كلنا نحب تناول الحلوى، وكثيرون يخشون آثارها الجانبية، وبإمكاننا الاستمتاع بحلوى من نوع خاص، تمدّنا بمكاسب رائعة تنير وجوهنا وقلوبنا وعقولنا وتضاعف أعمارنا وتمنحنا السلام النفسي؛ وهو أوكسجين الصحة النفسية وبدورها تؤثر إيجابياً على صحة الجسد.
نبدأ بالابتسام لأنفسنا وللناس، فاختيار الابتسام يكسر دوائر التفكير السلبي التي تنهكنا وتسلب منا إرادة النهوض بحياتنا وتزرع الانهزامية وترشحنا -لا قدر الله- لإخفاقات نصنعها بأيدينا.
يفرز المخ عند الابتسام هرمون الأندروفين الذي يحسن المزاج ويجعلنا أكثر رغبة في التعامل برفق مع النفس ومع الجميع، ويزيد قدراتنا في التعامل مع ضغوط الحياة التي تحاصرنا جميعاً.
مكاسب تستحقها
أثبتت الأبحاث النفسية تأثير الاحتضان على من يقدمه ويستقبله، فيمنحنه سعادة لطيفة. فلتمنح نفسك حضناً جميلاً من آن لآخر كما تفعل مع من تحب، فأنت تستحق الشعور بالحب والحنان الذي تعطيه للآخرين، أليس كذلك؟
ولا تنس احتضان أفراد أسرتك بود يذيب أي آثار لمضايقات لا تخلو منها أي حياة مشتركة بالكون، مع ابتسامة حب وتمنيات صادقة وجميلة بحياة أفضل وسيردون بالمثل ولو بعد حين أو ستقل المشاحنات؛ وهذا مكسب يستحق الاهتمام بالفوز به.
يعد المدح من "الحلوى المنسية"؛ فكثيراً ما نركز على الجانب السلبي في النفس وعند الآخرين وننسى أو نتناسى الثناء والمديح على التصرفات الجيدة. بل ونتذكر كثيراً عند لحظات الفوز أو النجاح ما ينقصنا وينقص من نجح، ونتذكرها أو نذكره بها وكأننا نبخل على أنفسنا وعليهم بالاستمتاع ببعض الثناء الخالص بلا أي كلمات تعكر صفوه وتنتقص منه. مع أنه – أي الثناء- يذيب الوجع ويشجع بلطف وبنعومة على صنع انتصارات أوسع وأجمل، بينما الكلمات المحبطة تزرع الضيق وتقلل البراح بالقلب وتنتقص من الرغبة بالتقدم في الحياة وصنع الأفضل وتزرع الغضب المكتوم في العلاقات والذي يتراكم ويفسدها ولو بعد حين.
رضا وذكاء
نصل لحلوى متفردة؛ وهي التفاؤل -بلا مبالغة- فهي تمنح صاحبها بريقاً ووهجاً متفرداً، وتضاعف من استعداده لبذل الجهد ويثابر لأنه يوقن أنه سيفوز بأفضل توقيت بما يعوض هذا الجهد، ويجعله مهراً عادلاً فيدفعه برضا يزيد ولا ينقص.
أما التسامح الذكي مع النفس ومع الآخرين فهو حلوى الأذكياء فقط، لأنهم يحافظون على عقولهم ويمنعونها من الاحتفاظ بشوائب الغضب التي تعطل عمل العقل وتحرمه من الإنشغال بما يضيف إليه من مهارات لا غنى عنها للنجاح بالحياة ولمنع الخسائر أو تقليلها ما استطعنا.
من يفوزون بالتسامح يحرمون الغل من الاقتراب منهم، فينعمون بقلوب صافية ما يرشحهم للسعادة الحقيقية؛ فبدون صفاء القلب لا يعيش الإنسان سعيداً.
نقصد بالتسامح الذكي الذي يجعل المخطئ يعترف به ويعتذر بصدق ويتعهد بعدم تكراره، مع مراقبة ذلك بذكاء وبدون تحفز.
وسع حياتك
من الحلوى التي يندر الاستمتاع بها حلوى الامتنان والشكر لما لدينا من نعم وتذكر ذلك دوماً وخاصة عند بداية اليوم وقبل النوم. ففي الأولى تتسع الحياة عندما تمتلئ بالشكر، فتسمح للزهوة والحيوية بالانتشار في عقل وقلب صاحبها وتساعده على بدء يوم بنفس مرتاحة، وتجعله متحمساً بقوة لتجاهل المنغصات البسيطة وتجاوزها بسرعة وكراهية التوقف عندها والتعامل معها وكأنها كارثة لا تحتمل، فيساعده على التعامل بإيجابية في يومه.
من يختار الامتنان قبل النوم يمنح نفسه نوماً هادئاً يساعده على تجديد خلاياه فيصحو باليوم التالي نشيطاً هانئاً، بعكس من يفكر بما ينقصه ويغضبه قبل النوم. فإذا به بدلاً من أن يمنح نفسه حلوى الشكر يعطيها سموماً تجعل نومه عذاباً، واجهاداً للعقل والجسم فيصحو ويبدأ اليوم منهكاً وغاضباً يفتش عمن يلقي بوجهه بغضبه؛ وبالطبع تأتيه المشاكل وتفسد يومه، فلن يرد أحد على الغاضب بالورود.
امنع التراجع
من أجمل الحلوى وأذكاها، الطموح. بدونه لا معنى للحياة، ويتعدى الطموح النجاح في الدراسة والعمل كما يعتقد كثيرون. فلابد أن يشمل التخطيط والسعي لصنع حياة جميلة ورائعة في كل تفاصيلها بما في ذلك "الرفاهية الروحية" والصحة النفسية والجسدية واللياقة البدنية والرشاقة والمظهر الجميل والعلاقات الاجتماعية الناجحة. وكذ إغلاق كل نوافذ وأبواب التراجع أولاً بأول لأننا لن نعيش إلا مرة واحدة ونستحق أن تكون ناجحة وجميلة ومميزة وتليق بنا وليس نسخة من حيوات الأخرين أليس كذلك؟
ومن الحلوى التي يظن الكثيرون أنها لإفادة العقل فقط لكنها تفيد الصحة النفسية والجسدية كثيراً كل وسائل الاسترخاء والتأمل والرياضة البدنية واليوغا والتاي تشي.
اصنع سلامك النفسي
يبدد الاسترخاء التوتر وهو (منبع) الخسائر النفسية والجسدية -حفظكم ربي- ويمنح صاحبه سلاماً نفسياً يلقي بآثاره النافعة على النفس والجسد، وأسهل طريقة له بإغماض العين والاستلقاء على الفراش أو على السجادة مع المباعدة بين الرجلين وإراحتهما بلطف ووضع الذراعين على بعد من الجسم مع فتح كفي اليد ووضع باطنهما على الأرض، ثم إغلاق الفم بهدوء والتنفس بهدوء ولطف من الأنف فقط، والتركيز على إزالة التوتر من كل من أجزاء الجسم بدءا من القدمين وانتهاءً بأعلى الرأس مروراً بالظهر والكتفين والرقبة.
وعند الانتهاء منه لا تنهض مباشرة بل تستدير بلطف شديد مع إغماض العينين على الجانب الأيمن وتظل عليه قليلاً ثم تنهض بهدوء وتجلس وتضع الكفين على الركبتين بلطف وتوجيه باطن الكفين لأعلى، وتنتظر قليلاً ثم تدلك اليدين ببعضهما برفق حتى تشعر بالدفء ثم تضعهما على العينين قليلاً وبعدها تفتح العينين بهدوء وتكرر ذلك يومياً وستلاحظ الفارق والتحسن النفسي ومن ثم الجسدي.
أما التأمل؛ فأسهل أنواعه التركيز على التنفس من الأنف فقط ويمكن فعله مع إغماض العينين والجلوس باعتدال واستقامة الظهر وإراحة الكتفين أو موضع الاستلقاء مع مواصلة التنفس من الأنف فقط وإغلاق الفم وستشعر براحة وابتسم لتزيد الفائدة وتستطيع ترديد -بذهنك فقط وليس بالصوت- مثلاً الحمد لله فستحس بفائدة أعظم..
اهتم بنفسك
وأهمية ممارسة الرياضة البدنية ليس للفوز باللياقة البدنية فقط ولكن أيضاً لتحسين المزاج وإفراز هرمونات تساعد في مواجهة متاعب الحياة وتسعدنا وترضينا؛ لأننا نخصص وقتاً للاعتناء بأنفسنا ونرفض أن نكون (آلة) تجري في الحياة ونفتش عما يسعدنا..
وتوفر اليوغا والتاي تشي اللياقة الجسدية مع إراحة العقل منحه فرصة للهدوء، ولا تنس حلوى الاهتمام بمظهرك داخل البيت –والكلام للجنسين- وألا يقتصر اهتمامك على مظهرك خارجه؛ فمظهرك الجميل بالبيت يمنحك سروراً لطيفاً فتذكر ذلك دوماً.
هواية ومكافآت
يتجاهل كثيرون -من كل الأعمار- حلوى جميلة وكأنها (ترف) لا يجب علينا ممارسته؛ وهي ممارسة الهوايات وتخصيص وقتاً أسبوعياً لها، مع أن الواقع والدراسات يؤكدان أنها (ضرورة) لاستعادة الشغف والحيوية والزهوة وملء حياتنا بهم أولاً بأول بعد تناقصهم بسبب انغماسنا الزائد في الهموم الحياتية..
ولنتذكر أهمية حلوى مكافأة النفس عند أي تقدم بالحياة ولو كان قليلاً؛ ليس لنكتفي به (ونخذل) أنفسنا بالادعاء بأن ليس بالإمكان أفضل مما هو كائن؛ فدوماً هناك الأحسن؛ ولكن لنشعر بالرضا الجميل عن النفس وبالمزيد من تقدير النفس الإيجابي؛ الذي يمنحنا الشبع النفسي ولا يجعلنا نبحث عن التقدير خارج ذواتنا، ويحفزنا تحفيزاً داخلياً لنواصل التقدم وأثبتت الدراسات والواقع أن هذا أفضل أنواع التحفيز؛ فلا تحرم نفسك منه أبداً.
ولا تنس حلوى استراحة محارب بعد كل مرحلة تجتازها (لتتنفس) الفرح بما اجتزته من صعاب وبما فزت به من مكاسب ولتتعلم من خبراتك ولتزيح غبارات المرحلة وتجدد نشاطك وحيويتك ولتصنع براحاً جميلاً يزيد دوماً ولا ينقص.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.