المغرب يتريث في المفاوضات والبوليساريو تؤجل ساعة الحسم.. هل تغيرت مواقف الأطراف؟

تم النشر: 2021/04/07 الساعة 13:23 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/04/07 الساعة 13:26 بتوقيت غرينتش

ليس صدفة أن يدعو كل من البشير مصطفى السيد من نواكشوط، ومحمد سالم ولد السالك من الجزائر، يدعوان إلى العودة إلى المفاوضات في نفس الآونة.

وفي نفس الوقت يطالب أيضاً وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم بدخول طرفي النزاع الرئيسيين، المغرب والبوليساريو، في مفاوضات مباشرة، بالموازاة مع الأنباء الرائجة حول محاولة وزير الخارجية الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد تدشين مساعي وساطة فيما بين الطرفين الرئيسيين، بعد استقبال الرئيس الموريتاني محمد ولد غزواني لوفد رسمي عن الجبهة.

أما المغرب فيعرب وزير خارجيته ناصر بوريطة بمناسبة افتتاح قنصلية السنغال بالداخلة، عن رفضه للتفاوض مع البوليساريو، مؤكداً على أن الطرف المعني هو الجزائر بالدرجة الأولى، كما يؤجل استقبال وزير الخارجية الموريتاني، بداعي الإجراءات الاحترازية المتخذة لمواجهة كورونا، وينظم في ذات الأثناء مناورات عسكرية مشتركة مع الجيش الأمريكي تشمل -وللمرة الأولى- مناطق داخل الإقليم المتنازع عليه، بالتزامن مع استكماله لمسلسل افتتاح قنصليات الدول الداعمة لسيادته على الصحراء الغربية في مدن الإقليم.

من جهة الجزائر، فرغم تأكيد رئيسها عبدالمجيد تبون على الموقف الجزائري التقليدي، والمتمثل في المطالبة في تنظيم استفتاء تقرير المصير، إلا أنه قصر في مقابلة تلفزيونية جهود حل النزاع على هيئة الأمم المتحدة، لكنه، وفي إشارة اعتبرها بعض المتابعين تغيراً في الموقف الجزائري الرسمي، أضاف أن "كل المقترحات قابلة للتداول في إطار البحث عن حل لقضية الصحراء الغربية"، ما يفهم منه أنه قبول ضمني بالتعاطي مع المقترح المغربي القاضي بمنح الإقليم حكماً ذاتياً.

أما موريتانيا التي لا تزال تتمسك بما تصفه رسمياً بـ"الحياد الإيجابي"، فتحاول أن تأخذ بزمام المبادرة بخصوص التوسط لدى بقية أطراف نزاع الصحراء الغربية، خاصة بعد مضي فترة كافية لاستكمال بلورة مواقف تلك الأطراف إزاء التطورات الميدانية المسجلة في المنطقة مؤخراً، حيث يدشن وزير خارجيتها زيارات مكوكية إلى كل من الجزائر، تونس، والمغرب، بالموازاة مع استقبال رئيسها محمد ولد غزواني لوفد رسمي عن جبهة البوليساريو.

لكن موريتانيا تبدو أقرب الى المغرب، باعتبار المواقف الضمنية التي عبرت عنها مؤخراً، فيما يتعلق التنسيق مع الجانب المغربي حول تأمين الأخير لمعبر الكركرات، رغم اعتراض البوليساريو على الخطوة الأمنية المغربية، إلى جانب إثارة الحديث إعلامياً في دوائر محسوبة على الجهات الرسمية في كلا البلدين حول قرب تنزيل اتفاقيات سبق توقيعها بينهما بخصوص تدشين معبر حدودي بري جديد يربط البلدين شرق إقليم الصحراء الغربية.

في المجمل، يبدو أن الأطراف قد دخلت في مرحلة تقييم فترة التصعيد العسكري والإعلامي الأخير في المنطقة، ففي حين يظهر اطمئنان المغرب لحصيلته الميدانية والسياسية، عبر تريثه في التعاطي مع الدعوات الرامية إلى العودة للمفاوضات، تؤجل البوليساريو ساعة الحسم عبر الركوب على الخطاب الشعبوي الحماسي إعلامياً، بالموازاة مع تهدئة الأوضاع الميدانية، رغم انكشاف هول خساراتها الاستراتيجية.

عموما تبدو الأطراف جميعاً غير جاهزة للدخول في مفاوضات مباشرة في الوقت الحالي، فرغم اختلال ميزان القوة لصالح أحد الطرفين، وتراجع أداء الطرف الآخر، إلى جانب الحديث عن تعيين وزير الخارجية البرتغالي الأسبق لويس أمادو كمبعوث أممي جديد خاص بملف الصحراء الغربية، إلا أن تباين وجهات النظر المعبر عنها من طرف الجهات المعنية بالنزاع، سيفرض مراحل تحضيرية مطولة لتقريب الأطراف، ودعم بناء الثقة، قبل الحديث عن أي إمكانية لإنجاح مفاوضات مباشرة فيما بينهم.

أما المستفيد من بقاء الحال على ما هو عليه فهو المغرب، الذي لا يزال يراهن على عامل الزمن، ويكرس وضع الاستاتيكو، من خلال توظيف المكتسبات الميدانية لتحقيق المزيد من الإنجازات العسكرية والتنموية، وجلب الاعتراف الدولي بسيادته على الإقليم سواء بشكل صريح من خلال القرارات المؤيدة له، أو عبر افتتاح التمثيليات الدبلوماسية، أو بشكل ضمني من خلال التفاهمات الاقتصادية والأمنية التي تشمل الإقليم.

ففي حين تخسر البوليساريو أهم الأوراق الاستراتيجية التي في حوزتها تباعاً، وفي مقدمتها ورقة إعلان الحرب التي ظهر للعيان انعدام فعاليتها، إلى جانب ورقة التهديد بغلق معبر الكركرات، التي استحالت إلى معبر مؤمن من طرف المغرب، وحديث عن اعتزام كل من المغرب وموريتانيا افتتاح معبر بري جديد بمنطقة آمكالا شرق الإقليم.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمد سالم عبد الفتاح
ناشط حقوقي
باحث سياسي وكاتب رأي
تحميل المزيد