"إقالة زيدان بعد خسارة الكلاسيكو والخروج من دوري الأبطال"، ربما هذا كان عنوان الخبر الذي انتظرناه بعدما شاهدنا جدول مباريات الأسبوع الماضي لريال مدريد، ولكن كما اعتدنا، فالعلاقة بين ريال مدريد ودوري الأبطال علاقة لا تشتمل على الظروف، ولا ترتبط بالأداء ولا حتى موقف النادي في جميع البطولات.
فكم تكرر أن يخسر الريال من نادٍ مغمور في الدوري الإسباني، ويتبعه بفوز بدوري الأبطال؛ ليعلن الريال أنه من كان يطمح إلى كسر هيمنة ريال مدريد فليغير اسم البطولة. فربما ريال مدريد لا يملك تكتيك غوارديولا، ولا الضغط العالي لبايرن ميونيخ، ولكن ما يملكه ريال مدريد من شخصية دوري الأبطال لا يملكه أي نادٍ آخر في أوروبا، وهذا هو المطلوب إثباته.
في مباراة استطعنا أن نرى فيها لاعبي ريال مدريد بطاقات مستنزفة "كما كان متوقعاً"، ولكن بشغف لا ينتهي، فاستطاعوا -كما تمنوا منذ بداية المباراة- الخروج بها لبر الأمان من ملعب الأنفيلد، وبمساعدة يمكن لكل مشجع لريال مدريد أن يرسل رسالة تقدير وعرفان إلى ثلاثي هجوم ليفربول: ساديو مانيه، وفرمينيو، وفوقهم محمد صلاح، الذي كان له النصيب الأكبر من الفرص بداية من الدقيقة الثانية التي كانت من الممكن أن تضع ليفربول في نصف نهائي دوري الأبطال.
منذ الدقيقة الثانية، كان يمكن أن تنتهي المباراة بنتيجة كبيرة لليفربول، حيث إنه لم يكن في استطاعة ريال مدريد مجاراة ليفربول بعد 1/0 في أول دقيقتين، ولكن ما يمنعك من الخسارة في مثل تلك المباريات هي شخصية البطل التي تمثلت في كورتوا، الذي أثبت استحقاقه حراسة مرمى ريال مدريد، وأنه حارس يستطيع صنع الفارق.
فربما نتكلم عن أداء ريال مدريد الذي لم يكن في مستوى التوقعات أو اعتماده على الأداء الدفاعي، ولكن ما الذي كان يمكن لريال مدريد فعله للخروج بكل هذه الانتصارات ومع كل هذه الغيابات أفضل مما رأينا.
نحن نشاهد كل مباراة لاعبين في مراكز لم نتخيل يوماً أن نراهم بها، ولكن لم يعد للفرنسي زيدان حل آخر. فاعتمد اعتماداً كلياً ووضع ثقة ضخمة في لاعبيه على الصمود أمام الضغط الإنجليزي في أول 20 دقيقه بضغط من جميع الأماكن وبجميع الأشكال وعلى جميع الخطوط.
ولكن مع منتصف الشوط الأول أصبح بإمكاننا رؤية أن ريال مدريد بلا خط منتصف، فلا كروس ولا مودريتش أصبح لديهما القدرة حتى على الركض مع فينالدوم الذي استطاع التفوق على منتصف ريال مدريد. فاستطاع زيدان التغلب على هذا بمحاولة السيطرة على الكره بين أقدام لاعبي ريال مدريد لأطول وقت ممكن وحرمان لاعبي ليفربول منها حتى لو كان هذا بشكل سلبي.
ولكن أيضاً يجب علينا تقديم الشكر للثنائي ناتشو وميليتاو قلبي دفاع ريال مدريد اللذين استطاعا تعويض راموس وفاران، وفي مباريات في غاية الصعوبة، ولكن استطاعا التعامل مع تلك المباريات بشكل جعل جمهور ريال مدريد يضع الثقه بهما مرة أخرى ويطمئن بوجودهما. وبالتفاهم الذي حدث بينهما وبين الحارس كورتوا يمكننا تخيل أنهم ثلاثي اعتاد على اللعب معاً منذ بداية الموسم، على الرغم من أنها المرة الأولى التي يستمر فيها هذا الثلاثي في الملعب لعدة مباريات متتالية.
أيضاً فالفيردي الذي شارك بقدم متورمة واستطاع اللعب بالمسكنات وفي الرواق الدفاعي الأيمن الذي يعاني منه ريال مدريد من الإصابات والغيابات، ولكن استطاع تقديم مباراة دفاعيه بتقدير جيد جداً حتى قام زيدان بتغيير رائع بنزول أودريزولا ليعوض مكان فالفيردي في اليمين، ويدخل فالفيردي في منتصف الملعب ليعطي حيوية وحركة في منتصف الملعب استطاع ريال مدريد بها التحكم في المباراة.
ربما كل ما تم ذكره كنا نسيناه إذا استغل ليفربول فرصة واحدة من الأربعة "أهداف" الضائعة، والتي بطبيعة حال كرة القدم إذا لم تستطع استغلال الفرص ستنقلب عليك وحينها ستعطي الكرة الغلبة للفريق المنافس.
فعلى الرغم من الإمكانيات الفردية والأسماء الكبيرة لدى ليفربول، فإن الأداء الجماعي لدى مدريد أفضل وكان أكثر تأثيراً. فعلى الرغم من تألق صلاح في الفترة الأخيرة وكونه ما زال هداف الدوري الإنجليزي وأحرز ستة أهداف في دوري الأبطال، فإن مركز ليفربول في الدوري هو السادس وخرج ليفربول من دوري الأبطال. كذلك الدور الذي كان يفعله مانيه والمواجهات الفردية أمام المدافعين التي كان يفوز بها السنغالي دائماً، وأيضاً غياب طويل الأمد للبرازيلي فرمينيو بلا سبب.
وكذلك افتقدنا الضغط من لاعبي منتصف ليفربول على ريال مدريد، وهذا الذي كان يجب حصوله إذا أردت أن تفوز على ريال مدريد. ولكن استطاعت شخصية مدريد حسم تلك المباراة، وخبرة الفريق مكنته من التعامل مع تلك الضغوط. ولكن ما كان له التأثير الأكبر والتأثير الذي شاهدناه طوال هذا الموسم هو غياب الجماهير عن الأنفيلد، والذي جعلنا نرى ليفربول المرعب، الذي كان في الموسم الماضي فريق منتصف الجدول، فريقاً ثقيلاً في نقل الكرة، فريقاً أشبه بأجساد لاعبيين تحرك الكرة يميناً ويساراً ولكن بلا روح داخلهم، ولا قدرة على المنافسة والحرب.
بانتهاء المباراة انتهى موسم ليفربول كموسم صفري للنسيان، واستطاع ريال مدريد أن يستمر على المنافسة على الثنائية المحلية الأوروبية لهذا الموسم.
ومر الأسبوع الصعب على ريال مدريد دون تعثرات، فهل تستمر سيناريوهات كرة القدم في إبهارنا ونرى تعثرات لريال مدريد أمام قادش أو ريال بيتيس في الأسبوع الأسهل؟ هذا ما لا تأمله جماهير ريال مدريد وتتمناه جماهير المنافسين.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.