سألتها: مما أنت خائفة؟
أجابت: كيف سأعيش بلا رجل؟!
قالت أمها مقاطعة: أنا متزوجة منذ ثلاثين عاماً كان فيها من المشاكل الكثير ولكن أصبحت الحياة مستقرة الآن، فلا تقنعيها بالطلاق.. نحن لا نطلّق بناتنا.
"نحن لا نطلّق بناتنا!".. ثلاثون عاماً من عمر تلك الأم لم تكن كافية لتغيير مفهوم الطلاق في عقلها، ثلاثون عاماً من عمرها أمضتها بحثاً عن مبررات لكل تصرفات زوجها ممزوجة بإنهاك نفسي وجسدي وعقلي بحثاً عن الاستقرار، فقط، حتى لا تصبح مطلقة! ولكن كم ثلاثين عاماً يوجد في العمر لنضحي بها؟! وهل حقاً كانت التجربة تستحق كل ذلك العناء!
توقفت للحظات مع تلك الأم وحكايتها وراودني تساؤل حول "نحن لا نطلّق بناتنا!" عندها أدركت أنه الخوف وحده هو سيد الموقف هنا، نعم، فالأم كانت تشعر بالخوف من أن يوضع بجانب اسم ابنتها في خانة الحالة الاجتماعية كلمة مطلقة، والابنة كانت خائفة من كل ما هو قادم؛ فكيف ستسير الحياة بلا رجل؟!
لذا كان عليّ أن أقول:
عزيزتي المرأة
إن كنت تخافين من الطلاق بسبب عدم قدرتك على الوقوف وحدك في وجه المجتمع فلتعلمي أن المجتمع لن يشاركك لحظات انكسارك وألمك في حنايا بيتك المهشّم، ولن يكون حاضراً إن سقطت صريعة للضغوط النفسية والتوترات التي قد تقودك للجنون أو الرغبة في التخلص من حياتك بسبب كثرة التفكير والبحث عن الحلول ولكن بلا فائدة، لذا إذا شعرت بأنك أصبحت منهكة من كل ما تمرين به والحياة باتت مستحيلة.. فتطلقي!
إن كنت تخافين من عدم قدرتك على الطلاق بسبب الظروف المادية فلتعلمي أنه لا وجود لأي ضمان لاستقرار الرجل مادياً فهو أيضاً قد يتعرض لظرف يسبب له الانهيار الاقتصادي فجأة، لذا لا تصدقي كل ما أوهموك به بأنه لا يمكنك أن تسندي نفسك بعد الطلاق، ولتعلمي أنك تستطيعين النهوض بمجرد أن تضعي لنفسك خطة مدروسة لاستكمال حياتك والبحث عن فرصك المتاحة ضمن إطار اهتماماتك فالاستقلال المادي ليس مجرد فكرة مرهونة بالطلاق بل أنت بحاجة لأن تكون مستقلة مادياً بغض النظرعمّن يحيط بك من رجال؛ والدك أخوك أو حتى زوجك، وبغض النظر عما أنت عليه؛ عزباء، متزوجة أم مطلقة. ورغم كل الخوف الذي سيعتريك لحظة خروجك من تحت مظلة الرجل المادية لا تقلقي فإن بذلت جهدك ستجدين فرصتك مهما طالت مدتها ولربما تجدين ذاتك واستقلالك في طلاقك، لذا إن كان ثمن رضوخك المادي للرجل هو استقرارك النفسي.. فتطلقي!
وأما إن كنت تخافين على أبنائك من الطلاق وتبعاته وآثاره النفسية عليهم فلتعلمي يا عزيزتي أن أبناءك سيدفعون ثمن انكسارك أمامهم ألف مرة، وأنهم سيعانون من صورتكما المشروخة أنت ووالدهم ألف مرة، وسيصبحون ضحية للعقد النفسية التي ستنمو في داخلهم فإما يرفضون واقعهم بتمرد، وإما يتقوقعون في أنفسهم منفصلين عن الواقع هروباً مما يحيطهم، لذا إذا شعرت بأن أبناءك سيكونون ثمناً لزواج مهترئ خالٍ من مقومات الزواج الصحيحة والاحترام المتبادل.. فتطلقي!
وأما إن كنت تخافين من لقب "مطلقة" وخوف جارتك المتزوجة على زوجها منك لأنك "مطلقة" فلتعلمي يا عزيزتي أنها ستخاف منك حتى وإن كنت متزوجة، فالمشكلة ليست أنت بل المشكلة أزمة ثقة بين الأزواج لا أكثر، ولا تقلقي ليس اللقب وحده سيكون عائقاً فبكل الأحوال أنت عائق لمجرد أنك امرأة! ولكن إن شعرت بأن حريتك ستكون مقيدة بكلمة مكونة من خمسة حروف فتطلقي ليس لأنك تبحثين عن حريتك فقط بل لأنك تبحثين عن نفسك التي قد تسقط منهارة في قلب ظروف لا يعرفها سوى أنت وجدران بيتك المصمت!
ولكم جميعاً أعزائي فلتعلموا أنني لم أكن يوماً نسوية ولا حتى متابعة لحركة الفيمينزم ولكنني أعلم أن لكل حقه أن يحيا براحة ممزوجة بالحرية، ففي الحياة تعلمت أن اليوم الذي يمضي لا يعود ثانية.. لذا حتى أنت عزيزي الرجل إن كنت تعلم أنك منهك في زواج مهترئ فطلّق!
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.