ترك أسطورة نادي برشلونة وهولندا الراحل يوهان كرويف وصيةً خاصةً لرئيس نادي برشلونة القديم الجديد خوان لابورتا، وصّاه فيها بأمر لا يعلمه أحد إلا لابورتا نفسه.
المحامي الإسباني الشهير، بمساعدة وتوصيات وتوجيهات الراحل يوهان كرويف، كان الشخص الذي استطاع انتشال برشلونة من الضياع بعد موسم كارثي تحت قيادة المدرب الهولندي فرانك ريكارد. وبعد إقالة ريكارد وضع لابورتا رهانه على مدرب الفريق الرديف "المغمور" بيب غوارديولا، الذي تم تفضيله على "السوبر ستار" جوزيه مورينيو، بعد توصية من يوهان كرويف.
تفضيل غوارديولا الذي درب رديف نادي برشلونة لموسم واحد فقط، على جوزيه مورينيو الذي حقَّق دوري أبطال أوروبا رفقة بورتو، ودرّب تشيلسي وصنع معه تاريخاً ناصعاً، كان بمثابة الجنون، لكنه جنون مدروس من كرويف. غوارديولا منضبط نفسياً، لكنه غير صدامي، قادر على وضع أسس وحدود للاعبين، أياً كانت أوزانهم في الفريق، ولو تم تجاوز تلك الحدود فلا مكان للمتجاوز أياً كان.
وبالفعل، تم التعاقد مع غوارديولا رسمياً في عام 2008، وكان أول قرار اتخذه لابورتا مع قدوم بيب هو نهاية عصر رونالدينيو وديكو، رغم أن لابورتا نفسه هو الذي تعاقد مع كليهما. تلك قرارات "غير طبيعية"، بل يمكن الادعاء أنها مجنونة، خاصة عند مقارنة حجم رونالدينيو وديكو كنجمين عالميين بغوارديولا، الذي كان يخطو خطواته الأولى في عالم التدريب آنذاك، لكن ذلك تحديداً ما ميز إدارة لابورتا، فالهوية الكروية والمنظومة أهم من أي لاعب.
لابورتا محامٍ لا يعترف بالارتجال في المحاكم أو في الملعب، ولا يحب المهرجين في فريقه، صحيح أن رونالدينيو وديكو مميزان، لكنهما غير ثابتي المستوى، وغير منضبطين سلوكياً، بالتالي تم استئصالهما من المنظومة بقرار مشترك مع بيب غوارديولا.
في حقبة لابورتا الأولى، قيل إن الأموال هي التي صنعت جيل برشلونة الذهبي، وذلك الادعاء غير صحيح جملة وتفصيلاً، 7 لاعبين أساسيين من ذلك الفريق الذي أحرز السداسية التاريخية كانوا من خريجي مدرسة لاماسيا. ورغم أن نفس تلك الأسماء تدربت تحت قيادة فرانك ريكارد فإنها لم تسطع معه كما سطعت مع غوارديولا، حتى وصل الأمر إلى تكليف تشافي وإنييستا بأدوار دفاعية، وتمرير الكرة من قبل منتصف ملعب الخصم، لكن بيب حولهما إلى أساطير خالدة في ذاكرة كرة القدم بعد توظيف تكتيكي ذكي وإعداد بدني مناسب.
بالعودة إلى خوان لابورتا، يجب أن نذكر أنه أول رئيس في تاريخ نادي برشلونة يؤمن بضرورة وأهمية دور مساعدي المدرب ومفهوم المنظومة التكتيكية الحقيقي والجانب التقني والتكنولوجي لكرة القدم. على سبيل المثال، تعاقد لابورتا مع تورينت ليكون مساعداً لغوارديولا لتحليل أداء الخصوم، كان ذلك في عام 2006، أي قبل الثورة التقنية التي تشهدها كرة القدم حالياً.
وفي كتاب "طرق أخرى للفوز"، الذي يسرد كواليس حقبة لابورتا وبيب في نادي برشلونة، يحكي الكاتب قصة زلاتان إبراهيموفيتش، المغرور ذو القدر العالي من الكبرياء الذي رفض الانصهار في المجموعة والامتثال لقرارات المدرب. ففي إحدى المباريات تم استبداله في أحد اللقاءات لسوء مستواه، فما كان منه بعد المباراة إلا أن صرخ في وجه الجميع في غرفة تغيير الملابس وقطع أوراقَ ولوّح المدرب التكتيكية. حينها لم يتفوّه غوارديولا بكلمة، لكنه هاتف لابورتا وقررا بيعه في نهاية الموسم. وقرر بعدها الاعتماد على الشاب بويان وبيدرو حتى نهاية الموسم.
لماذا أسرد كل تلك الحكايات عن لابورتا؟
حتى أوضح لك أن الظروف الحالية في كبير كتالونيا قد مر بها بالفعل، وإن كانت أقل حدة، وكان المنقذ آنذاك هو خوان لابورتا، الذي كان صارماً في طريقه لتحقيق مصلحة ناديه وإدارة الأزمات بذكاء، مع الحفاظ على الهوية الحقيقية لبرشلونة.
لابورتا هو القائد والخبرة اللذان يحتاجهما برشلونة الآن أكثر من أي وقت مضى.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.