كيف يستهدف الاحتلال مظاهر رمضان في القدس المحتلة؟ ولماذا؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/04/28 الساعة 09:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/04/28 الساعة 10:00 بتوقيت غرينتش

يُعد شهر رمضان أبرز مواسم الخير في دول العالمين العربي والإسلامي، وللقدس في شهر رمضان مظاهر مميزة، وعادات راسخة، حتى أضحت نمط حياة في شهر رمضان، وجزءاً من هوية المدينة المحتلة، ومع ما يحمله رمضان من شحنات إيمانية وعادات متنوعة لبعضها علاقة بالزينة والفوانيس والأسواق، ولبعضها الآخر علاقة بالعبادة وعمارة المساجد، وصولاً إلى الأطعمة وما يتصل بذلك من موائد الإفطار التي تجمع الناس على اختلافاتهم.

وأمام هذا الثراء الحضاري، وعمارة آلاف المصلين من القدس والمناطق المحتلة الأخرى لمصليات المسجد الأقصى وساحاته، تعمل سلطات الاحتلال ومنذ احتلال المدينة على استهداف المظاهر الرمضانية في القدس، وتجتهد لتنغص على المقدسيين فرحة الشهر الفضيل، إذ تحاول أذرع الاحتلال استهداف مختلف المظاهر الرمضانية، من عرقلة وصول المصلين إلى الأقصى، ورفع حجم اقتحامات المسجد، وصولاً إلى استهداف أي مظاهر رمضانية، حتى ولو كان سهر المقدسيين في ساحة من ساحات المدينة المحتلة. وفي سياق تسليط الضوء على اعتداءات الاحتلال هذه، نتناول في هذا المقال أبرز اعتداءات الاحتلال وأذرعه منذ بداية شهر رمضان بحق المقدسات والمقدسيين.

التحضير لاقتحام الأقصى في 28 رمضان

كشفت معطيات صحفية، في بداية شهر أبريل/نيسان 2021، عن إطلاق "منظمات المعبد" تحضيراتها لاقتحام المسجد الأقصى في 10 مايو/أيار 2021، بمناسبة ما يسمى "يوم القدس"، وهو تاريخ احتلال كامل القدس بالتقويم العبري، ويتزامن هذا اليوم في هذا العام مع الثامن والعشرين من شهر رمضان، إذ تتحضر أذرع الاحتلال لحشد أعداد كبيرة من المقتحمين فيه، خاصة أنها لم تستطع اقتحام الأقصى في هذه المناسبة في عام 2020، بسبب إغلاق الأقصى بسبب جائحة "كورونا".

ولم تقف تحضيرات المنظمات المتطرفة عند دعوة أنصارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي فقط، بل عملت على تنظيم مؤتمر تحضيري لتنظيم اقتحام "آلاف الإسرائيليين" بحسب مخططها، وقد دعت "منظمات المعبد" مجموعة من المنظمات الشبابية اليهودية والمدارس الدينية إلى حضور فعاليات المؤتمر، وهذا يعني أنها تستعد لحشد أعداد ضخمة من المقتحمين، بالشراكة مع مختلف المنظمات المتطرفة، وأشارت في دعوتها إلى أن المؤتمر خطوة مهمة على "طريق عودة شعب إسرائيل إلى جبل المعبد".

الاعتداء على المسجد الأقصى

منذ بداية رمضان عملت أذرع الاحتلال على تصعيد اقتحاماتها شبه اليومية للمسجد الأقصى، ففي 13 أبريل/نيسان 2021 اقتحم الأقصى 228 مستوطناً، بالتزامن مع اليوم الأول من شهر رمضان، وبحسب مصادر مقدسية، اقتحم المستوطنون المسجد على شكل مجموعاتٍ صغيرة بحماية قوات الاحتلال. وفي 15 أبريل/نيسان 2021، اقتحم الأقصى 185 مستوطناً، بحراسة مشددة من قوات الاحتلال، وشارك في الاقتحام الحاخام المتطرف يهودا غليك، والمتطرف إيتمار بن غفير زعيم "حزب القوة اليهودية"، الذي جال مع المقتحمين في أرجاء المسجد، وهاجم بن غفير أحد حراس الأقصى، مدعياً أنّ الحراس "ليسوا في موقع يسمح لهم بإعطاء إذنٍ لأحد بالدخول أو الخروج من المكان". وفي 20 أبريل/نيسان 2021، اقتحم الأقصى 261 مستوطناً، من بينهم 205 طلاب يهود، أدوا طقوساً تلمودية في ساحات الأقصى الشرقية.

ولم تكتفِ قوات الاحتلال بحماية الاقتحامات فقط، بل صعدت اعتداءاتها عبر منع رفع الأذان من عددٍ من مآذن الأقصى. ففي 13 أبريل/نيسان 2021، اقتحمت قوات الاحتلال مئذنتي المغاربة والأسباط داخل المسجد الأقصى المبارك، وقطعت تمديدات الصوت والكهرباء، لإسكات صوت الأذان والصلاة، لئلا تشوش على المستوطنين في ساحة حائط البراق. وفي 14 أبريل/نيسان 2021، كررت قوات الاحتلال منعها رفع الأذان من عددٍ من مكبرات الصوت في المسجد الأقصى.

منع الاعتكاف في الأقصى

استهدفت قوات الاحتلال المعتكفين في الأقصى بشكل متصاعد في السنوات الماضية، إذ تقوم بإخراجهم من الأقصى بالقوة، وتمنعهم من التعبد في المسجد في ليالي الشهر الكريم. وواصل الاحتلال هذه السياسة في رمضان الحاليّ، ففي 16 أبريل/نيسان 2021، اقتحمت قوات الاحتلال المصلى القبلي في الأقصى، بعد الانتهاء من صلاة التراويح، واعتقلت ثمانية معتكفين من داخل المصلى القبلي.

الحد من أعداد المصلين في الأقصى

في سياق تقليل أعداد الفلسطينيين القادمين إلى المسجد الأقصى، أصدرت سلطات الاحتلال في 13 أبريل/نيسان 2021، قراراً يقضي بالسماح لـ10 آلاف فلسطيني من سكان الضفة الغربية بأداء الجمعة الأولى في شهر رمضان، بذريعة الوقاية من "كورونا"، وبحسب متابعين للشأن المقدسي تهدف سلطات الاحتلال إلى خفض أعداد المشاركين في صلاة الجمعة، في سياق فرضها المزيد من التحكم والسيطرة على القدس والأقصى، وتقليل الوجود البشري الإسلامي في شهر رمضان.

ساحة باب العمود شرارة هبّة

تحاول سلطات الاحتلال منع التجمعات والفعاليات الرمضانية السنوية وسط المدينة، ووضعت ساحة باب العمود في أهدافها، إذ تشهد الساحة تجمعاتٍ شبابية بعد الانتهاء من صلاة التراويح. وشهدت الساحة مواجهات متكررة منذ بداية شهر رمضان، إذ تحاول سلطات الاحتلال منع المقدسيين من القيام بأي أنشطة رمضانية في الساحة، أو إقامة أي تجمعات فيها، عبر إغلاقها بالحواجز الحديدية، وجلب الكلاب البوليسية المتوحشة.

ولم تقف الجماهير الفلسطينية مكتوفة الأيدي أمام اعتداءات الاحتلال في هذه المنطقة من القدس المحتلة، فقد شهد ليل يوم 23 أبريل/نيسان 2021، مواجهات عنيفة داخل الساحة وفي الطرق المؤدية إليها، استطاع الشباب المقدسيون فرض سيطرتهم على ساحة باب العمود، ولم تستطع قوات الاحتلال كسر إرادة المقدسيين، وشهدت العديد من أحياء المدينة المحتلة مواجهات عنيفة، أدت إلى إصابة أكثر من 20 عنصراً من قوات الاحتلال، من بينهم ضباط كبار.

اعتداءات منوعة منذ بداية رمضان

تمنع سلطات الاحتلال من بداية رمضان إدخال وجبات الإفطار إلى الأقصى، وإلى الطرق المؤدية إلى أبوابه، ففي 13 أبريل/نيسان 2021، منعت وصول وجبات الإفطار قرب باب الأسباط، ومنعت الموجودين من تناول طعام الإفطار في المنطقة. وفي اليوم نفسه، منعت قوات الاحتلال إدخال وجبات الإفطار إلى داخل الأقصى. وفي 15 أبريل/نيسان 2021، كررت قوات الاحتلال المنع، ووجهت تحذيراً للمقدسيين بالاعتقال.

ومما يظهر حجم اعتداء الاحتلال على المقدسيين في رمضان، كشف مركز معلومات وادي حلوة في 19 أبريل/نيسان 2021، أن قوات الاحتلال اعتقلت نحو 30 مقدسياً منذ بداية شهر رمضان، وتركزت الاقتحامات في ساحة باب العمود ومن محيط المسجد الأقصى المبارك.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علي إبراهيم
كاتب فلسطيني
باحث في مؤسسة القدس الدولية
تحميل المزيد