"مصائب قوم عند قوم فوائد"، ينطبق هذا المثل -حرفياً- على حال شركات التجارة الإلكترونية، في ظل جائحة كورونا التي شلّت معظم القطاعات الاقتصادية، بالإضافة إلى الإغلاق العام وحظر التجوال اللذين دفعا الناس إلى الإقبال على التسوق الإلكتروني، والاعتماد بشكل كبير على خدمة توصيل المنازل.
على سبيل المثال لا الحصر، شركة "علي بابا"، عملاق التجارة الالكترونية الصيني، ارتفعت إيراداتها بـ22 مليار دولار منذ بداية الجائحة. شركات التوصيل والبريد والنقل استفادت من الأزمة أيضاً، فقامت خدمة البريد البلجيكية استقدمت 3 آلاف عامل مؤقت، ونحو ألفي شاحنة إضافية، بعد ارتفاع غير مسبوق في عدد الطرود المسجلة، وسجلت رقماً قياسياً بتوزيع نحو 600 ألف طرد يومياً.
التسوّق عبر الإنترنت هو إحدى الوسائل الحديثة التي شاع استخدامها في كثير من البلدان، وتتمثّل بعملية البيع والشراء وتشمل الكثير من السلع أو الأشياء التي تباع وتشترى.
وهناك الكثير من الأشخاص يعانون من صعوبة في التسوّق وكيفية اختيار ما يناسب قدراتهم المالية وقوتهم الشرائية من الأسواق، فيلجأ البعض إلى أخذ أحد الأصدقاء الخبراء معه إلى السوق، ولكن الآن في ظل هذا التطور السريع والمستمر لم تعد الأسواق التقليدية هي الوحيدة التي يستخدمها الأفراد إنما تعددت لتصبح أكثر سرعة وسهولة، من خلال تقديم خدمات ومميزات غير متوفرة في الأسواق العادية.
التجارة الإلكترونية
بدأ عصر التجارة الإلكترونية عبر الإنترنت في منتصف تسعينات القرن العشرين، وزاد توجه المستخدمين للشراء عبر الإنترنت مع ظهور الهواتف وسهولة شراء السلع والخدمات.
وفي هذه الأيام في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت عمليات البيع والشراء عبر الإنترنت في تزايد مستمر، وأصبحت التجارة الإلكترونية تمثل 15% من إجمالي حجم التجارة العالمية. وبحسب التوقعات بحلول عام 2024 سيقوم المستهلكون بإجراء 95% من عمليات الشراء عبر الإنترنت.
وحسب "موقع عرب 48″، يعود ذلك ببساطة إلى أن حجم التجارة الإلكترونية زاد بنسبة 41% في ثلاثة أشهر فحسب، على ما كشفت شركة "كانتار" لدراسات السوق في تموز/يوليو الفائت. وأشارت ذات الشركة إلى أن "معدّل حصّة التجارة الإلكترونية من السوق ارتفع من 8.8 % إلى 12.4% في بريطانيا وإسبانيا والصين". وباتت التجارة عبر الإنترنت في الصين تشكّل ربع الإنفاق على المنتجات ذات الاستهلاك الواسع.
وحسب موقع الميادين، حوالي ثلاثة من كل أربعة أشخاص يفضلون التعرف على المنتجات من خلال المحتوى بدلاً من الإعلانات التقليدية، ومقابل كل 10 أشخاص، قال ستة منهم إن مشاهدة مقطع فيديو على فيسبوك أثّر على قرار الشراء في آخر 30 يوماً؛ ومع ذلك نقول جميعاً: إننا نكره الإعلانات التجارية على شاشة التلفاز.
الخداع والتضليل
الغلاف الخارجي للمنتجات والإعلانات التي تستخدمها الشركات قد تكون خادعة ومضللة في أغلب الأوقات. كما يعد التسويق الإلكتروني السبب الأساسي في رفع أسعار المنتجات بشكل كبير، حيث إن "الحملات التسويقية" عبر الإنترنت تكلف مبالغ طائلة من الأموال، وبما أن الشركة المنتجة لن تقوم بدفع هذه الأموال من أرباحها فبالتالي سوف توزع هذه التكاليف على منتجات الشركة مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتجات في نهاية المطاف!
وبلا شك أن المستهلك هو الطرف الأضعف في عملية التجارة الإلكترونية؛ نظراً لاحتياجه إلى الحماية من الاحتيال، وعدم قدرته على معاينة المنتج بشكل ملموس على أرض الواقع.
أمل التجار
على الناحية الأخرى، وفي ظل هذه الأوقات الصعبة التي يمر بها العالم، نجد أن التجارة الإلكترونية تُعد بصيص أمل للتجار من كل المجالات، على اختلاف المنتجات وتنوعها.
يقول كريم زيدان أحد التجار: "إن سياسة الإغلاق والإجراءات الصارمة التي اتخذتها الحكومة الفلسطينية بسبب انتشار فيروس كورونا، قللت بشكل كبير من الحركة التجارية في الأسواق".
ويضيف زيدان: "كان لا بد من إغلاق متجري؛ لأنني لم أتمكن من دفع إيجار المحال التجاري، وبعد أشهر من جلوسي بالمنزل وانتظار الحكومة لاتخاذ قرار فك الإغلاق لم أتوصل إلى نتيجة وبقي كل شيء على حاله".
ويكمل زيدان حديثه: "فقررت أن أبيع السلع من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وإنشاء صفحة على الفيسبوك وحساب خاص على السناب شات، وبدأت بعرض السلع والخدمات أونلاين، وهذا ساعدني في تعويض جزء مما خسرته منذ بداية انتشار فيروس كورونا".
ويعتقد المتسوقون في الوقت الحاضر أن التسوق من خلال الإنترنت أكثر أماناً؛ لتجنب الإصابة بفيروس كورونا، واعتياد الناس على المكوث في المنزل، والابتعاد عن الأزمات والتجمعات، مما يعني، "شاهد وتفحص واختر واطلب واستمتع عبر الإنترنت فقط".
وحتى منتجات الخضار والفواكه والمنتجات الغذائية، أصبحت تُباع إلكترونية، في خطوة سريعة من البائعين والمزارعين على حد سواء، ضمن إجراءات مشددة، تشمل التعقيم قبل التغليف، وشحنها للعنوان خلال ساعات من طلبها بكبسة زر، بالإضافة إلى الوجبات السريعة التي أصبح الطلب عليها متزايداً بشكل كبير.
ويقول الكاتب عبدالرحمن الخطيب: "هناك العديد من الملاحظات على أداء المؤسسات التجارية والخدمية في كيفية تسويق منتجاتها، منها غياب القاعدة العلمية لمبادئ الترويج الإلكتروني، فمنهم من يعرض بضاعة أصلاً قد بيعت، ومنهم من يصور المنتجات بطريقة الهواة، وآخرون لا يجيبون على المكالمات والرسائل، ومنهم من لم يعرض أصلاً طريقة التواصل مع الزبائن وغيرها من المشكلات، عدا عن المشاكل التقنية في الدفع الإلكتروني وتحديد المواقع".
وحتى ينجح التسويق الإلكتروني، ونزدهر ونتقدم في عالم التجارة الإلكترونية، فنحن بحاجة إلى المزيد من الخبرة والعمل والتعلم، فعالم التسوق الإلكتروني ما قبل جائحة كورونا لن يكون نفسه بعدها.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.