التحرش بطفلة وإلقاء سيدة من أعلى منزلها بعد الشك في ممارستها الرذيلة وتصوير متحرش بالمترو، أحداث تصدرت اهتمام المواطن المصري خلال الفترة الماضية، ويبدو أن هذا الاهتمام نابع من وجود "الجنس" في هذه القضايا وهو من أكثر ما يمكن أن "تثير" به الرأي العام دوماً في أي دولة في العالم حتى دول العالم الأول.
تلك الأزمات الاجتماعية وقبلها أزمة فتيات التيك توك وخلع الحجاب والتمرد على الأعراف والدين وظهورها على السطح بهذه الفجاجة، لهي جرس إنذار لمجتمع على شفا الانهيار الجماعي نتيجة تجمع أزمات اقتصادية وسياسية ودينية وأخلاقية وتراكمها خلال الفترة الماضية.
بالإضافة لتصارع تناقضات داخل المجتمع ما سيؤدي في النهاية لظهور "شرطة الأخلاق"، وفي نفس الوقت حالات من التمرد الجماعي على الأعراف والقيم والتقاليد، وهو ما ظهر جلياً في قضية "طبيبة السلام".
طبيبة السلام وشرطة الأخلاق
قصة طبيبة السلام تكررت كثيراً في العقود الماضية، وتتكرر بشكل أكبر في المناطق الشعبية والأرياف، حيث يصبح المواطنون بديلاً للشرطة ويقومون بعملية ضبط وإحضار للاشتباه في سلوك معوج لذكر أو أنثى.
وتجد شرطة الأخلاق والتعامل العرفي بشكل أكبر كلما غابت قبضة القانون والدولة التي تركز اهتماماتها عالياً على الأمن السياسي وتأمين المناطق الهامة في الجمهورية.
تبدأ القصة في شك صاحب العقار وعدد من السكان في سلوكها فيقومون باقتحام منزلها، ثم يحدث شجار تسقط السيدة على إثره من شرفة منزلها وتموت، ويتهمها المقتحمون بأنها انتحرت خوفاً من الفضيحة.
وكشفت تحقيقات نيابة السلام في حادث مصرع طبيبة السلام عقب سقوطها من شرفة منزلها بالطابق السادس، أن المجني عليها كانت ترتدي ملابسها كاملة، وشك المتهمون في سلوكها نظراً؛ لأنها تعيش بمفردها في الشقة، فتعدوا عليها بالضرب المبرح، وأمرت بحبس 3 رجال 4 أيام على ذمة التحقيق لاتهامهم باقتحام شقة طبيبة والتعدي عليها بالضرب ما تسبب في سقوطها من الطابق السادس ومصرعها.
حتى لو كانت مشكوكاً في سلوكها
أذكر لكم قصة قصيرة حول رأي الشرع في تتبع عورات الناس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي قصة تحسم الجدل فبطلها هو سيدنا عمر بن الخطاب، ممثل السلطة الدينية والسياسية معاً وممثل سلطة الضبط والنهي عن الموبقات والمتهم فيها، رجل ثبت بالدليل شربه الخمر والاستعانة براقصة في ليلة حمراء وتم ضبطه متلبساً في منزله فماذا حدث!
القصة المذكورة مشهورة الذكر وممن ذكرها السيوطي في جامع الأحاديث، كما ذكرها علاء الدين المتقي في كتابه كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال.
"خرج عمر بن الخطاب يوماً فرأى ضوء نار وكان معه عبد الله بن مسعود فتبع الضوء حتى دخل الدار فوجد سراجاً في بيت فدخل، وذلك في جوف الليل فإذا شيخ جالس وبين يديه شراب ومغنية فلم يشعر حتى هجم عليه عمر، فقال: ما رأيت كالليلة منظراً أقبح من شيخ ينتظر أجله.
فرفع رأسه إليه فقال: بلى يا أمير المؤمنين ما صنعت أنت أقبح تجسّست وقد نُهي التجسس، ودخلت بغير إذن. فقال عمر: صدقت ثم خرج عاضاً على ثوبه يبكي، وقال: ثكلت عمر أمه إن لم يغفر له ربه. نجد هذا كان يستخفى به من أهله فيقول الآن رآني عمر فيتتابع فيه، وهجر الشيخ مجلس عمر حيناً، فبينما عمر بعد ذلك جالس، إذ جاءه شبه المستخفي حتى جلس في أخريات الناس فرآه عمر فقال عليّ بهذا الشيخ.
فأُتي فقيل له أجب فقام وهو يرى أن عمر سيؤدبه بما رأى منه. فقال عمر: أدن مني فما زال يدنيه حتى أجلسه بجانبه ثم أسرّ إليه وأقسم بأنه لم يخبر أحداً من الناس بما رأى حتى عبد الله بن مسعود الذي كان معه، فأجابه الشيخ في أذنه أيضاً فقال: وأنا والذي بعث محمد بالحق رسولاً ما عدت إليه حتى جلست مجلسي هذا فرفع عمر صوته يكبر وما يدري الناس لم يكبر؟".
تلك القصة من تراثنا تؤكد أن حرمة البيوت مستثناة من قرارات محاربة سوء الخلق وأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو سلطة الحاكم، والهدف منها مكافحة المنكرات في الشوارع والأماكن العامة والأماكن التي تخضع لسلطة الدولة، وليست ملكية خاصة كالمنازل أو ما نسميه "فعل فاضح في الطريق العام".
وتلك القصة تناقض ما يفعله بعض المواطنين من مكافحة "الرذيلة" برذيلة أخرى، وهي التطفل والتجسس واقتحام البيوت.
قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ﴾ [النور: 27،28، 29].
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: "كنت جالساً في مجلسٍ من مَجالس الأنصار، فجاء أبو موسى فزعاً، فقلنا له: ما أفزعك؟ فقال: أمرني عمر أن آتيَه فآتيتُه، فاستأذنتُ ثلاثاً، فلم يؤذَن لي فرجعت، فقال: ما منعَك أن تأتيَني؟ فقلت: قد جئت فاستأذنت ثلاثاً فلم يؤذن لي، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فلم يؤذَن له، فليرجع)، فقال: لتأتينِّي على هذا بالبينة أو لأعاقبنَّك، فقال أبيُّ بن كعب: لا يقوم معك إلا أصغرُ القوم، قال أبو سعيد: وكنتُ أصغرَهم فقمتُ معه، فأخبرت عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال ذلك".
تلك الأدلة تثبت أن ما تم فعله لا يجوز، فالشرع يحرم التجسس وتتبع العورات ما دامت ليست أمام الناس، ويحرم اقتحام البيوت لمن لا يملك سلطة شرعية لهذا، ويحرم الاتهام بالزنا دون مشاهدة فعل الزنا من 4 شهود وإلا يكون الاتهام مبتوراً.
وحتى لو كان المتهم يفعل الفاحشة فجريمته يجب مكافحتها لو جاهر بها وتبجح وجرح مشاعر الناس، ولا يجوز لنا أن نقتحم البيوت المغلقة على أهلها.
المجتمع والفهم المقلوب للأخلاق
مع تفشي الرذائل وفقد الآباء السيطرة على أبنائهم وتفشي مشكلة المواقع الإباحية والتحرش وخلع الحجاب وغيرها من الظواهر أصبح المجتمع وخصوصاً الكبار في السن يصبون جام غضبهم على قضايا فرعية لإرضاء ضمائرهم.
مثلاً التفاعل الواسع مع قضية متحرش المعادي وادعاء المجتمع البراءة وكأن المتحرش هو فقط من يقهر الأطفال ومن يتحرش، بينما هناك ظواهر مرعبة وما يفعله متكرر بشكل بشع ولكن لا توجد كاميرات صورت.
وهو ما فعله المجتمع أيضاً في قضية طبيبة السلام، تنديد وغضب على مواقع التواصل لفعل يتكرر أمامنا أيضاً حتى في الأفلام والمسلسلات دون إدانة لتلك المشاهد في مواقف أخرى.
فبينما يرفض البعض مشهد صعود ذكر لشقة أنثى تجلس بمفردها يشاهد نفس المشهد بفجاجة ووضح أكبر في الأفلام المصرية دون رفض أو استهجان.
بينما يغفل المجتمع عن مهمته الرئيسية وهي تنشئة أبنائهم على الدين والأخلاق ومراقبة أفعالهم ومحاولة حمايتهم من تلك الحالة الفوضوية التي نتجت بسبب تفشي الإنترنت والهواتف الذكية وغيرها.
إن حب التحكم في الغير هو شهوة مثل باقي الشهوات والسلطة وحتى لو كانت سلطة قاصرة مثل سلطة صاحب العمارة الذي اقتحم شقة سيدة المعادي هي محاولة لقهر الآخر تحت شعار ديني بدلاً من مواجهة مشاكل المجتمع الأكبر هي محاولة لإرضاء النفس بأفعال صغيرة وتسكين لشعور داخلي بالتقصير.
لو انشغلت كل أسرة بتربية أبنائها والنهي عن المنكر في محيطها الضيق بدلاً من التسلط على أطراف أخرى لا نصلح المجتمع مليون مرة أكثر من كسر باب شقة سيدة عزباء صعد لها رجل.
متحرش المعادي.. جرس إنذار للمجتمع
غضب عارم ومطالب بإعدام أو إخصاء متحرش المعادي محمد جودت وتريند سيستمر لأيام فقط ثم تتوه الحقيقة وسط ركام الزيف.
الحقيقة المرعبة الوحيدة أن آلاف أطفال الشوارع يتعرضون يومياً للاغتصاب والقتل والخطف بغرض بيع الأعضاء وإذا كان حظهم جيداً سيقعون في قبضة الأمن الذي سيرحلهم لدور رعاية رديئة يتعلموا فيها كل الموبقات ويمارسون فيها الفواحش وينهار فيها ما تبقى من قيم نتيجة إهمال الدولة والمجتمع.
إن حال أطفال الشوارع والمشردين في مصر لهو من أسوأ أحوال العالم، فهم يقعون بين مطرقة المجتمع وسندان السلطة ويتم هرسهم مثل بقية المهمشين في طاحونة القسوة والزيف التي تنتشر في مصر.
عدد أطفال الشوارع
ما بين إحصائيات الدولة المقللة للعدد والتي تعتم على الظاهرة وبين إحصائيات دولية وحقوقية تكشف أن تلك الأزمة متفجرة يظل المجتمع حائراً.
ففي 2014 فجّرت الأمم المتحدة مفاجأة أن عدد أطفال الشوارع في مصر فقط وصل إلى 2 مليون طفل، وأن عدد أطفال الشوارع في العالم وفقاً لإحصائيات الأمم المتحدة بلغ 150 مليون طفل.
وبلغ عدد الأطفال العاملين بمصر 2,8 مليون طفل، كما بلغ عدد المتسربين من التعليم من إجمالي سكان مصر إلى 2 مليون و122 طالباً.
وقسمت منظمة اليونيسف أطفال الشوارع إلى 3 فئات، الفئة الأولى "قاطنون في الشارع"، وهم الذين يعيشون في الشارع بصفة دائمة، والفئة الثانية "عاملون في الشارع"، وهم أطفال يقضون ساعات طويلة يومياً في الشارع في أعمال مختلفة، مثل "التسول"، أما الفئة الثالثة "أسر الشوارع" فهم أطفال يعيشون مع أسرهم الأصلية في الشارع.
وتتطابق دراسة اليونيسف مع دراسة أعدها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر عدد أطفال الشوارع بنحو مليوني طفل.
في وقت يقدر فيه المجلس القومي للأمومة والطفولة في عام 2014، أن هناك نحو 16 ألفاً من أطفال الشوارع في جميع أنحاء البلاد.
لم تخرج للنور إحصائيات أخرى منذ تولي السيسي الرئاسة عام 2014 بالتزامن مع حملة شرسة على منظمات مجتمع مدني كانت تقوم برعاية وإيواء تلك الفئة المهمشة من المجتمع.
ماذا فعل السيسي لمواجهة ظاهرة أطفال الشوارع؟
كما ذكرنا في الفقرة السابقة منذ تولي السيسي في 2014 لم تخرج للنور أي إحصائية أخرى حول تعداد وظروف أطفال الشوارع بشكل مؤكد، وكأن هناك هدفاً من هذا وهو "التعتيم على المشكلة ومحاربة من يناقشها خارج إطار الحكومة".
وتجلى هذا في الحملة التي شنتها السلطات في تلك الفترة على منظمات مجتمع مدني لها ارتباطات دولية ومهتمة بتلك الظاهرة مثل مؤسسة أسرة بلادي للمعتقلة السابقة آية حجازي التي خرجت بعد تدخل الإدارة الأمريكية وتعيش حالياً في الولايات المتحدة.
ويقول المحامي الحقوقي محمد زارع في تصريحات صحفية 2016، وهو مهتم بمتابعة القضية الخاصة بتلك الجمعيات، إن ما حدث جاء بعد ضغوط وإن المؤسسة كانت تعمل وفق قانون الجمعيات الأهلية، بعد بدء القائمين عليها في إجراءات التأسيس التي كانت جارية خلال عمل المؤسسة، بعد حصولهم على خطاب يفيد بكونها مؤسسة تحت الإشهار، و"لم تتضمن أحراز القضية أي دليل على اتهامات الاستغلال الجنسي أو الاحتجاز القسري والتعذيب، ونفى تقرير الطب الشرعي وجود آثار اعتداءات جنسية حديثة على الأطفال المتواجدين بالجمعية"،
ما ينفى معظم الاتهامات الموجهة للمتهمين، حسب زارع، الذي أشار إلى التعنت في إخلاء سبيل المتهمين على ذمة القضية طوال ما يقرب من عامين، لم تشهد فيهم القضية تطوراً يذكر.
التنكيل الممنهج ضد تلك المؤسسات والحد من نشاطها دون إيجاد بديل عملي وواقعي أدى لأزمة كبرى في مصر وفاقم الظاهرة المتدهورة أصلاً.
الدولة تتعامل معهم كالنفايات
وكعادة الدولة كانت عصا الأمن هي المسلطة للتعامل مع ظاهرة تفشي أطفال الشوارع مؤخراً، فشنت حملات ممنهجة لضبطهم والقبض عليهم ثم وضعهم في دور رعاية وكالعادة كان يتم الضبط بالقوة والتعامل غير الآدمي مع تلك الظاهرة.
تقول مريم هشام، الباحثة المتخصصة في قضايا أطفال الشوارع، في حديث لـ"فرانس 24″ ، العام الماضي، إنهم معرضون بشكل خاص للمرض وكثيراً ما يتعرضون للمضايقة من قبل السلطات التي تجوب شوارع مصر، وأشارت إلى أن مبادرة "أطفال بلا مأوى" تعاني من بعض أوجه القصور؛ لأن الدولة معنية بشكل رئيسي بـ"القضاء على الظاهرة".
وفي بحث أكاديمي لها كتبت مريم هشام أن "القاهرة هي عالم الموت الذي لا يحق لأطفال الشوارع فيه الشعور بالأسى"، وحذرت من أن هناك "غموضاً" في قوانين مكافحة التسول، خصوصاً أنها تعتبر تواجد المتسولين في الشارع غير قانوني ما يجعلهم، فضلاً عن تهميشهم في المجتمع، أكثر عرضة للخطر".
وتنهي تصريحها قائلة إن "الشرطة تتعامل معهم بالفعل مثل النفايات".
أطفال الشوارع كسلعة.. الجنس وتجارة الأعضاء
من أكثر الأفلام التي أظهرت ما يحدث من تعامل مرعب مع أطفال الشوارع هو فيلم "القط" للفنان عمرو واكد، الذي ظهر في 2014 ولكن لم يلقَ رواجاً كبيراً بسبب تجاهل الإعلام له عمداً لما فيه من حقيقة مؤلمة.
في فيلم القط تظهر مشاهد لعملية خطف أطفال شوارع ثم قتلهم وأخذ أعضائهم من قبل تنظيم عصابي ضخم في غفلة من الدولة ودفنهم في مقابر إسمنتية بالصحراء مخصصة لإخفاء معالمهم.
بينما يقوم زعيم إحدى العصابات بأخذ فتاة في سن المراهقة لبيعها لثري عربي مقابل الأموال، وهي أيضاً من أطفال الشوارع، ولا أحد يردعهم إلا مجرم مسجل خطر يدعى القط.
كما أشار المخرج خالد يوسف لتلك الأزمة في فيلم "حين ميسرة" بمشاهد مرعبة للاستغلال الجنسي لأطفال الشوارع وأعمال القتل والاغتصاب، بل وتكوين عصابات منهم تقتل وتسرق.
هذه المشاهد الفنية وغيرها أكاد أزعم أنها لا تذكر الحقيقة المؤلمة كاملة ولا تذكر الجريمة التي ارتكبتها الأنظمة المتعاقبة بحق جيل كامل من الأطفال تم إلقاؤهم في الشوارع بسبب الفقر أو الجهل أو غيرها من الأسباب.
وهي من أيقظتنا على هذا المشهد المرعب للمتحرش الذي استدرج طفلة تبيع المناديل في الشارع لمكان ظن أنه مهجور ولولا الكاميرات وستر الله لحدث ما لا يحمد عقباه تجاه تلك الطفلة.
وعلينا أن نتذكر ونحن نشاهد مقطع فيديو متحرش المعادي أن هناك ملايين الحالات لا يتم التحرش بهم فقط بل يتم خطفهم وبيعهم واغتصابهم وقتلهم وسرقة أعضائهم وتقطيع أوصالهم واستخدامهم في النشل والتسول.
وأن تلك الظاهرة هي مسؤولية الدولة قبل أن تكون مسؤولية أي شخص، وأن الدولة بإجراءاتها الاقتصادية العنيفة فاقمت من تلك الظاهرة.
ولن يكون الحل لعلاج الظاهرة إلا بأن يتم تدعيم مؤسسات المجتمع المدني المتخصصة وليس محاربتها، وأن يتم إتاحة حرية العمل لمكافحة تلك الظاهرة، والأهم أن تهتم الدولة بمكافحة تفكك الأسرة المصرية ومكافحة الفقر، وهما العامل الأساسي لتلك الظاهرة.
فالأب عندما لا يجد قوت يومه ولا يجد ما يُطعم به أولاده يطلقهم في الشوارع إما طرداً أو للعمل في بيع سلع بسيطة أو التسول، وتكون النتيجة دوماً كارثية كما شاهدنا في حالة طفلة المعادي.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.