بِكُرَة من نوع جديد وبقليل من الشكر الواجب للحكم المساعد "على غير ما تعودنا من القارة الإفريقية" يستطيع المنتخب المصري بشكل أو بآخر الصعود إلى كأس أمم إفريقيا قبل مباراة الصراع على الصدارة أمام جزر القمر في التاسع والعشرين من مارس الجاري.
وفي بداية أول تحديات المدرب المصري حسام البدري استطاع الخروج بالتأهل من مجموعة انتهت بلا مفاجآت كما كان متوقعاً ليستمر لعام ونصف دون أي هزيمة في ولايته مع المنتخب المصري ولكن.. ما قدر الإنجاز الذي فعله البدري بعدم الهزيمة أمام جزر القمر وبوتسوانا وتوجو وكينيا؟
فإذا بدأنا بشكل أو بآخر تحليل أداء المنتخب المصري إذا اعتبرنا أن لمس الكرة بضع مرات حتى وصولها المرمى يصح أن نقول عنه "أداء"، فبالمباراة الأخيرة أمام كينيا لم نرَ إلا كلاسيكيات حسام البدري الذي يؤمن دائماً بمبدأ "الفوز في الملعب والمتعة في السيرك"، فبالرغم من إحرازك هدفاً في الدقيقة الثانية عن طريق بعض المهارات الفردية بتمريرة ذكية من محمد صلاح تبعتها نظرة جيدة لمحمد هاني فمهارة فردية من محمد مجدي قفشة استطاعت أن ترفع التوقعات والمعنويات بنتيجة ضخمة للمنتخب المصري في أراضي نيروبي الخضراء، إلا أنها كانت التسديدة الوحيدة على مرمى الحارس طوال المباراة.
وإذا حاولنا إعطاء المدرب المصري حقه أيضاً فما كان في الملعب لم يكن فقط أخطاء للمدرب، بل كانت هنالك بعض العوامل التي جعلت الأمور صعبة على منتخب مصر، خصوصاً في المشكلة الكبرى التي صاحبت اللاعبين في الأعوام الماضية، وهي عدم التجانس بين اللاعبين في خط الوسط وخط الهجوم، خاصة أن المنتخب المصري حالياً يمتلك أسماء لم يمتلك مثلها في آخر خمسة أعوام، فأن تمتلك كل هؤلاء اللاعبين المحترفين شيء يضع لك هدفاً في مرمى الخصم قبل بداية المباراة وعدم استغلال هذا يعد شيئاً يعاقِب عليه المشجعون.
وإذا نظرنا لنقاط قوة المنتخب المصري فلا بد أن نتكلم عن محمد صلاح أيقونة الكرة المصرية ونصف القوة الهجومية للمنتخب المصري الذي حاول الخروج من المباراة السهلة بأقل خسائر ممكنة، وهذا شيء يمكن تبريره، فيمكننا تخيل طبيب الألماني يورغن كلوب يوصي صلاح بالبعد عن الإصابات لأن قلب يورغن كلوب لم يعد يتحمل المزيد.
فكان صلاح الحاضر الغائب ولكن لم نشهد أي فرصة للخطورة أو حتى محاولة لإحساس المنافس بالخطورة إلا كان لصلاح دور فيها بشكل أو بآخر حتى مع غياب تريزيجيه لاعب أستون فيلا الإنجليزي وارتباط اسمه بفقدان الكرة طوال المباراة.
ولا ننسى أيضاً أن مما أدى إلى اختفاء صلاح بل وباقي الخط الهجومي هو فقدان خط وسط المنتخب المصري التجانس بل وعدم وجود رؤية محددة للخروج بالكرة من الدفاع إلى الهجوم، فلا نعرف إن كان الأصل في تعليمات المدرب إرسال كرات طويلة لاستغلال قدرة مصطفى محمد لاعب جالطا سراي في الرأسيات، أم بناء اللعب من خط الوسط، أم حتى استغلال الأطراف التي استطاع المنتخب إحراز هدفه الوحيد منها.
ولم تقف مشاكل المنتخب المصري عند خط الوسط والهجوم، حيث أبى لاعبو خط الدفاع أن يخرجوا بلا انتقادات مؤمنين بالمساواة بين اللاعبين وبين الجهاز الفني.
فإذا كنا تحدثنا عن نقص في التجانس بين لاعبي خط الوسط والهجوم فلم يكن هناك تجانس أصلاً بين أحمد حجازي والونش وحتى بينهم وبين محمد الشناوي حارس المرمى، فشاهدنا في عديد من المرات إما خروجاً خاطئاً لم يفهمه المدافعون للشناوي أو انتظار لخروج لم يحدث.
ويمكننا أن نرى انفعال الشناوي وتعليماته التي تكررت لخط الدفاع بأكمله بل ولخط الوسط أيضاً، وهذا يجعلنا نضع علامة تعجب واستنكار بل واختراع علامات جديدة عن دور الإدارة الفنية في تفهم تلك الأخطاء ومحاولة علاجها، حيث إنها أصبحت تتكرر كثيراً على مدار عام ونصف بل وقبل هذا أيضاً.
من جانب آخر لا يمكننا إهماله، فتلك المشاكل لم تكن أبداً مؤثرة في نتائج المنتخب المصري وحصوله على ورقة التأهل إلى النسخة الثالثة والثلاثين من البطولة الأولى لكرة القدم في إفريقيا، ولا يمكننا أن نتغاضى عن ظهور بعض الأداء التكتيكي وظهور المنتخب الوطني بشكل أفضل مما ظهر عليه في بداية التصفيات.
لذلك يظل حسام البدري واحداً من أبرز الأسماء التدريبية في مصر ويمكن أن نعده أفضل مدرب مصري في الوقت الحالي، ويمكننا إعطاء الفرصة منتظرين المزيد منه في الفترة القادمة قبل التفكير في تغيير الجهاز الفني، خصوصاً أن المصريين ما زالوا متعطشين لبطولة تروي ظمأهم المستمر منذ 11 عاماً لم يتذوقوا فيها طعم الفوز بالبطولة الإفريقية.
وعلى الرغم من عدم وجود ثقة كبيرة بين الشارع المصري فإن حسام البدري ما زال لديه الكثير ليقدمه مع المنتخب المصري في الفترة القادمة، وما زال هناك من العناصر المصابة أو الغائبة عن المعسكر الحالي ما يمكن المنتخب المصري من الظهور بشكل يرضي الجماهير ويعبر عن الكرة المصرية بشكل أفضل مما ظهرت عليه مؤخراً.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.