إقالة وزراء لمخالفتهم إجراءات كورونا.. مؤشرٌ إيجابي عن الحياة السياسية في الأردن؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/03/01 الساعة 09:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/03/01 الساعة 09:37 بتوقيت غرينتش
وزيرا العدل والداخلية الأردنيان اللذان تمت إقالتهما / عربي بوست

إقالة وزيري الداخلية والعدل في الأردن مؤخراً بسبب مخالفتهما أوامر الدفاع من خلال حضورهما مأدبة طعام في مطعم تجاوز فيه عدد الحضور على طاولة واحدة العدد المسموح، هذا ليس بالخبر التقليدي في الأردن بشكل خاص ودول المنطقة بشكل عام؛ حيث يتم في الغالب التستر على تجاوزات العديد من الشخصيات العامة حتى لو كان أقل من درجة وزير، فهل ينطوي الموضوع على حيثيات وتفاصيل أخرى وله توابع ستتكشف خلال الأيام المقبلة؟

في شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي أصدرت حكومة الدكتور بشر الخصاونة أمر الدفاع رقم 19، وتنص المادة السادسة منه على عدم السماح لأكثر من ستة أشخاص بالتواجد على طاولة واحدة ومسافة مترين بين كل طاولة، وحسب ما نشره وزير العدل (المستقيل) فقد تواجد برفقة تسعة أشخاص، ولكن على أكثر من طاولة.

 ويعد قرار منع تواجد أكثر من ستة أشخاص على نفس الطاولة في المطعم إجراء من سلسلة إجراءات اتخذتها الحكومة في حينها من أجل الحفاظ على صحّة المواطنين وسلامتهم، ومنها أيضاً التقيّد بمسافات التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات وعدم المصافحة، ويتبع هذه الأوامر نظام عقوبات صدرت في أمر الدفاع رقم 11.

ولا يكاد يخلو يوم من الإعلان عن عدد المخالفين من المواطنين لتلك التعليمات وفرض غرامات مالية بحقهم، ولكن عندما يتم الإعلان عن وزراء مخالفين فهذا أمر جديد غير مسبوق ويعد سابقة، ولكن هل يتعامل معها المواطن الأردني كحدث إيجابي له مدلولاته مع بداية المئوية الثانية للدولة الأردنية؟

على المستوى الشعبي وبعيداً عن استطلاعات الرأي المثيرة للجدل، فإن هنالك فجوة عميقة من عدم ثقة بين المواطنين والحكومات، سواء في الأردن ودول المنطقة أو حتى دول العالم الثالث بشكل عام، وغالباً ما ينظر المواطنون البسطاء إلى أخطاء وتجاوزات المسؤولين على أنها لا تخضع للقوانين ولا للرقابة.

لذلك فقد يكون هنالك شريحة من المواطنين لا تثق بأسباب الإقالة ويتم افتراض أسباب أخرى وراء الحدث، منها تصفية الحسابات، وليس موضوع مجرد وجبة غداء في مطعم، وعلى سبيل المثال فقد وثقت الكاميرات مشاركات مسؤولين في مناسبات عديدة بحضور أكثر من العديد المسموح به، ولم يتم تطبيق قانون الدفاع رغم وجود صور لتلك الوقائع نشرتها المواقع الإخبارية الأردنية في حينه، فلماذا تم تطبيق القانون الآن في هذا الموقف حصراً؟

على الجانب الآخر، فإن شريحة من المواطنين ينظرون بإيجابية للموضوع بغض النظر عن الأسماء، مجرد فكرة إقالة وزير لمخالفته القانون هو شيء إيجابي، وهو ما يفترض أن يكون القاعدة وليس الاستثناء، وقد حدث فعلاً أن تمت إقالة وزراء سابقاً نظراً لأخطاء ارتكبوها مثل إقالة وزير الزراعة إبراهيم الشحاحدة في حكومة الدكتور عمر الرزاز بسبب أزمة إصدار التصاريح في حينها.

إن تطبيق القانون على الجميع بدون محسوبيات يعتبر خطوة إيجابية في تكريس احترام الدستور والقانون في البلاد، ولكن ذلك يتطلب أن يكون منهجاً مستمراً على الجميع سواسية، وليس بنظام الفزعة والانتقائية.

وعملياً فإن إقالة وزير أو مسؤول كبير في الأردن ليست بالحدث الجديد، ولكن الجديد والمفاجأة هنا هذا المستوى من ردة الفعل مقابل هذا الفعل، فالمفاجأة عند المواطن أنه تعود على تطبيق القانون عليه وليس على المسؤول الذي فرض القانون ويناط به تطبيقه!

في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي تمت إقالة وزير الداخلية الأردني حديث التعيين توفيق الحلالمة والذي لم يمض على تعيينه وقتها أكثر من شهر واحد، وبعد تجاوزات من بعض المواطنين في استخدام السلاح خلال الانتخابات النيابية وتأخر التعامل مع تلك التجاوزات، استقال وزير الداخلية وقتها وتم تعيين سمير مبيضين في منصب وزير الداخلية، وهي إحدى الوزارات الحساسة، ولم يمض أكثر من ثلاثة أشهر حتى تمت إقالة وزير الداخلية الجديد، وهذا حدث نادر في تاريخ الأردن بأن تتم إقالة أو استقالة وزيرين للداخلية بسبب أخطاء أو تجاوزات.

ولكن عملية تغيير الوزراء في الأردن بشكل عام هي ظاهرة تقليدية، فقد جرت العادة أن يقوم رئيس الوزراء بإجراء تعديل وزاري أو أكثر خلال نفس العام لأسباب مختلفة تترواح بين البحث عن كفاءات وزارية أفضل، وفي بعض الأحيان تكون هنالك مجاملات واعتبارات بعيدة عن المهنية ومنها العشائرية مثلاً.

ولكن التعديلات الوزارية المتعارف عليها لا تقارن بإقالة أو استقالة وزراء بسبب واضح ومحدد، وهو مخالفة التعليمات، وعدم الالتزام بالقوانين، وهذا من شأنه أن يكون مؤشراً إيجابياً إذا ما كان هو النهج المتبع في الفترة القادمة من رئاسة الدكتور الخصاونة لرئاسة الوزراء.

ومن الزوايا الإيجابية لإقالة الوزراء هو أن التزام الجهات التنفيذية في تطبيق التعليمات الخاصة بمنع انتشار وباء الكورونا قد يأخذ منحنى جديداً إيجابياً، فعندما يتابع المواطن أخبار إقالة وزراء لعدم التزامهم بتعليمات التباعد، فإن هذا الإجراء سيكون حافزاً للجميع بالالتزام، مع الأخذ بعين الاعتبار أن أحد أسباب استمرار انتشار الوباء هو عدم الالتزام الاجتماعي بتعليمات التباعد.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علي أبو صعيليك
كاتب أردني
كاتب أردني
تحميل المزيد