ربما إن كتب لك مشاهدة مباراة القمة المصرية مئة مرة فسيكون تسعون منها كالمباراة الأخيرة.
مباراة عرفت على مر تاريخ الكرة المصرية، بل وإحدى كلاسيكيات الكرة العربية والإفريقية، وكما الأفلام الكلاسيكية العربية اعتدنا دائماً على بطل واحد في نهاية الفيلم مهما تسارعت الأحداث، حتى لو خسر البطل وانتهى الفيلم لا بد أن هناك جزءاً آخر، وما زال في الحديث بقية.
وليس هذا فحسب ما اعتدنا على رؤيته، فكذلك اعتدنا على رؤية شخصية النادي الأهلي التي تعطيك القدرة بعد استقبال مرماك هدف التعادل في الدقيقة الواحدة والثلاثين، بعدها بثلاث دقائق تحرز التقدم مرة أخرى بلا أية مشاكل أو صعوبات، ومهما تبدل اللاعبون وكانت الظروف صعبة، فدائماً سيتواجد ما سيسميه البعض "حظ الأهلي" وآخرون "روح الفانلة الحمرا".
"الأهلي بمن حضر" مقولة استطاع موسيماني تطبيقها كما طبقها آخرون قبله باختلاف جنسياتهم، فمهما تتابعت الأجيال ثبتت وترسخت تلك الجملة المكتوبة بالذهب الأحمر على جدار غرف اللاعبين في "التتش".
فبغياب ثمانية لاعبين عن التشكيل الأساسي الذي لعب به في نهائي القمة الماضي لم يجد موسيماني مشكلة في الفوز بالثلاث نقاط، وبدأ مراسم عودة الأهلي لمكانه الطبيعي في الدوري المصري.
فبدءاً من الثواني الأولى أرسل محمد شريف رسالة تحذير وتهديد لم يستطع دفاع الزمالك فهمها بشكل صحيح ولم يعطوها القدر الكافي من الاهتمام، فانقلبت على رؤوسهم بعد ذلك بهدفين، أعلنوا بشكل واضح بلوغ مهاجم جديد بين جدران "الجزيرة".
وكان واضحاً من تكتيك موسيماني في الشوط الأول حرصه على التمسك بالفوز وحسمه من الشوط الأول، وعدم الانسياق لتكتيك الفرنسي كارتيرون الذي اعتاد سحب منافسيه إليه بإخراجه كل ما بداخلهم، وبعدها يقوم بلدغهم بالهجمات المرتدة.
ولكن بيتسو تعلم من الدرس واستطاع رغم هدف "ماركة شيكابالا" أن يخرج الشوط الأول بتقدم ناتج عن السيطرة على المباراة بشكل كامل من الأحمر طوال الشوط الأول، وتفوق كاسح لخط منتصف النادي الأهلي من ديانج والسولية وظهور محمد مجدي "قفشة" كالمايسترو الذي يرمى ألحانه بين خطوط لاعبي الأبيض.
وعلى الرغم من الغيابات التي ظهر تأثيرها بشكل واضح على خط دفاع النادي الأهلي فإن المدرب الجنوب إفريقي استطاع التغاضي عن تلك المشاكل وسد الثغرات والفجوات ببعض الدعم من خط المنتصف كما شاهدنا في نهاية الشوط الأول، حيث شاهدنا المالي ديانج يقوم بدعم أحمد رمضان بيكهام في الرواق الأيسر الذي كان بدأ يشكل تهديداً عن طريق المغربي بن شرقي. فكانت كلمة السر وراء الفوز الجديد للأهلي على الزمالك هي قرارات موسيماني الموفقة طوال المباراة والتي منعت وشلت حركة الزمالك حتى عندما ترك لهم الاستحواذ في نهاية المباراة.
ولكن كل هذا كان سينقلب على موسيماني لولا ظهور البطل كما في الأفلام في ثوب حراسة مرمى النادي الأهلي "علي لطفي".
فعلى الرغم من كل الانتقادات والتوقعات بأن علي سيكون نقطة ضعف الأهلي، ظهر البطل عندما تسبب في ضربة جزاء للزمالك جعلت جماهير النادي الأهلي تبدأ بسب "فيروس كورونا" الذي أقعَدَ الشناوي، لكن علي كان في الزمان والمكان حتى نهاية هجمات الزمالك التي أنقذها ببسالة وبمرونة لا يستحق عليها وحده الإشادة، ولكن يستحق الإشادة جندي مجهول يجلس على دكة البدلاء خارج المستطيل الأخضر وهو ميشيل يانكون مدرب حراس النادي الأهلي الذي أعاد الثقة لمركز غابت عنه الثقة لسنوات عديدة.
وعلى الجانب الآخر وبشكل مغاير فاجأنا كارتيرون بكم رهيب من القرارات الخاطئة لولا غياب غريب لأجنحة النادي الأهلي لشاهدنا نتيجة كبيرة على القلعة البيضاء، فابتداءً باختيارات التشكيلة الأساسية التي كانت الأفضلية تذهب لكارتيرون نظراً لعدم وجود أية غيابات في التشكيلة الأساسية أو حتى ممن يعتمد عليهم الفرنسي من البدلاء، إلا أنه رفض الهدية وأعلن عن تشكيلة أساسية متناقضة عن التكتيك الذي بدأ به الفرنسي في الملعب.
فوجدنا مروان حمدي المهاجم الكلاسيكي البطيء الذي يعتمد على التواجد داخل منطقة الجزاء ووجدنا تعليمات فرنسية باللعب على المرتدات والسرعات.
ووجدنا تعليمات دفاعية شديدة على الأظهرة بعدم التواجد الهجومي وفي نفس الوقت كانت الأجنحة البيضاء تعتمد على اللعب على الأطراف مع انتظار القادمين من الخلف.
وظهرت المشكلة الأكبر والأساسية في الفريق الحالي في نادي الزمالك منذ نهائي القرن وهو غياب الشخصية للفريق الأبيض. فلا توجد أي كيمياء بين لاعبي ميت عقبة سواء في الملعب أو حتى خارجه.
فترك التركيز لاعبي الزمالك ولازمتهم عقدة الخسارة والخوف من الهزيمة حتى تملكت منهم. فتتابعت منذ الخروج من دوري أبطال إفريقيا حتى الفشل في هزيمة الأهلي في ظروف كانت الأفضلية للزمالك. فهل سيظل الزمالك في بحيرة الفشل أم سنرى وجهاً آخر خصوصاً مع تفوق مترقب للنادي الأهلي في الدوري المصري يحتاج إلى عدم تضييع أية نقاط في الفترة القادمة، وكذلك مباريات كأس مصر، وهما ما تبقى للزمالك لعدم الخروج بموسم صفري آخر.
ولكن مع كل هذا دائماً ما تُنهى مباريات القمة والديربيات حول العالم بالتفاصيل الصغيرة، فإذا استطعت استغلالها لصالحك كانت لك الغلبة، وإذا أضعت الفرصة فلن تجدها مرة أخرى، ففي الديربيات "بلوغ الفوز في اقتناص الفرص".
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.