أكبر صفقة سلاح في تاريخ الإمارات.. لماذا يصر ترامب على إتمام الصفقة المشبوهة؟

عربي بوست
تم النشر: 2020/12/12 الساعة 09:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/12/12 الساعة 09:35 بتوقيت غرينتش
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب/ رويترز

من المقرر أن يُصوّت مجلس الشيوخ الأمريكي الأسبوع الجاري على مشروع قانون يمنع اقتراح إدارة ترامب بيع طائرات بدون طيار، ومقاتلات، وصواريخ جو-جو عالية التقنية للإمارات. وبالنظر إلى سجلها الحافل في انتهاكات حقوق الإنسان والطبيعة المتقلبة للشرق الأوسط، فمن الضروري عدم إتمام هذه الصفقة. فمع اقتراب موعد غروب شمس دونالد ترامب، يُحاول الأخير المسارعة لإتمام أكبر عددٍ يستطيعه من الصفقات الإشكالية، بغض النظر عن مدى خطورة تلك الصفقات على الأمن القومي.

وفي الـ19 من نوفمبر/تشرين الثاني تقدّمت مجموعة سيناتورات من الحزبين، بينهم الديمقراطيين كريس ميرفي وبوب مينديز والجمهوري راند بول، أربعة مشاريع قوانين مختلفة تهدف إلى منع إتمام صفقة ترامب المقترحة مع الإمارات، خشية من مخاطر وتبعات بيع أسلحة شديدة التدمير إلى دولة لديها سجلٌ سيئ في مجال حقوق الإنسان، واستشهد السيناتورات بقانون مراقبة تصدير الأسلحة الأمريكي من أجل منع الصفقة.

سجل الإمارات الكارثي

كما أن الإمارات لديها تاريخٌ لا يُذكر من الدفاع المزعوم عن النفس، ومع العديد من انتهاكات حقوق الإنسان الموثقة خلال سنوات الحرب في اليمن وليبيا. ورغم التأثير العالمي لفيروس كورونا، واصلت الأمم المتحدة الإشارة إلى اليمن بصفتها "أسوأ أزمة إنسانية في العالم". وبفضل قوات التحالف السعودي-الإماراتي جزئياً، تدخل حرب اليمن الآن عامها السادس، تاركةً 59% من سكان البلاد بدون وصولٍ إلى الرعاية الصحية المناسبة، و80% بحاجةٍ إلى مساعدات إنسانية عاجلة، و66% بدون طعام. وقد شاركت الإمارات في العديد من الغارات الجوية بطول اليمن، ووفقاً لمنظمة هيومن رايتس ووتش، نفّذ التحالف السعودي-الإماراتي 22,180 غارة جوية غير قانونية حتى يومنا هذا.

إذ قصفت قذائف التحالف المدارس، والمستشفيات، ومنازل المدنيين، والأسواق، والمساجد قاتلةً المدنيين الأبرياء. وفي عام 2018 ضربت غارةٌ للتحالف السعودي-الإماراتي حافلةً مدرسية، لتقتل 26 طفلاً وتجرح العديدين. والمثير للقلق هو أنّ التحالف السعودي-الإماراتي جنّد كذلك قوات محلية مرتبط بالإرهاب خلال حربه ضد الحوثيين في اليمن. ونتيجةً لتلك العملية، نقلت الإمارات وشركاء التحالف في عام 2019 أسلحةً متطورة أمريكية الصنع إلى تلك الجماعات المحلية الخطيرة، مما يجعل مبيعات الأسلحة إلى الإمارات أمراً يُثير القلق أكثر.

وليست الإمارات بحاجةٍ إلى المزيد من الطائرات بدون طيار أو مقاتلات إف-35 من أجل الدفاع عن نفسها. لأنّ أراضيها محميةٌ بالفعل في وجود قاعدةٍ عسكرية أمريكية كبيرة في الظفرة، إلى جانب جيشها الخاص ضخم التمويل. والصفقة المقترحة حالياً، بقيمة 23.7 مليار دولار، ستكون أكبر صفقة أسلحة تُجريها الإمارات في تاريخها. ولإدراك حجم الرقم الحقيقي، فإن الميزانية الفيدرالية للإمارات إجمالاً في عام 2020 كانت 16.7 مليار دولار فقط.

صفقات ترامب المشبوهة 

كما أنّ الشرق الأوسط منطقةٌ غير مستقرة، بها حروبٌ إقليمية جيوسياسية تتسبّب في استمرار معاناة الملايين. وتسليح الدول المتورطة بشكلٍ نشط في الصراع بأسلحةٍ أكثر قوة يرقى لاعتباره إهمالاً جسيماً، يُشبه إضافة الوقود إلى النار المشتعلة. وكما قال السيناتور مينديز، "إنّ الالتفاف على عمليات التداول للنظر في ضخ كميات هائلة من الأسلحة إلى دولةٍ داخل منطقةٍ متقلبة ومتورطة في صراعات قائمة هو تصرفٌ غير مسؤول على نحوٍ صارخ".

أما وزير الدفاع السابق جيمس ماتيس، الذي انتقد الرئيس ترامب علناً، فهو يدعم الآن صفقة الأسلحة الإماراتية سراً وفقاً للتقارير. وفي منصبه مع شركة Cohen Group الاستشارية -التي تمتلك شراكات مكثّفة مع صناعة الدفاع- كان ماتيس يُحاول إنقاذ صفقة ترامب.

ولن تكون الصفقة هي الأولى التي يبيع فيها رئيسٌ من العالم الغربي الأسلحة إلى منتهكي حقوق إنسان مشتبه بهم، حيث افتضح أمر الرئيس الفرنسي ماكرون خلال الأسابيع الأخيرة بسبب بيعه أسلحةً للرئيس المصري السيسي، الذي قمع النشطاء المؤيدين للديمقراطية في بلاده بوحشية. ودعونا لا ننسى أن سلف ترامب، باراك أوباما، قد وقّع أيضاً صفقة أسلحة بقيمة 115 مليار دولار مع السعودية رغم حرب اليمن القائمة.

لكن مواصلة بيع الأسلحة لأصحاب التاريخ الطويل في انتهاكات حقوق الإنسان تُشكّل سابقةً خطيرة. حيث تُؤكّد الولايات المتحدة بذلك أنّ انتهاكات حقوق الإنسان والهجمات المتفشية يُمكن تجاهلها مقابل السعر المناسب. والقرارات المتسرعة التي يتّخذها ترامب خلال أسابيعه الأخيرة في السلطة يمكن أن تكون لها تداعيات دائمة على العالم في حال عدم التصدّي لإتمام صفقاتٍ من هذا النوع.

– هذا الموضوع مُترجم عن صحيفة The Independent البريطانية.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

أحمد طويج
كاتب ومحلل سياسي
محلل مستقل لشؤون الشرق الأوسط ومستشارٌ لمنظمة "سند لبناء السلام" غير الحكومية العراقية
تحميل المزيد