تعيش أفراد الأسرة العربية قانون حظر التجوال كبقية الأسر في العالم لكنها تختلف بطابعها الاجتماعي والتقليدي، فليس من السهل أن يصبح الرجل الشرقي سجين البيت بعدما كان حراً طليق اليدين، الأمر الذي جعل النساء تعيش حالة من الاستنفار التام لتلبي طلبات الزوج وأفراد الأسرة، من وجبات الطعام والحلويات، فكورونا فتحت شهية الرجال بينما كان العمل يلهي أوقاتهم والجلوس في المقاهي وتبادل أطراف الحديث مع الأصدقاء، أما الآن فهو يجلس على الأريكة وبيده هاتفه- الوسيلة الوحيدة التي ما زالت غير مقيدة ومواقع التواصل الاجتماعي، ولعبة (البابجي)، يرتفع صوته وهو يطلب المساعدة.
يوميات تعيشها الزوجة بكل ما فيها من الفرح والتعب وهي تدور حول زوجها كنحلة رشيقة، حيث لجأ البعض إلى روح الدعابة في التعامل مع حظر التجوال إثر تفشي الفيروس، من خلال تصميم صور ساخرة ونشرها ومشاركتها على مواقع التواصل الاجتماعي، عبرت عن حياة الأزواج فى زمن الكورونا. وشارك مستخدمو فيس بوك، هذه الصور.
فجلوس الزوج طويلاً في البيت يسبب مشاكل للزوجة أو في البيت بينما يتطلب الصبر والقوة لتحمل هذه الفترة الحرجة وقضاء أوقات سعيدة لحين انتهاء الحظر وعودته إلى عمله.
سهى الحيدري، أخصائية علم النفس كان لها رأي بالموضوع حيث قالت: "إن الرجل تعود على العمل وقضاء أغلب أوقاته خارج البيت، وأي شخص تعود على العمل ﻻ يحب البقاء في المنزل، فكيف إذا كان البقاء إلزامياً ومنع التجوال مع فرض عقوبات، من الطبيعي جداً أن يشعر بالملل وهو جالس لا يعمل شيئاً، وأي عمل آخر سيكون من باب قضاء الوقت ليس إلا".
وللتخلص من النكد والمجادلة مع زوجته فهو يهرب إلى وسادته، لذلك على الزوجات أن يعلمن أن هذا ليس وقت المشاحنات وعليهن مواجهة المشاكل وحلها بشتى الطرق من أجل تهيئة جو عائلي يسوده الحب والراحة والأمان حتى انقضاء أزمة كورونا.
وعلى الزوجة إن استطاعت أن تحتوي الرجل وتهيئ له الجو العائلي المريح وألا تحاول إجباره على أوقات الطعام أو النوم، وأن تحافظ على نظافة البيت ومشاركته في تعقيم وتطهير البيت، وأن تهتم بمظهرها ونظافتها وأن تجعل من هذا الشهر هو شهر عسل بطعم كورونا لتجديد العلاقة الزوجية، وتقسيم الوقت للعب مع الأطفال ومشاركتهم في الرسم أو التلوين وصنع المعجنات.
التقيت كذلك ببعض الزوجات وسألتهن عن كيف يعيش أزواجهن فترة حظر التجوال وكيف ينظمن هذا الوقت؟
ليلى هادي ربة منزل تقول: أستغل فترة الحظر التجوال بقيام زوجي بأعمال البيت التي كانت معلقة منذ زمن من تبديل الإنارة وغسل المفروشات، وعمل الحلويات التي تتطلب حضوره فهو صاحب خبرة في مجال الحلويات، لكن الأمر يحتاج إلى صبر وقوة فيبدأ بعد مرور أيام بخلق أي سبب للشجار خصوصاً إن لم يجد ما يفعله في البيت.
أما أم محمد (موظفة) فتقول عن زوجها: ليجلس صامتاً، لقد أتعبني وهو يتذمر من الأخبار ومن صوت المارة في الطريق، حتى البائع المتجول لم يفلت من تذمره، لذلك أتمنى عودته إلى عمله في أقرب وقت ممكن، فزوجي لا عمل له في البيت غير الطعام وتدخين السجائر والنوم والفوضى يتركها خلفه، وكل شيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده، كذلك جلوس الزوج.
المدربة هديل علي تقول: جلوس الرجل في البيت يجعل المرأة في وضع محرج، وهذا يدل على هشاشة العلاقة بين الزوجين، كما يكشف للرجل وعن قرب تلك المرأة التي شاركها في حياته، ويبدأ يتعرف على تفاصيل يومها، وما تقوم به تجاه الأبناء والبيت، وهي فرصة ليكتشف الزوج جهد المرأة في أعمال البيت وكيف تقضي يومها بين الطبخ والترتيب، وهنا السيدة الذكية تعرف كيف تستخدم أسلوبها الخاص حتى يقف الزوج معها ويساعدها في إعداد الطعام والأشياء التي كانت معلقة من دون مضايقة أو صراخ، وقضاء وقت سعيد وأنتما تشاركان طهو الطعام.
أعلم أن الزوجات يعتبرن من أكثر المتضررين من هذا الوضع الذي فرضه علينا فيروس كورونا، فحاولي قدر استطاعتك تسيير الأمور وقدري زوجكِ وانتقِ الحديث معه وتفهمي أن هذه ظروف استثنائية نمر بها جميعاً وأن هذه ظروف غير طبيعية يعيشها الرجال هذه الأيام.
من ناحية أخرى يُجمع الخبراء على وجود خطورة تكمن بارتفاع العنف ضد الزوجة وفي تلك الفترة بالتحديد، وهو ما يتطلب البحث عن آليات سريعة لإبعاد مثل تلك السلوكيات، وإيجاد طرق لعدم وصولهما إلى تلك المرحلة لا من قريب ولا من بعيد، بل تشير إلى ضرورة استثمار وجوده بالمنزل بالقرب منها ومن أطفالها. عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "جلوس المرء عند عياله أحب إلى اللَّه تعالى من اعتكاف في مسجدي هذا".
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.