سقطت محاولة جديدة من محاولات المحتل الإسرائيلي لفرض وجوده بشكل طبيعي وسط الشعب العربي الذي يرفضه وينبذ وجوده تماماً، لأنه العدو المحتل لأرض فلسطين وله تاريخ أسود من سفك الدماء العربية بدعم من القوى الغربية التي وظفت وجوده في المنطقة من خلال ترسانة عسكرية أمنية مخابراتية وغيرها من الأدوات المساندة لوجوده المرحلي رغم أنه لا يمتلك مقومات الديمومة إطلاقاً.
الممثل المصري محمد رمضان الذي أطلق على نفسه لقب "نمبر ون" كان بمثابة الأداة الجديدة أو "الطعم" الذي حاول من خلاله المحتل الإسرائيلي اختراق الشعب العربي في محاولة جديدة من العديد من محاولات التطبيع الفاشلة والتي تثبت يوماً بعد يوم أن الاحتلال يدرك جيداً أن الشعب العربي هو الرقم الصعب ولن يكون لإسرائيل أي وجود دائم بدون موافقة هذا الشعب، ولذلك يبذل الكثير من الجهود والأموال في سبيل تحقيق هذه المهمة المستحيلة.
كانت هبة تاريخية متوقعة من الشعب المصري والعربي العظيم بشكل خاص في التصدي لهذه المحاولة، فالشعب المصري إضافة إلى إيمانه بعدالة حق الشعب الفلسطيني في استعادة أرضه المحتلة، فقد روت دماء رجالاته الأبطال أرض فلسطين في عام 1948 وبعد ذلك أيضاً وكذلك أرض مصر التي حاول أن يدنسها الكيان الإسرائيلي من خلال احتلال شبه جزيرة سيناء وغيرها من الأحداث العدائية الدامية التاريخية التي يصعب تجاوزها بدون زوال وجود الاحتلال.
استخدام وتوظيف محمد رمضان ليس بالأسلوب الجديد، فإسرائيل دائماً تحاول اختراق الجماهير العربية من عدة أبواب مغلقة، منها السينما العربية ونجومها، في شهر أغسطس/آب من العام الماضي اُكتشف أمر مؤسسة "كلوز آب" التي تستهدف التطبيع من خلال إقامة ورشة عمل للأفلام التسجيلية تضم مخرجين عرباً بجانب مخرجين من إسرائيل، وسابقاً عملت مؤسسة "غرين هاوس" منذ عام 2012 على نفس الفكر التطبيعي، واختفت من المنطقة عام 2017 بعد أن تأكدت مصادر تمويلها من تل أبيب.
ويمكن رؤية الحدث من عدة زوايا، وأهمها الروح العالية عند الشعب العربي عموماً والشعب المصري خصوصاً والذي بالرغم من مصاعب الحياة وخصوصاً المادية والمعيشية منها، فإنه يحافظ على عهد الآباء الذين ضحوا بأرواحهم فداء الوطن.
الاختلافات الأيديولوجية العديدة والمتزايدة عند الشعب العربي لم تؤثر على وحدة الصف فيما يتعلق بأهم القضايا المركزية، وأبرزها قضية فلسطين واحتلالها الظالم وأحد الأدلة هو أن الشباب العربي عموماً يستغلون الفرص الممكنة في التعبير عن فكرهم ووقوفهم بجانب أهلهم في فلسطين رغم كل مظاهر التضييق الأمني، وملاعب كرة القدم إحدى الوسائل التي استخدمتها الجماهير في التعبير عن وحدة صف الشعب العربي ضد وجود الاحتلال الإسرائيلي، والكثير من المواقف منها مثلاً رفض العديد من الرياضيين العرب اللعب ضد إسرائيل.
من زاوية أخرى، فإن الاحتلال مستمر في جهوده في هذا الاتجاه ولا يهمه الفضائح ولا الفشل، وسجله حافل بالفضائح وفشل في محاولات عديدة سابقة، إلا أنه لن يتوقف أبداً طالما تواجد عملاء يبيعون أنفسهم مقابل ثمن بخس في الوسط الثقافي خصوصاً، ولذلك لن يكون من المفاجئ إذا سقط مجدداً بين أيديهم فريسة جديدة ممن لهم تأثير وشعبية بين الشباب العربي، ولكن عبثاً يحاولون، فما فعله أجدادهم من مذابح واحتلال غير شرعي يتم تربية الأطفال عليه في بيوت العرب وشوارعها ومنتدياتها ومدنها، وحتى لو تغيرت مناهج المدارس ووسائل توريث حقيقة المحتل، إلا أن الأسرة في أي دولة عربية مازالت تزرع هذه المفاهيم، والدلائل على ذلك أكثر من أن تحصى.
يدرك الإسرائيليون أن التطبيع مع الشعب العربي هو الأهم من كل الاتفاقيات، وذلك لتمكين وجوده العبثي، ولذلك فإنه ينفق من أجل ذلك الكثير وسيبقى المثقف العربي مستهدفاً بدرجة كبيرة ويضاف لهم المشاهير من العلماء والرياضيين والفنانين كما حدث مع محمد رمضان، ويبقى الإنسان العربي شامخاً في ثباته في حقه في إزالة الاحتلال الذي بنفس الوقت له أهداف توسعية.
التاريخ لا يرحم وسقط محمد رمضان، بينما سجل الجندي المصري محمد العباسي اسمه في سجلات الشرف في تاريخ مصر وهو الجندي الذي اشتهر بأنه أول من رفع علم مصر على أول نقطة تم تحريرها في معارك أكتوبر/تشرين الأول 1973 (خط بارليف).
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.