الفيلم الفرنسي الأعظم على الإطلاق.. 7 دروس عن الحياة تعلمتها من قصة إيميلي بولان

عربي بوست
تم النشر: 2021/02/24 الساعة 12:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/02/24 الساعة 12:13 بتوقيت غرينتش

لأي درجة قد يؤثر فيلم في إنسان؟

هل يُمكن أن يُنير بقعة مظلمة ما في عقله، أو يُلامس قلبه في دفءٍ يستمر طويلاً؟

في رأيي قد يحدث ذلك فعلاً، ولكن بشكلٍ نادر.

وحدث هذا الشيء النادر معي بعدما شاهدت لأول مرة الفيلم الفرنسي Le Fabuleux Destin d'Amélie Poulain المعروف باسم Amélie، والذي مرّ على صدوره هذا العام 20 عاماً بالتمام والكمال.

هذا الفيلم يعتبره الكثيرون تحفة فنّية حقيقية لقصة شاعرية تم تقديمها بشكلٍ غاية في العذوبة، وبخيالٍ ساحر.

قصة إيميلي بولان

أسرتني إيميلي بولان، الفتاة المنطوية التي عاشت طفولة خاصة جداً جعلتها ترى العالم بشكلٍ فريد من نوعه، حتى إنّ وقوعها في الحب لن يُشبه أي قصة أخرى قد يراها الواحد منّا في حياته.

غيّرتني إيميلي بولان فصرت أرى العالم كما تراه هي، وأحببته بعيونها، واستطعت أن أستخلص 7 نقاط رئيسية، أو دروساً مستفادة من القصة التي تحكي عن مصير إيميلي بولان الخرافي.

1- السعادة تكمن في التفاصيل

"كلنا نبحث عن طريقة لكي نرتاح بها"

في بداية الفيلم نتعرّف على الأشياء الصغيرة التي يُحبها بعض شخصيات الفيلم، هذه الأشياء عبارة عن تفاصيل الحياة الدقيقة، التي تكون بمثابة مُسببات سعادة خفيّة لدينا.

فمثلاً تحب إيميلي السينما، لا لمشاهدة الأفلام من خلالها فحسب، وإنما لتفاصيل أخرى، مثل مُراقبة وجوه الناس في الظلام، وملاحظة التفاصيل الدقيقة الموجودة بالفيلم، والتي في الغالب لا يراها أحد غيرها.

تحب إيميلي أيضاً أن ترمي الحجارة الصغيرة في النهر، وأن تكسر طبقة الكريمة التي تعلو سطح حلوى الكريم بروليه بالملعقة.

إيميلي الفتاة التي عاشت وحيدة، وجدت الألفة في عشرات الأشياء الصغيرة، والتي نمر عليها مرور الكرام في حياتنا اليومية. فمتى ننتبه نحن لما نحب، ونمتنّ لوجود عشراتٍ من طرق صناعة البهجة في يومنا الواحد؟

2- الحدس الذي لا يُخطئ أبداً

"مُساعدة الناس أفضل من الاعتناء بتماثيل حديقة"

امتنّت إيميلي للحياة التي جعلتها تكتشف ذات يوم ذلك الكنز المخبّأ الصغير في حمامها، والذي سيقودها إلى قدرها الخرافي.

في العادة نحن لا نتّبع حدسنا أبداً، بل غالباً ما نسير في الاتجاه المُعاكس له، أما إيميلي بولان فقادها حدسها إلى مصير مختلف تماماً عن حياتها الرتيبة التي كانت تحياها. 

بدأ الأمر بخبر مؤسف رأته إيميلي مُذاعاً على التلفاز، وهو موت الأميرة ديانا في حادث السيارة الشهير، ذلك الخبر الذي كان صادماً، لدرجة أنّ إيميلي أوقعت الغطاء الزجاجي لقارورة العطر، والذي ارتطم ببلاطة في الحمام، والتي كانت تُخفي وراءها صندوقاً من الذكريات لطفلٍ، هذه الأشياء كان من الواضح أنها تحمل قيمة عاطفية كبيرة لذلك الطفل الذي أخفاها بعناية بالغة.

وهنا هبطت الفكرة على رأس إيميلي، بأن تُعيد هذا الكنز الصغير لصاحبه، واتّبعت حدسها، الذي أخبرها بأنّ هناك شيئاً ما جيداً سيحدث من وراء ذلك.

3- فاعل الخير الذي يُشبه جنّيّ الأحلام

"بلمح البصر كل شيء عاد"

أن ترى أثر أفعالك الطيبة على وجوه مَن حولك لَهو شيء لا يُقدّر بثمن.

عرفت إيميلي طريق السعادة حينما شاهدت دموع الرجل الذي في الخمسين من عمره، وهو يحتضن كنزه الثمين بين يديه غير مصدق، وهو ممتن للملاك الذي قاده لكي يجد ذكريات طفولته الضائعة. 

كما أنّ إيميلي لم تساعد رجلاً أعمى على عبور الطريق فحسب، بل كانت له كعين سليمة، ترى كل ما في الشارع من أشياء وألوانٍ وأناس يتحركون باستمرار، واصفةً له كل ما تقع عيناها عليه، لتتركه في حالة من البهجة، وكأنما استعاد بصره لدقائق معدودة.

أمّا جارتها التي تشكو من الوحدة بعد موت زوجها منذ ثلاثين عاماً في الحرب فزيّفت لها إيميلي خطاباً، ليبدو وكأنّه مرسل من زوجها الراحل، يخبرها فيه بأنّه نادم على مغامراته العاطفية، وبأنّها حبه الوحيد.

أعطت إيملي النّاس من حولها ما يحتاجونه فعلاً، وإن بدا هذا غير منطقي أو غير ممكن لم تكن إيميلي فاعلة خير فحسب، بل كانت تفعل ما يتمناه الواحد منهم، حتى وإن كانت هذه الأماني مستحيلة.

4-  الحب يستحق المغامرة

"المرأة بدون حب كالزهرة تذبل في غياب الشمس"

حينما دقّ قلب إيميلي لشابٍّ لا تعرفه لم تسلك الطرق المعتادة للتعرف عليه، وحينما حانت الفرصة للاقتراب منه لفتت أنظاره إليها بطريقتها الخاصة، بطريقة إيميلي بولان. 

فمن التنكر بلبس أزياء مختلفة، واستخدام الحيل لترتيب ميعاد للقاء، وطرق إثارة فضول هذا الشاب ناحية فتاة رآها مراتٍ عديدة بالمصادفة، كل هذه الأشياء قامت بها إيميلي كشابة منطوية، وخائفة من الناس، عاشت في الخيال أكثر مما عاشت في الواقع، ما قادها لخوض مغامرة ممتعة، هدفها أن تنال إيميلي الحب الذي عاشت تتمناه لسنواتٍ طويلة.

5- افتح باباً واسعاً للخيال

"الحياة قاسية على الحالمين"

لم تأخذ إيميلي الحياة مأخذ الجِدّ، كانت أحلامها وخيالاتها المستمرة تسير جنباً إلى جنب مع واقعها الرتيب، ليمتزجا معاً في خليطٍ مُثير. خيال إيميلي الذي رافقها منذ الطفولة، صار رفيقها في لياليها الطويلة، وهو من صنع البهجة لمن تهتم بأمرهم فرداً فرداً. بدءاً بأبيها، الذي حينما رأته يعيش حالة طويلة من الملل قررت أن تجعل تمثاله المفضل يهرب من حديقته ليسافر حول العالم، فهو أمس كان في روسيا، واليوم بأمريكا، وغداً سيكون في إيطاليا، وهكذا. 

حيلة صغيرة كهذه جعلت الدهشة تدبّ في عروق والدها العجوز، الذي لم يزره هذا الشعور منذ سنواتٍ طوال.

الخيال الذي جعل إيميلي تخدع صاحب متجر الخضراوات المتنمر الذي يستهزئ بالعامل المسكين عن طريق حيلٍ مبتكرة، جعله يشك في سلامة قواه العقلية. 

هذا الخيال الواسع الممتد مُلهم بشكلٍ عظيم.

6- لا بأس في قليل من الحزن

"إيميلي بولان.. الأم الروحية للمنبوذين والمكروهين"

لم تُقاوم إيميلي شعورها بالحزن والوحدة في بعض الأيام، وكان كل ما تفعله هو أن تجلس في سريرها وتشاهد التلفاز، وتتخيل أنّ الفيلم المعروض على شاشته يحكي قصة معاناتها في هذا العالم القاسي، الذي لم يكافئها على ما قدّمته من تضحياتٍ جليلة.

لا تنغمس إيميلي في رثائها للذات هذا طويلاً، ولكنه يكون كافياً كي تنهض في الصباح التالي بمزاجٍ أفضل، وقلبٍ أهدأ حالاً.

وحينما تمر إيميلي بيومٍ صعب تشكّ فيه بأنّ الفتى الذي يُعجبها قد تعلّق بأخرى، تعود الحياة لتظلم أمام عينيها، حتى إنّها حينما تسألها جارتها "هل تؤمنين بالمعجزات؟" تُجيبها قائلة: "ليس اليوم"، وكأنّها ستؤمن بها غداً، كما آمنت بها أمس، وكأنّها فهمت أخيراً أنّنا حينما نحظى بيومٍ سيئ ليس معناه أننا نحيا حياة سيئة.

ولا يوجد أجمل من مشهد ما قبل النهاية، الذي تبكي فيه إيميلي حُزناً، بينما هي تخبز كعكتها المُفضلة، لذلك لا يوجد أفضل من هذه النصيحة في هذه النقطة: "حينما تكون حزيناً قم بخبز كعكتك المفضلة".

7- اغتنام الفرص التي إن ذهبت فلن تعود

"عظامك لم تُصنع من الزجاج، يُمكنكِ أن تستمتعي بالحياة"

قالها لها ذلك الرجل العجوز، الذي وُلد بحالة نادرة جعلت عظامه أشبه بالزجاج، تكفيه أي ضغطة بسيطة على جسده لينكسر فعلياً.

وكأنّه يقول لإيميلي الخائفة إنّ عليها أن تخوض صراعها مع الحياة بشكلٍ طبيعي، أن تقاوم وأن تحارب لتحصل على ما تستحق. 

الخوف الأعمى يشلّ البدن، ويمنعنا من الاستمتاع بالحياة، وخوض التجارب الجديدة، فكان طبيعياً من إيميلي التي عاشت تعاني الوحدة أن تخاف، ولكن كاد الخوف أن يُفقدها حبيبها، حتى نصحها العجوز بأن تغتنم الفرصة، التي إن ذهبت فلن تعود، وهو ما فعلته إيميلي، واقتنصت الفرصة التي أهدتها سعادة لم تتخيلها أبداً.

كانت هذه الدروس المستفادة من فيلم Amélie، التي أعرف أنّ هناك غيرها الكثير، ولكن كانت هذه أكثر ما لامس قلبي.

إن لم تكونوا شاهدتم فيلم إيميلي ففي عيد ميلاده العشرين فرصة رائعة لذلك.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

سارة يوسف
دارسة للأدب الإنجليزي، ومهتمة بالفنون والسينما
أنا سارة يوسف، زوجة وأم، مُحبة للقراءة والسينما، درست الأدب الإنجليزي، وعملت في وظائف عدة، حتى توصّلت لشغفي الحقيقي وهو كتابة المقالات الفنّية والأدبية.
تحميل المزيد