قد يعتقد البعض أننا نبالغ حين نتحدث عن الإبداع والعبقرية وأنهما صعبا المنال.. غير أن الاعتقاد سرعان ما يتلاشى أمام ما توصل إليه العلم الحديث عن قدرات الإنسان العقلية والطبيعة الشخصية عن العباقرة .. لقد أوتينا القدرة اللامحدودة على اكتساب المعرفة وعلى الإبداع في آن. معظمنا لا نزال نعتمد على اختبار الذكاء التقليدي الذي وضعه ألفريد بينيه 1875-1911، لقياس الموضوعية، الفهم والإدراك– القدرة على الإقناع، وإصدار الأحكام.. لكن هذا الاختبار تشوبه شائبتان:
الشائبة الأولى: تكمن في اعتبار الذكاء يولد مع الطفل، ولا ينمو مع نموه، أي أنه شبه ثروة وراثية.. لكن باحثين أمثال يوزان وماكادو وفينغر وغيرهم أثبتوا أن مستوى الذكاء غير ثابت، بل هو قابل إما للتطور أو للطمس وفقاً لعدة عوامل بيئية واقتصادية واجتماعية.
أما الشائبة الثانية: فهي تتمثل في الرؤية الضيقة للذكاء على أنه مقتصر في مجالي الرياضيات والقدرة على التأثير على الآخرين، وهذا ما تأكد بطلانه كما بينت دراسة الباحث النفسي هوارد جاردنر 1983 ليشمل الذكاء ما لا يقل عن سبعة مستويات، ويمكن لهذه المستويات السبعة أن تجتمع في شخص واحد.
المنطق الرياضي: إسحق نيوتن، الخطابة والكتابة: شكسبير، الفنون: مايكل أنغلو، الموسيقى: موزارت، القدرات الجسدية: محمد علي كلاي، التعامل مع الآخرين: نيلسون مانديلا وغاندي، المعرفة الذاتية: فيكتور فرانكل.
إن فكرة الإنسان متعدد المواهب صارت مقبولة هذه الأيام مع التأكيد على أنه بمقدور أي فرد أن ينمي قدراته من خلال تجاربه الحياتية ومعرفته المكتسبة والتدريب وصقل المهارات. فصغير البط يتعلم العوم من خلال متابعة حركات أمه وتقليدها.. إنها معلمته وملهمته ومثاله.. وهكذا هو الحال بالنسبة للإنسان. وهذا ما شغلني طيلة 20 عاماً وأنا أبحث في مجال واحد فقط، ما الذي يعنيه الإبداع ومن هو الشخص المبدع؟ وكيف نفكر بطريقة إبداعية وهل من الممكن أن نكون يوماً ما من المبدعين والعباقرة؟ واستخلصت هذه النتيجة "بأيدينا أن نعيد النظر إلى الأشياء من حولنا بطريقة مختلفة ونمهد لأنفسنا التفكير بطرق أكثر إبداعاً" ولكن من خلال عشر تقنيات…!
1- الشغف وحب الاستطلاع: الرغبة الدائمة والملحة للتعرف على كل شيء جديد واكتساب معارف جديدة، السؤال هو: كيف يجعلنا نضع أقدامنا على أولى خطوات الإبداع "الشغف"، إن الشغف القادر على جعل الطيور تحلق في السماء قادر على تحفيزك بمئات الأفكار.
2- التأكد: ويعني اختبار المعرفة والتأكد منها، من خلال التجربة وكذلك يعني التعلم من أخطائنا وأخطاء الآخرين، التجربة العملية خير دليل على النظريات التي يتم تحويلها من كلمات مبعثرة على الورق إلى نتائج ملموسة. كن نفسك، لا تتحول إلى ظل شخص آخر غيرك.
3- الملاحظة والتأمل: وتعتمد على رهافة الحس، وبعد النظر كوسيلة للاستفادة من التجارب والخبرات، واستخدام الحواس كأن تبصر مغمض العينين. ضع لنفسك خطة جديدة، استطعم، شم، انظر، اسمع، المس كل شيء كأنك تعيد اكتشاف حواسك من جديد.
4- إعمال فصي الدماغ: إحداث التوازن بين العلوم والفنون، بين الخيال والواقع، بين المنطقي واللامنطقي، اجعل الموازنة من عاداتك، تأرجح بين الجد والهزل، التخطيط والارتجال، العلم والفن.
5- التساؤل: أو الرغبة بإزالة الغموض والشك في كل شيء، ليس لمجرد الظنون بل للوصول إلى اليقين والتعرف إلى الحقائق، فالتساؤل يكمن فيه جوهر الإبداع.
6- اللياقة الجسدية: يجب أن نؤمن أن الصحة والسعادة مسؤولية ولها التأثير على إبداعنا ومشاعرنا، فكيف لجسد مريض أن يبدع، فالعقل السليم في الجسم السليم.
7- الترابط: إعطاء أهمية لترابط الأشياء ببعضها والعناصر المختلفة ببعضها لتخلق إبداعاً جديداً، أن تجمع الخيوط المتناثرة لتكوين صورة متكاملة في النهاية.
8- التخيل: تخيّل، انطلق بخيالك إلى أبعد حدود، ارسم صورة ذهنية لكل شيء تراه بصوتها بألوانها وحركتها، فالخيال يأخذنا لأكثر من نقطة بينما الواقع يقف بنا في نقطة واحدة فقط.
9- التدوين: دوِّن كل شيء، دوِّن التفاصيل، الأسئلة التي تدور بذهنك وليس لها أجوبة.. الأسئلة التي تثير فضولك، قم بنسج وتحليل الكون من حولك ساعتها سيتدفق الإبداع من بين أناملك.
10- التذكر: القدرة على التعلم والإبداع مبنية دائماً على تنمية الذاكرة، إن استغلال القدرات العقلية هو أفضل السبل للتعلم، حاول القيام بالتمارين التي تنمي ذاكرتك، فهي السبيل الأفضل لتحفيز الإبداع.
وفي النهاية هناك طاقة دفينة في داخلنا علينا الاستفادة منها ومن خلال هذه التقنيات العشر التي ستساعدك لتتمتع بعالمك الخاص وتنمية قدراتك الإبداعية وكيفية التعبير عن ذاتك الخلاقة، والتي تساعدك على ترهيف الإحساس، استعمال ذكائك، وإحداث التناغم بين العقل والجسد، كل ما عليك هو أن تتذكرها وتحاول تطويرها وعدم إهمالها.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.