تشويه سمعته وزرع كراهيته في نفوس الصغار والكبار.. كيف يقصي المجتمع أحد أفراده؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/04/06 الساعة 10:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/04/06 الساعة 13:24 بتوقيت غرينتش
iStock

من آلام الحياة القاسية، عندما ترى إنساناً مكروهاً من كامل محيطه، لا أحد يُحِبّه على الإطلاق، وعلى وجه الخصوص الأقارب والأهل. قد يكون ذلك الكره لحدة أسلوب هذا الشخص في المعاملة، أو قلة تلطيفه في الكلمات، أو عدم تصريفه في الأزمات.


لكنه قد لا يكون مستحقاً لكل ذلك الكره، وأن أصل المسألة ليس إلا نظرة خاطئة من بعض الأشخاص، أو تَتبُّعاً لكلمات الآخرين دون دراية أو سابق معاملة مع الشخص المكروه، أو دون تَبَحُّر وتدقيق عن تلك الكلمات التي قيلت عليه أو عليها.

وإننا لو اقتربنا من هذا الشخص وبحثنا في شخصيته لوجدنا بداخله إنساناً يمتلئ بالقلب الطيب، والحنان الوفير، والرأفة الكثيفة، والحُب المُخلص، والمسامحة الصادقة، والعطف الزائد، والرقة الحافلة. ولكنَّهُ لا يدري أو يعرف كيف يستخدم تلك الثروات الكامنة بداخله، ولا يعرف أن يتحدث بالكلمات الجميلة اللينة.
وقد لا يَسلُك في حياته غير مقولة (ما في قلبه على لسانه) لا يعرف المجاملات أو المناورات. ومن الممكن أنه لم تتح له الفرصة للتحدث بالكلمات الطيبة الجميلة؛ لأنه لا يجد غير الكره والظلم، فيزداد قسوة.

فتجدهُ مظلوماً دائماً بالسمعة غير الطيبة، والفعل غير الحسن، والأهل والأقارب هُم أول من يتهمون ويُوجهون له تلك الاتهامات، بل ويُحذِّرُونَ الأطفال والكبار منهُ. ويُنبهون دائماً إلى عدم الاقتراب منهُ. ويكشفون كُل العبارات السيئة أمام الجميع، ويتجاهلون ما كان حسناً، إلى أن يُنَفِّرُوا جميع الناس منهُ، ولا يجد أحداً يُحِبّهُ؛ فيشعر بعدم رغبته عند البشر، فيتجه هذا الشخص المظلوم إلى العزلة واعتزال البشر حتى يصل بهِ الحال إلى الابتعاد عن أقرب الناس لهُ، بل ويبتعد بدون عودة فيكتفي بحياته الشخصية وجُلوسه وحيدًا، فيخرُج وحيدًا، ويأكُل وحيداً، ويعيش وحيداً، ويحزن وحيداً، ويبكي وحيداً، ويفرح وحيداً، لا أحد معهُ، إلا أنَّ الوحدة وحُب الوحدة قد تمكنت من قلبه ولا يُريد سِواها.

فيعيش هذا الشخص حياةً مُكدرة، مليئة بالأحزان والأوجاع والهموم، لأنه لم يجد من يقترب منهُ وَيعرِف ما بِدَاخِلِهِ، أو ما في خاطره، أو ما يقصده. ولكن الجميع اتجه ونظر إلى ما كان ظاهراً من سوء قليلاً، وترك وتجاهل ما كان باطناً من رقة وحنان وطيبة وحُب كثير، بل وتدنست حياته من هؤلاء الأشخاص بالكلمات السيئة عليه ولهُ. فيعيش وحيداً، وإلى أن يموت يبقى وحيداً حتى ولو قدمَ لهُ الحُب بعد ذلك من العالم أجمع. 

فإني أقوال لهؤلاء الأشخاص، والله إنكم لم تخسروا أو تنقصوا شيئاً في حياتكم، بل قد اكتسبتُم أرواحكم وقلوبكم، واستراحة عقولكم من عالم منافق لا يسودهُ غير النفاق والخداع، وكُل من كان مساهماً في الظلم والارتياب لكم، لا تقلقوا، فإن الله يُمهِل ولا يُهمل وعند الله تُرد الحقوق وتُكشف الحقائق.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

وليد حجاج
كاتب ومدون مصري
كاتب ومدون مصري
تحميل المزيد