أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسوماً رئاسياً بتاريخ 15 كانون الثاني/يناير 2021 يحدد مواعيد إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، لأول مرة منذ عام 2006. وستجري الانتخابات، وفقاً لهذا المرسوم، على ثلاث مراحل، يكون أولها في 22 أيار/مايو المقبل، للمجلس التشريعي. وتكون الانتخابات الثانية في نهاية تموز/يوليو المقبل للرئاسة الفلسطينية. أما الانتخابات الثالثة للمجلس الوطني الفلسطيني، الذي يمثل الفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم، فستعتمد وفق المرسوم على نتائج انتخابات المجلس التشريعي كمرحلة أولى، على أن يتم استكمال تشكيل المجلس الوطني في نهاية شهر آب/أغسطس من هذا العام، وذلك "وفق النظام الأساس لمنظمة التحرير الفلسطينية والتفاهمات الوطنية، بحيث تجرى انتخابات المجلس الوطني حيثما أمكن". وتناقش هذه الورقة قضية الأسرى الفلسطينيين في ميزان انتخابات 2021، وذلك من خلال البحث في مدى تحكم هذا الملف بتوجهات القوى والفصائل الفلسطينية وتأثيراته على المسار الانتخابي.
الحركة الأسيرة واجتماع القاهرة
وجّهت الحركة الأسيرة في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي في بيان أصدرته قبل يوم واحد من انعقاد جلسات الحوار الوطني الفلسطيني بالعاصمة المصرية القاهرة، رسالة إلى الفصائل الفلسطينية تمثّل أبرز بنودها في الدعوة لجعل قضية تحرير الأسرى أولوية، والسعي لها بكل الوسائل وفي كل الأماكن، وإطلاق أكبر مشروع لتحريرهم، وأن يكون في القوائم الانتخابية مكان يليق بتضحيات الأسرى، كما ودعت إلى إطلاق الحريات في شقي الوطن "الضفة وقطاع غزة". وقد انعكست رسالة الحركة الأسيرة على وثيقة البيان الختامي الصادر عن الحوار الوطني الفلسطيني بالقاهرة ( 8 – 9 شباط/فبراير 2021)، التي حثّ من خلالها المجتمعون جميع القوائم الانتخابية على تمثيل الأسرى بها والعمل على تحريرهم، كما أصدر الرئيس محمود عباس في العشرين من نفس الشهر مرسوماً رئاسياً لتعزيز الحريات العامة في فلسطين.
الفصائل الفلسطينية
دعا أمين سر اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" جبريل الرجوب، في لقاء على تلفزيون فلسطين بتاريخ 25 كانون الثاني/يناير 2021، الأسرى لتقديم مقترحاتهم وتوصياتهم فيما يخص قائمة فتح الانتخابية، مؤكداً على أنه سيشرف على إجراء مشاورات مع الأسيرين عضوي اللجنة المركزية مروان البرغوثي وكريم يونس. وبتاريخ 11 شباط/ فبراير قام عضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ بزيارة الأسير مروان البرغوثي في المعتقل، حاملاً له رسالة من الرئيس محمود عباس واللجنة المركزية لحركة فتح. وبحسب الشيخ فقد تم تناول مخرجات الحوار الوطني والاستعدادات الجارية لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، وكان أبناء حركة فتح في معتقلات الاحتلال قد أصدروا بياناً في اليوم التالي يُثمّنون فيه هذه الزيارة.
وبعيداً عن المهاترات الإعلامية حول زيارة حسين الشيخ للأسير مروان البرغوثي، فإن ما يجري يؤكد أن ملف الأسرى حاضر وبقوة في انتخابات 2021، لا سيّما لدى حركة فتح، خصوصاً أن الشيخ كان قد صرّح في تغريدة له عبر التويتر بقوله: "سوف نطلب من حكومة "إسرائيل" رسمياً السماح للأسرى الفلسطينيين في سجونها ومعتقلاتها بممارسة حقهم بالمشاركة بالتصويت في الانتخابات الفلسطينية كحق مكفول لهم بالنظام والقانون الفلسطيني تحت إشراف لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية تماماً كما كفل لهم القانون والنظام حق الترشح".
وفيما يخص حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وملف الأسرى، فقد عادت الأحاديث الإعلامية مع قرب الانتخابات الفلسطينية مجدداً حول صفقة تبادل أسرى ممكنة بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي كانت تتأرجح ما بين مد وجزر منذ العام 2014. حيث أفادت مصادر قناة العربية بتاريخ 20 شباط/فبراير 2021 بأن هناك اجتماعات برعاية مصرية لإنجاز صفقة تبادل أسرى بين الاحتلال الإسرائيلي وحماس.
أما الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، فقد أعلنت مساء يوم الأحد الموافق 21 شباط/فبراير 2021، عن عزمها المشاركة في الانتخابات التشريعية، مؤكدةً على أن أحد أهداف مشاركتها في العملية الانتخابية يتمثّل في الدفع باتجاه تفعيل وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وفق وثيقة الوفاق الوطني التي صاغها الأسرى في معتقلات الاحتلال عام 2006، وصولاً إلى انتخاب مجلس وطني فلسطيني جديد جامع وموحّد للكل الفلسطيني.
خاتمة
تحتل قضية الأسرى الفلسطينيين مكانة بارزة وكبيرة في المشهد الانتخابي الفلسطيني، كونها تُشكّل ضمانة لأي قائمة انتخابية ترغب بإنجاح مسارها الانتخابي. وهذا أمر طبيعي لحقيقة بسيطة مفادها أن أكثر من ثلث الشعب الفلسطيني دخل معتقلات الاحتلال الإسرائيلي.
وعليه سيسعى كل فصيل، كل في حدود طاقاته وإمكاناته لأن يوظّف قضية الأسرى لصالحه في الانتخابات المقبلة، على اعتبار أن الانتخابات هي لعبة سياسية بالدرجة الأولى، دون أن نقصد هنا الانتقاص من المنظور الوطني للفصائل الفلسطينية، كون الأسرى داخل معتقلات الاحتلال هم من خيرة أبناء هذه الفصائل.
وفي نفس السياق، فإن الحركة الأسيرة تمتلك فرصة ذهبية في ظل الانتخابات القادمة لأن تضغط على الحركة الوطنية الفلسطينية برمّتها في سبيل اعتماد آلية كفاحية داعمة للحركة الأسيرة يغلب عليها طابع الفعالية والحيوية والاستمرارية.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.