوبة في تركيب الجملة، لا يستطيع استعمال الفعل الماضي والاسم والجمع.
– يمزق الكتاب ولا يتصفحه إلا بشكل سريع.
– لا يستطيع التعبير أو التحكم بسلوكه لغوياَ مثل (إلى اللقاء – شكراً).
– لا يستجيب للأوامر البسيطة.
– لا يستعمل كلمة (لا) في كلامه.
– غير قادر على تحديد الزمان والوقت مثل ( صباحاً – مساء – غداً).
– لا يعرف بعض الأضداد مثل (كبير- صغير- طويل- قصير).
– لا يستطيع القيام ببعض الأعمال المنزلية البسيطة مثل (حمل الصحون – إطعام الطيور).
– لا يستطيع استعمال الجمل الطويلة لتوضيح ما قام به أو ما سيقوم به.
اضطراب اللغة والكلام عند الطفل في عمر في سن 4 سنوات
– نجد أن الطفل لا يستطيع التمييز بين الألوان (أحمر- أخضر- أصفر).
– يستعمل جملاَ بسيطة تتكون من 4 إلى 5 كلمات فقط.
– لا يميز بين زمن الفعل في الكلام فيجعل الماضي مضارعاً، والمضارع ماضياً.
– استيعابه للمفردات في هذا العمر أقل من الطبيعي أيضاً أي ما يقارب 2500 كلمة، ومفرداته التعبيرية قليلة أيضاً.
– لا يتبع الأوامر حتى لو كانت الأشياء أمامه.
– يحتاج لوقت طويل لإنجاز النشاط المطلوب منه.
– لا يدرك مفهوم الوقت والزمن.
– خطوط رسمه تكون ضعيفة خاصة عندما يرسم الدائرة والمستقيم.
اضطراب اللغة والكلام عند الطفل في عمر 5 – 6 سنوات
– لا ينطق معظم الحروف بشكل صحيح.
– لا يدرك أسماء بعض الأدوات ولا من أي شيء تتكون.
– يستخدم كلمات تعبيرية قليلة، وجمله بسيطة أقل من خمس كلمات.
– لا يميز بين أنواع النقود وقيمتها الشرائية.
– لا يفهم ظروف المكان مثل (فوق – تحت – أمام – خلف).
– لا يدرك أسماء بعض الكلمات ولا من أي شيء تتكون.
– لا يعرف عنوان منزله أو رقم هاتفه.
– لا يميز بين يديه اليمنى واليسرى.
– يصعب عليه معرفة الاتجاهات.
– أسئلته قليلة ومحدودة وتخلو من أدوات الاستفهام مثل (لماذا – كيف – ما هذا).
– لا يميز بين أحداث القصة (البداية – الوسط – النهاية).
– لا يميز بين الأضداد أيضاً (طويل – قصير).
وبناء عليه، فإذا لاحظتم أياً من تلك المؤشرات لدى طفلكم في أي مرحلة عمرية (على الأقل 6 مؤشرات) فيجب التدخل الفوري والسريع والتوجه إلى أخصائي النطق والكلام (التخاطب) لقياس النمو اللغوي لدى الطفل، والتعامل مع اضطراب اللغة والكلام لديه، ووضع البرنامج المناسب له، كما يجب على الوالدين الاستجابة لتعليمات المختص والتعاون معه، وتهيئة البيئة الملائمة للطفل حتى يستطيع تجاوز تلك المرحلة بسلاسة ويسر، وتذكروا أنه كلما كان التدخل مبكراً، كانت النتائج أفضل، والتعافي أسرع.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.