جيوش من المراهقين للدفاع عن “الكيبوب”.. ماذا تعرف عن جهاد الإنترنت الكوري؟

عدد القراءات
1,313

عربي بوست
تم النشر: 2020/12/12 الساعة 12:45 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/12/12 الساعة 12:45 بتوقيت غرينتش

يوم بعد آخر أزداد يقيناً بأن العالم العربي/الإسلامي لن يخطو خطوة واحدة للأمام، وأتأكد كل يوم بأن القادم أسوأ مما ذهب، والمستقبل الذي يحاول البعض بناءه ويرفعون سقف طموحاتهم حتى تلامس السحاب؛ هذا المستقبل مجرد سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً.
ليست دعوة للتشاؤم -مع أنني متشائم- لكنه السيناريو الأقرب لواقع الأحداث، إنه نتاج عمليات حسابية جد معقدة استمرت لسنوات طوال، فهذا الذي يكتب الآن ظل لسنوات طوال يبث الأمل ويحلم بتغيير المجتمع -على الأقل المغربي- ويتوقع أن يحدث ذلك مع كل أزمة تمر بها البلاد وتثبت ضرورة التغيير؛ ومع كل مصيبة يشهدها العالم وتنادي الكل بضرورة التغيير، لكن لم يحدث أي تغيير، بل قل لم يحدث تغيير للأفضل، فالتغيير قد حدث فعلاً ولكن للأسوء!

دفاعاً عن “الكيبوب”

قبل مدة قام أحد مقدمي البرامج على موقع يوتيوب “اليوتيوبرز”، وهو سعودي الجنسية، ببث مقطع جديد له يتحدث فيه عن موضوع جد حساس، موضوع أتابعه باهتمام مذ مدة، ألا وهو تصاعد هوس الإعجاب بالفرق الموسيقية الكورية.
وفي معرض حديثه عنهم هؤلاء المعجبين، عرض تعليقاتهم على مقاطعه وصور التي يسخر فيها من هذه الفرق الموسيقية وأعضائها الذين لا يمكن أن تميز بينهم وبين الإناث، فشعرهن -عفواً شعرهم- ملون بألوان قوس قزح، ولباسهم ضيق للغاية، حتى لا يكاد يظهر أعضاءهم، وحركاتهم غريبة عجيبة، فهم يلتوون ويلتصقون ببعضهم البعض، في منظر مقزز يستحي منه الآدمي وتعافه الدواب، ومع ذلك..
ومع ذلك تجد أن هاته الفرق لها معجبون كثر، وللأسف الشديد من العالم العربي-الإسلامي، ومعجبوهم ليسوا كأي معجبين، إنما هم كما يسمون أنفسهم “جنود” أو “Army”. نعم إنهم جند مجندة للدفاع عن ألوية “الكيبوب“، إنهم جند الميمنة والميسرة في حرب وسائل التواصل الاجتماعي، وهم فداء لـ”كيم يون سان يو” أو “ساكالولو” وغيرهم من الأشخاص الغربية أسماؤهم.

إنها جيوش الكيبوب تغزو العالم الافتراضي، وتشن هجمات منظمة على مواقع الأعداء، وأرجو ألا يقرؤوا مقالي هذا فمن هذا الذي يسلم من شر الجيش الكيبوبي، إنهم في كل مكان، وهم مستعدون للتحرك في كل الأقاليم، وهم على أهبة الاستعداد للتوغل في كل قنوات اليوتيوب وصفحات ومجموعات الفيسبوك، ولما لا المدونات العربية إن هي هاجمت الفرق الموسيقية الكورية، أو حذرت الناس من هذه الموسيقى، ونصحت الآباء بمراقبة أبنائهم وعدم السماح لهم بمشاهدة تلك الفرق وأغانيها الماجنة التي قد تهدم ما سهر الآباء في بنائه وإعماره السنين الطويلة.

جهاد الإنترنت 


الجهاد في سبيل سَكالولو، هو جهاد الأكبر لدى محبي الفرق الكورية، والغاية هل هي الجنة؛ لا ندري بعد ربما للكيبوب جنة خاصة بهم يرسل إليه جهاد الكيبوب الذين قضوا نحبهم في إحدى معارك اليوتيوب أو ماتوا في سهرة من سهراتهم أو فاجأتهم الموت وهم يشاهدون مقاطعه على الإنترنت. ومن يعلم، بعض هؤلاء المحبين قلبها مشيخة، فهو يدعو الناس للتوبة والرجوع عن السخرية من الكيبوب، والتذكير بحب الكيبوب له، والوعد بغفران كل ما سلف من أمره، لكن بشرط أن يتوب توبة نصوحة لوجه سَكالولو.

قد يبدو الأمر مضحكاً، لا أخفي عليكم أني لم أعد أضحك وإن حاولت السخرية من مثل هاته ظواهر، بل إني لأحزن حزناً يعلمه الله، وأشعر بالشفقة على أطفالنا الذين تاهوا في عاصفة الإنترنت، وضلوا طريق الخروج في متاهة وسائل التواصل الاجتماعي فلا خيط تريستان ينقذهم.
لقد قضي الأمر، خرج الأمر من السيطرة، ولم يعد بوسع الآباء التدخل لثني أبنائهم عن الاستماع لهاته الموسيقى والانجرار وراء دعاوى الافتنان بالغرب واتباع ثقافته الممسوخة. ولو أن الغربيين أنفسهم قد أعلنوا حالة النفير القصوى بعدما انقلبت عليهم الحداثة ومخرجاتها.

المحزن أكثر أن هؤلاء الأطفال لا يحبون الناصحين ولا يرغبون في اتباع كلام من هم أكبر منهم سناً، والأدهى أنهم لا يروون فيما يقومون به أمراً غير أخلاقيٍ بل يعتبرونه حرية شخصية، وليس هناك من داء أصاب هذا العالم هو أسوأ من الحرية الشخصية.
خذ جولة في صفحات المراهقين، وستصعق من هول البذاءة والسفالة المنشورة بين جنباتها، كلام ملؤه الإيحاءات الجنسية، ليس إحاءات بل هو كلام مباشر، وألفاظ نابية من هنا وهناك، والأمّر والأدهى أن هذا لا يقتصر على  البنين بل حتى البنات أخذن لهن مقعداً في مدرج الخلاعة، فرحمة الله على الحشمة التي تزين الفتيات المسلمات، ورحمة الله على مروءة الشباب وشهامتهم.

كيف يمكن لأي مسلم أو عربي كيفما كانت ديانته، أن يحلم بمستقبل مزهر وهو يرى أمامه هذه الظواهر التي يبدو أنها في المهد ولم تكبر بعد؟
هل يعقل أن يصبح الغد أجمل وبناته يرقصون على التيك توك؟
هل سيتحسن الوضع وبنات العالم العربي يبكون لأن شَعر المغني الكوري سكالولو جميل، ويغمى عليهن لأن جين جون جان نظر في اتجاههم، هذا ولم يحدث حتى مع مَن رأوا الرسل والأنبياء؟

كن متشائماً

يا من ترجو مستقبلاً في وطن حكامه يتعالجون في الخارج وسكانه لا يجيدون ماءً يشربونه، وأطفاله يجاهدون في سبيل سَكالولو، ألا تفعل، ألا تعود لرشدك؟!
كن كإياي، الآن سأدعوك بعدما شرحت لك الوضع، كن متشائماً، آنذاك ستتقبل الأمر؛ أما إن بقيت كما أنت فلا أضمن سلامة عقلك مما هو قادم.
إن التغيير قادم، هذا لا شك فيه، ولكن للأسوء.

نداء: أيها الآباء لا تقدموا لهذا الوطن أي شيء، لا تفعلوا شيئاً، لا تدفعوا الضرائب، لكن ربوا أبناءكم، راقبوا أبناءكم، لا تتركوهم عرضة لسموم الإنترنت.

جيوش من المراهقين للدفاع عن "الكيبوب".. ماذا تعرف عن جهاد الإنترنت الكوري؟

جيوش من المراهقين للدفاع عن “الكيبوب”.. ماذا تعرف عن جهاد الإنترنت الكوري؟

عدد القراءات
1,313
عربي بوست
تم النشر: 2020/12/12 الساعة 12:45 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/12/12 الساعة 12:45 بتوقيت غرينتش

يوم بعد آخر أزداد يقيناً بأن العالم العربي/الإسلامي لن يخطو خطوة واحدة للأمام، وأتأكد كل يوم بأن القادم أسوأ مما ذهب، والمستقبل الذي يحاول البعض بناءه ويرفعون سقف طموحاتهم حتى تلامس السحاب؛ هذا المستقبل مجرد سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً.
ليست دعوة للتشاؤم -مع أنني متشائم- لكنه السيناريو الأقرب لواقع الأحداث، إنه نتاج عمليات حسابية جد معقدة استمرت لسنوات طوال، فهذا الذي يكتب الآن ظل لسنوات طوال يبث الأمل ويحلم بتغيير المجتمع -على الأقل المغربي- ويتوقع أن يحدث ذلك مع كل أزمة تمر بها البلاد وتثبت ضرورة التغيير؛ ومع كل مصيبة يشهدها العالم وتنادي الكل بضرورة التغيير، لكن لم يحدث أي تغيير، بل قل لم يحدث تغيير للأفضل، فالتغيير قد حدث فعلاً ولكن للأسوء!

دفاعاً عن "الكيبوب"

قبل مدة قام أحد مقدمي البرامج على موقع يوتيوب "اليوتيوبرز"، وهو سعودي الجنسية، ببث مقطع جديد له يتحدث فيه عن موضوع جد حساس، موضوع أتابعه باهتمام مذ مدة، ألا وهو تصاعد هوس الإعجاب بالفرق الموسيقية الكورية.
وفي معرض حديثه عنهم هؤلاء المعجبين، عرض تعليقاتهم على مقاطعه وصور التي يسخر فيها من هذه الفرق الموسيقية وأعضائها الذين لا يمكن أن تميز بينهم وبين الإناث، فشعرهن -عفواً شعرهم- ملون بألوان قوس قزح، ولباسهم ضيق للغاية، حتى لا يكاد يظهر أعضاءهم، وحركاتهم غريبة عجيبة، فهم يلتوون ويلتصقون ببعضهم البعض، في منظر مقزز يستحي منه الآدمي وتعافه الدواب، ومع ذلك..
ومع ذلك تجد أن هاته الفرق لها معجبون كثر، وللأسف الشديد من العالم العربي-الإسلامي، ومعجبوهم ليسوا كأي معجبين، إنما هم كما يسمون أنفسهم "جنود" أو "Army". نعم إنهم جند مجندة للدفاع عن ألوية "الكيبوب"، إنهم جند الميمنة والميسرة في حرب وسائل التواصل الاجتماعي، وهم فداء لـ"كيم يون سان يو" أو "ساكالولو" وغيرهم من الأشخاص الغربية أسماؤهم.

إنها جيوش الكيبوب تغزو العالم الافتراضي، وتشن هجمات منظمة على مواقع الأعداء، وأرجو ألا يقرؤوا مقالي هذا فمن هذا الذي يسلم من شر الجيش الكيبوبي، إنهم في كل مكان، وهم مستعدون للتحرك في كل الأقاليم، وهم على أهبة الاستعداد للتوغل في كل قنوات اليوتيوب وصفحات ومجموعات الفيسبوك، ولما لا المدونات العربية إن هي هاجمت الفرق الموسيقية الكورية، أو حذرت الناس من هذه الموسيقى، ونصحت الآباء بمراقبة أبنائهم وعدم السماح لهم بمشاهدة تلك الفرق وأغانيها الماجنة التي قد تهدم ما سهر الآباء في بنائه وإعماره السنين الطويلة.

جهاد الإنترنت 


الجهاد في سبيل سَكالولو، هو جهاد الأكبر لدى محبي الفرق الكورية، والغاية هل هي الجنة؛ لا ندري بعد ربما للكيبوب جنة خاصة بهم يرسل إليه جهاد الكيبوب الذين قضوا نحبهم في إحدى معارك اليوتيوب أو ماتوا في سهرة من سهراتهم أو فاجأتهم الموت وهم يشاهدون مقاطعه على الإنترنت. ومن يعلم، بعض هؤلاء المحبين قلبها مشيخة، فهو يدعو الناس للتوبة والرجوع عن السخرية من الكيبوب، والتذكير بحب الكيبوب له، والوعد بغفران كل ما سلف من أمره، لكن بشرط أن يتوب توبة نصوحة لوجه سَكالولو.

قد يبدو الأمر مضحكاً، لا أخفي عليكم أني لم أعد أضحك وإن حاولت السخرية من مثل هاته ظواهر، بل إني لأحزن حزناً يعلمه الله، وأشعر بالشفقة على أطفالنا الذين تاهوا في عاصفة الإنترنت، وضلوا طريق الخروج في متاهة وسائل التواصل الاجتماعي فلا خيط تريستان ينقذهم.
لقد قضي الأمر، خرج الأمر من السيطرة، ولم يعد بوسع الآباء التدخل لثني أبنائهم عن الاستماع لهاته الموسيقى والانجرار وراء دعاوى الافتنان بالغرب واتباع ثقافته الممسوخة. ولو أن الغربيين أنفسهم قد أعلنوا حالة النفير القصوى بعدما انقلبت عليهم الحداثة ومخرجاتها.

المحزن أكثر أن هؤلاء الأطفال لا يحبون الناصحين ولا يرغبون في اتباع كلام من هم أكبر منهم سناً، والأدهى أنهم لا يروون فيما يقومون به أمراً غير أخلاقيٍ بل يعتبرونه حرية شخصية، وليس هناك من داء أصاب هذا العالم هو أسوأ من الحرية الشخصية.
خذ جولة في صفحات المراهقين، وستصعق من هول البذاءة والسفالة المنشورة بين جنباتها، كلام ملؤه الإيحاءات الجنسية، ليس إحاءات بل هو كلام مباشر، وألفاظ نابية من هنا وهناك، والأمّر والأدهى أن هذا لا يقتصر على  البنين بل حتى البنات أخذن لهن مقعداً في مدرج الخلاعة، فرحمة الله على الحشمة التي تزين الفتيات المسلمات، ورحمة الله على مروءة الشباب وشهامتهم.

كيف يمكن لأي مسلم أو عربي كيفما كانت ديانته، أن يحلم بمستقبل مزهر وهو يرى أمامه هذه الظواهر التي يبدو أنها في المهد ولم تكبر بعد؟
هل يعقل أن يصبح الغد أجمل وبناته يرقصون على التيك توك؟
هل سيتحسن الوضع وبنات العالم العربي يبكون لأن شَعر المغني الكوري سكالولو جميل، ويغمى عليهن لأن جين جون جان نظر في اتجاههم، هذا ولم يحدث حتى مع مَن رأوا الرسل والأنبياء؟

كن متشائماً

يا من ترجو مستقبلاً في وطن حكامه يتعالجون في الخارج وسكانه لا يجيدون ماءً يشربونه، وأطفاله يجاهدون في سبيل سَكالولو، ألا تفعل، ألا تعود لرشدك؟!
كن كإياي، الآن سأدعوك بعدما شرحت لك الوضع، كن متشائماً، آنذاك ستتقبل الأمر؛ أما إن بقيت كما أنت فلا أضمن سلامة عقلك مما هو قادم.
إن التغيير قادم، هذا لا شك فيه، ولكن للأسوء.

نداء: أيها الآباء لا تقدموا لهذا الوطن أي شيء، لا تفعلوا شيئاً، لا تدفعوا الضرائب، لكن ربوا أبناءكم، راقبوا أبناءكم، لا تتركوهم عرضة لسموم الإنترنت.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علي الرباج
كاتب مغربي
كاتب مغربي
تحميل المزيد