سيناريو رديء وأحداث مبالغ فيها وتلميع لزوجة المخرج.. ولكن ما السر الذي جعل “لؤلؤ” يحصد ملايين المشاهدات؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/02/10 الساعة 11:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/02/10 الساعة 11:56 بتوقيت غرينتش
مسلسل لؤلؤ

في كل مرة يصادفني مسلسل "لؤلؤ" على الشاشة أشعر بثقل شديد يمنعني من مواصلة المشاهدة، لكنَّ شيئاً ما بدا لي غريباً بشأنه، هو أقرب للغز، لذا قررت متابعته، وكان ما اكتشفته مثيراً حقاً.

رغم التفاصيل العديدة التي كانت ستقضي عليه كعشرات من المسلسلات الفاشلة، وهو ما كاد يحدث بالفعل، حيث وقع مسلسل لؤلؤ في مرمى النيران منذ الحلقات الأولى، فإنه لم يفشل في جذب المشاهدين، الذين راحوا يبحثون عنه عبر محرك البحث جوجل، ليصبح من الكلمات الأكثر بحثاً، ناهيك عن عدد المشاهدات الخرافي على يوتيوب.

المسلسل من بطولة مي عمر وأحمد زاهر، يعرض حالياً على شبكة قنوات ON، من الأحد إلى الخميس، تدور أحداثه في 40 حلقة، ويشارك في بطولته إدوارد، نجلاء بدر، نرمين الفقي، محمد الشرنوبي، هيدي كرم، سلوى عثمان، قصة مي عمر وسيناريو وحوار محمد مهران وإخراج محمد عبدالسلام، وإشرف على التأليف والإخراج محمد سامي، وهو نفسه زوج مي عمر.

لماذا نجح لؤلؤ؟

فتاة تنشأ في ملجأ بظروف صعبة، تمتلك صوتاً جميلاً، تخرج للنور، وتحظى بنجاح، لكنها تقع في الكثير من المشاكل، وتتعرض لصراعات عديدة، قصة تحمل الكثير من الإثارة والتشويق للمشاهد، تم تنفيذها بحرفية شديدة، لكن ثمة نشاذ شديد يبدأ من أداء مي عمر، الذي يأتي رغم كل الاجتهاد والمحاولات منها متواضعاً، نشاذ يتضمن كثيراً من العوار بالقصة، التي تحمل قفزات غير مفهومة، ومبالغات مريبة، وتنتهي عند عدد من القيم المزرية التي يحملها المسلسل للمشاهد.

نعم، لم يعجبني المسلسل على أي وجه، لكنني أيضاً لن أنكر نجاحه في الوصول للجمهور وجذبهم لمشاهدته، وكذلك جذب الإعلانات، لماذا إذاً رغم كل هذا النقد حاز المسلسل هذا القدر من المشاهدات!

السبب الأول في رأيي هو الإبهار المتعمّد في كل ما يتعلق ببطلة المسلسل مي عمر أو لؤلؤ، الملابس والإكسسوارات التي تكلفت أسعاراً خرافية، تحول معها المسلسل إلى عرض أزياء يومي، يكفي أن أقول لك إن ثلاث حقائب فقط من تلك التي ظهرت بيد مي عمر خلال المسلسل تخطت تكلفتها الـ10 آلاف دولار، حقيبة لويس فيتون يبلغ ثمنها 5 آلاف دولار، وحقيبة من نوع فيندي Fendi تبلغ قيمتها 2600 دولار، وأخرى من شانيل يبلغ سعرها نحو 3000 دولار.

أزياء مي عمر جاءت منتقاة بدقة من بيوت أزياء كشانيل وسان لوران وفالنتينو، وغيرها من بيوت الأزياء العالمية، أحذية مبهرة وتنانير وأشكال مختلفة من الجامبسوت والفستاني، كيف إذاً لا تدمن مشاهدتها الفتيات على الأقل!

تفصيلة أخرى استوقفتني كثيراً بخصوص فستان واحد فقط ظهر في المسلسل، هو فستان زفاف لؤلؤ على طارق، تحدثت عنه ستايلست المسلسل التونسية إيناس الخميسي، فستان واحد استغرق العمل عليه شهرين، وجاء تنفيذه بالتعاون بين سيد سينكو في دبي مؤسس الماركة العالمية مايكل سينكو! نحن هنا نتحدث عن فستان واحد فقط.

 الإبهار لم يتوقف عند حدود الملابس، ولكنه امتد إلى السيارات، حيث صرتَ كمتابع تصطدم يومياً بعنوان "مي عمر تستعرض سيارتها الفارهة".

صرت أرغب حقاً في التعرف على من يدير حملة الدعاية لمسلسل لؤلؤ، في الواقع هو أو هي موهوب للغاية، حيث لم تمر تفصيلة ولو صغيرة دون استغلال، وبشكل منتظر، فتظهر الصور عادة قبل الحدث، مع كل لقطة وكل تطور وكل حلقة جديدة يسبقها تمهيد وتشويق عبر صفحات الممثلين الذين لم يتابعوا في صمت، أو ينتظروا ردود أفعال الجمهور من بعيد.

الدعاية الضخمة للمسلسل تضمنت استطلاعات رأي متشابهة للغاية بعدد من الصفحات والمواقع الإلكترونية، وكذلك الأخبار المنتظمة التي راحت تستعرض ملابس لؤلؤ وتطور أحداث المسلسل، مع عدد لا نهائي من الأسئلة بشأن الأحداث.

التسويق غير المباشر كان واحداً من أشكال الدعاية، حيث صدمني استطلاع واحد وجههه عدد من صفحات مواقع التواصل لمتابعيها حول وجه الشبه بين مي عمر وسعاد حسني، لم يكن مجرد سؤال عابر، حيث تكرر السؤال بأكثر من شكل بطريقة مريبة، دفعت المعلقين للتأكيد أن هذا الشبه مستحيل.

 الوجه الخفي لـ"لؤلؤ"

خلف الإبهار الضخم تأتي الكثير من الأخلاقيات المزرية داخل المسلسل الذي يقدم نماذج مرعبة، ويعلي بالأساس من قيمة المال، فترى رجل أعمال متعدد العلاقات لا يوقفه شيء لأنه يملك المال، يعجب بالفتاة الشابة لؤلؤ، نفس الرجل كان على علاقة غير شرعية مع السكرتيرة الخاصة به -نجلاء بدر- وينجب منها ابنة غير شرعية، لكنها تبقى معه من أجل المال، نفس السكرتيرة تساعد الشابة الجديدة "لؤلؤ" من أجل إبقاء علاقتهما تحت عينيها، أما زوجة رجل الأعمال -تقوم بدورها هيدي كرم- فتكرهه، لكنها تقبل بخياناته لأنه يملك المال، وحين تحاول الزوجة التي تتعرض للخيانة أن تواجه الشابة التي تتواصل مع زوجها تقوم الأخيرة بضربها بالحذاء! ويبدأ الزوج في إهانة زوجته، كيف تتجرأ وتضبطه بصحبة أخرى!

عبر الحلقات سوف ترى خيانة، من الصديقة الأقرب للبطلة مروة، سوف تتعرف على أهمية المهرجانات التي يمكنها أن تمنحك 100 مليون جنيه من أغنيتين فقط، تجد مشهداً سعيداً مع كل إهانة من لؤلؤ لمنافستها -تقوم بدورها نرمين الفقي- وترى آباء يرفضون الاعتراف بأبنائهم، والكثير من الخيانة والانتقام المتقن، قيم لا أرغب حقاً في أن يشاهدها أبنائي، أو أفراد عائلتي.

لكن يبقى سؤالي في كل مرة، لماذا؟ إن كان محمد سامي مخرجاً مميزاً ومتطوراً يواكب الأحداث، ويعمد إلى الإبهار، ويقدر دائماً ببراعة في أعماله على جذب عين المشاهد واسترعاء انتباهه، رغم حداثة سنه، لماذا لا يختار سيناريو متقناً أو قصة جيدة، لماذا الوقوع في كل مرة بدائرة القصص التجارية والخلطات السهلة المضمونة، بصرف النظر عن أي قيم أو مبادئ!

الزوجان مي عمر ومحمد سامي  

مي عمر ومحمد سامي

لا أخفي إعجابي بالعلاقة التي تجمع محمد سامي وزوجته مي عمر، بالرغم من كل الهجوم الذي يلاقيه الثنائي، أحتفظ بحالة من الاحترام والتقدير للرجل الذي يهتم -بحسب ثقافته ومنظومته الأخلاقية- بأن تبقى زوجته على القمة، مميزة وناجحة و"مكسرة الدنيا" بحسب التعبير الرائج، إعجابي يشاركني فيه أكثر من 3 ملايين شخص قاموا بمشاهدة التحدي الذي جمعهما بحلقة "برنامج "معكم منى الشاذلي".

زواج استمر حتى الآن لـ11 عاماً، أثمر عن طفلتين تيا وسيلين، اللتين من النادر أن تظهرا عبر وسائل الإعلام، بصراحة كنت مهتمة أن أتعرف أكثر على شكل العلاقة التي تجمع محمد سامي بزوجته، والتي تدفعه لأن يعلي من قيمتها باستمرار، يعترف بأنها "شاطرة"، وترفض الأدوار التي يعرضها عليها وربما لا ترغب في العمل معه، لكنها تفعل وتجتهد وتواصل المحاولات.

ينتمي محمد سامي إلى أسرة ميسورة، حيث امتلك في بداية حياته مكتباً بمنطقة المهندسين، وشقة بمنطقة الزمالك، كان يتجهز للزواج من مي عمر بها، تعرف محمد على مي في الجامعة الأمريكية، وكانا يدرسان معاً، ثم رحل هو إلى جامعة مختلفة، ثلاث سنوات صداقة، ثم أحبها محمد سامي، قرر منفرداً أنه سوف يقوم بخطبتها، وفيما كانت هي مترددة انطلق هو ليكلم والدها "اسمي محمد سامي مبشتغلش حاجة خالص، وعاوز أخطب بنتك".

لكن الوالد وبعد الموافقة على الخطبة التي تمت بالفعل اعترض على تصرف لمحمد سامي، وقام بفسخ الخطبة، ليبقى الثنائي خمس سنوات بعيدين عن بعضهما، لكن محمد سامي لم ييأس، وفاتح والدها من جديد لتتم الزيجة عام 2010.

يعترف محمد أنه من أحب مي، وأنها كان لديها خوف من الارتباط، حيث شعرت أنها ستتورط، لكنه كان مُصراً، وبالفعل تمت الزيجة الناجحة والهادئة.

لا يزال لدى الثنائي فرصة لتصحيح الأوضاع بقصص جيدة وسيناريوهات قوية، ومزيد من التمرن على التمثيل والأداء بالنسبة لمي عمر، بعيداً عن دور البطولة المطلقة، الذي لا يزال مبكراً للغاية.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

رحاب لؤي
كاتبة صحفية متخصصة في الفن
كاتبة صحفية، عملتُ في العديد من الصُحف والمواقع الإلكترونية، أحب الرسم والقراءة والأداء الصوتي
تحميل المزيد