في العاصمة الإسبانية مدريد لا صوت يعلو فوق صوت الانفجار المدريدي. نعم، ريال مدريد ينفجر وزيدان غير قادر على السيطرة على الموقف. وكان آخر تبعات الانفجار هو توديع ريال مدريد كأس ملك إسبانيا على يد فريق الدرجة الثالثة، ألكويانو، بعد الخسارة 2-1.
ورغم ضعف الخصم وانعدام خبرته فإن المتابع عن كثب لمستوى ريال مدريد هذا الموسم لا يجب عليه أن يتفاجأ من النتيجة. فالفريق يقدم مستويات أقل ما توصف به أنها محبطة ومزرية ولا تليق بفريق عريق مثل ريال مدريد منذ بدايات الموسم.
فبعد الإقصاء من نصف نهائي كأس السوبر الأسباني على يد أثلتيك بلباو، ها هو الملكي يودع كأس الملك أمام فريق مغمور. ولم يكن الميرينغي قليل الحظ في المباراة بل بدا قليل الحيلة عاجزاً عن فرض وبسط سيطرته على فريق من الدرجة الثالثة في انعكاس لفقر الأفكار التكتيكية الذي يعاني منه زين الدين زيدان في ولايته الثانية.
ورغم اعتياد ريال مدريد حصد الألقاب وعدم تقبل جماهير النادي الملكي الخروج خالية الوفاض من الموسم الكروي فإن موسماً "صفرياً" للفريق يلوح في الأفق. إذ لم يتبق لريال مدريد سوى بطولتي الدوري، التي يتصدر سلم ترتيبها أتلتيكو مدريد بفارق مريح وأداء ثابت، وبطولة دوري أبطال أوروبا التي لا بعد ريال مدريد من المرشحين لها. بل يواجه ريال مدريد تهديداً قوياً في دور الـ16 من البطولة عندما يواجه نادي أتالانتا بقيادة المدرب المخضرم غاسبيريني.
معضلة ريال مدريد وزيدان
مدربو كرة القدم ينقسمون إلى قسمين بشكل عام: القسم الأول هم المدربون أصحاب القناعات والأيديولوجيات الثابتة وهؤلاء يتميزون بامتلاكهم هوية كروية خاصة وأسلوب لعب مميز. ومن أمثالهم بيب غوارديولا وأريغو ساكي ويورغن كلوب. والقسم الثاني من المدربين هم المدربون البراغماتيون أو المتلونون. أولئك مرجعيتهم الخصوم وإمكانيات لاعبيهم. لا يمتلكون أساليب موحدة ويقابل الخصوم بطرق وأساليب مختلفة طبقاً لنقاط قوة وضعف المنافس. ومن أمثال تلك النوعية من المدربين؛ ماسيميليانو أليغري.
إنما مدرب ريال مدريد، زيدان، فلا يعتبر صاحب أيديولوجية ثابتة يحارب من أجل تطبيقها، ولا متلوناً ذكياً قادراً على وضع يده على نقاط الضعف لدى الخصوم، ولا يبهرنا بمعرفته بدهاليز التكتيك كل جولة. لكنه مدرب متأرجح، يبهرك يوماً ويخذلك أياماً حتى لم يعد من الممكن تقييمه بشكل منطقي.
بالتأكيد يمتلك زيدان تشكيلة لاعبين أفضل من أندية مثل لايبزيغ وأتالانتا وساسولو، لكن ناغلسمان وغاسبيريني ودي زيربي ورغم امتلاكهم عداد بشري أضعف من نظيره المتواجد في ريال مدريد استطاعوا زرع هوية كروية واضحة ومستقرة لفرقهم. ولم يكتفوا يوماً بالحوافز النفسية والفردية أو التدريب عن طريق استثارة "الهرمونات".
زيدان في أوج حصده للبطولات كان يخسر التكتيك. والمدرب الفقير في كرة القدم هو الفقير تكتيكياً، مهما كان غنياً بالبطولات.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.