بعد فوز بايدن.. لماذا ستتجه كل العيون الآن إلى الانتخابات الإسرائيلية؟

عدد القراءات
5,264
عربي بوست
تم النشر: 2020/11/08 الساعة 14:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/11/08 الساعة 14:39 بتوقيت غرينتش
من اليمين رئيس الوزراء الإسرائيلي البديل بيني غانتس، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو / عربي بوست

تنتظر الأحزاب السياسية نهاية الانتخابات الأمريكية من أجل تقرير موقفها بشأن تاريخ محتمل لإجراء انتخابات مبكرة في إسرائيل. وفي حين يريد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو انتخابات سريعة في حال ظلَّ دونالد ترامب رئيساً، يرغب رئيس الوزراء الإسرائيلي البديل، بيني غانتس، في إجراء الانتخابات بصورة أسرع إذا ما فاز المرشح الديمقراطي جو بايدن.

وبمجرد خروج نتائج الانتخابات الأمريكية، ستبدأ الهرولة السريعة نحو منافسة انتخابية جديدة في إسرائيل، ستكون هي الرابعة في أقل من عامين.

ولا شك أنَّ لنتيجة الانتخابات الأمريكية تأثيراً جدياً على الشرق الأوسط والعالم العربي، في ظل وجود قضايا شائكة في فلسطين واليمن وليبيا وسوريا والعراق والخليج وإيران وتركيا. وبدأت كل الأطراف تحضير نفسها لاغتنام الفرص ومنع الضرر المحتمل.

وسيكون للانتخابات الإسرائيلية تأثير كبير أيضاً، لاسيما بعد تعزيز عدد من البلدان العربية علاقاتها مع إسرائيل بما يتجاوز العلاقات الدبلوماسية، باتجاه التعاون والتحالف والشراكة. وتُقلِّل كلمة "تطبيع" من طبيعة هذه العلاقة.

وقد تفضل بعض الدول العربية بقاء نتنياهو في السلطة، لضمان استمرارية نهجه المتشدد حيال الملف الإيراني والحفاظ على "الانقسام" الفلسطيني. وعلى الصعيد الفلسطيني، سيكون هناك الكثير من الانتظار، كما لو أنَّ القادة الفلسطينيين متفرجون، وليسوا أطرافاً فاعلة، في العملية.

وفي ظل إمكانية حدوث العديد من السيناريوهات في الانتخابات الإسرائيلية، نعلم بالفعل أنّ النتيجة ستكون انتصاراً يمينياً وتشكيل حكومة أكثر تطرفاً وعنصرية. مع ذلك، في حين سيكون لهذه العملية تأثير هائل على مصير الفلسطينيين، تبدو القيادة راضية بالبقاء منتظرة. وصار بالإمكان أن نخلُص الآن بسهولة إلى أنَّ إسرائيل لا يمكنها تمهيد الطريق أمام سلام عادل، فلِمَ الانتظار إذاً؟

لماذا لا تقوم الحركة الوطنية الفلسطينية بما هو مطلوب من خلال توحيد المؤسسات، بما في ذلك التحرك السياسي وتنشيط المقاومة الشعبية؟ وللأسف، كلما زاد الكلام على ذلك، قلَّ التطبيق. ويقول أولئك الذين يُبقون على "سياسة الانتظار" إنَّ التحركات الفلسطينية الموحدة ضد الاحتلال تزعج الولايات المتحدة وتقوِّي اليمين الإسرائيلي، في حين تُضعِف الوسط واليسار.

لكن في الواقع، يُعَد أحد الأسباب الرئيسية لزيادة قوة اليمين هو أنَّ المجتمع الإسرائيلي لا يدفع ثمناً للاحتلال وممارساته القمعية. ويتباهى نتنياهو بأنَّ قوة إسرائيل والقبضة الحديدية تضمن الهدوء والأمن والاستقرار، في حين يبقى الاحتلال والمستوطنات كما هما.

اليمين مقابل اليمين المتطرف

اختفى اليسار الصهيوني باعتباره قوةً سياسية مهمة. ولم يعد ينافس اليمين، بل وحتى قوى يمين الوسط التي يمثلها يائير لبيد، زعيم حزب "هناك مستقبل"، وغانتس لم تعد بديلاً لحكم اليمين.

لقد تحول التنافس على السلطة في إسرائيل إلى معركة بين اليمين واليمين المتطرف، بين حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو وتحالف اليمين المتطرف الذي يتزعمه نفتالي بينيت "يمينا". ويجعل هذا فكرة إجراء مفاوضات جدية والتوصل إلى سلام عادل مستحيلة.

وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أنَّ الليكود سيبقى أكبر حزب في الانتخابات المقبلة، بـ30 مقعداً، يليه تحالف يمينا بـ22 مقعداً. وبالتالي أصبح التنافس بين الاثنين هو التنافس الوحيد الموجود، وستكون النتائج انتصاراً أكيداً لليمين.

يريد نتنياهو إجراء الانتخابات في يوليو/تموز المقبل، وسيكون بحلول ذلك الوقت قد سيطر على الأزمة الاقتصادية والصحية الحالية. وتشمل خطة نتنياهو التطبيع مع المزيد من البلدان العربية، وهي السياسة التي تزيد شعبيته في إسرائيل، ومن الواضح أنَّه همَّش القضية الفلسطينية وحقَّق نصراً سلمياً على العرب.

ولا يصدق أحد أنَّ نتنياهو سيُطبِّق اتفاق تناوب تولي رئاسة الوزراء مع غانتس في نوفمبر/تشرين الثاني 2021. وبعد إدراك ذلك، وفهم أنَّ نتنياهو يتطلَّع لفرصة لإعلان انتخابات مبكرة، دعا تحالف "أزرق أبيض" بزعامة غانتس إلى فض الشراكة وإجراء انتخابات أبكر، لمنع نتنياهو من جدولة تلك الانتخابات حسب ما يناسبه.

تصعيد العدوان

تشير كل المؤشرات السياسية إلى أن إسرائيل مسرعة في طريقها إلى الانتخابات الرابعة في غضون عامين. وبدأ نتنياهو حملته لإضعاف بينيت، بهدف منع تشكيل حكومة بديلة أو التوجه نحو اتفاق آخر لتناوب منصب رئاسة الوزراء. ولا يُعَد سيناريو تشكيل حكومة برئاسة بينيت مستحيلاً، لاسيما أن أحزاباً أخرى مستعدة للتحالف معه ضد نتنياهو.

ويجلب موسم الانتخابات في إسرائيل خطر شن المزيد من الغارات الجوية، لأغراض عسكرية وانتخابية. وقد نرى في الأشهر المقبلة تصعيداً في التحركات الإسرائيلية العدوانية ضد إيران ولبنان وسوريا وفلسطين، وربما عمليات أخرى بالتنسيق مع شركائها العرب "الجدد" والقدامى.

ولعل واحدة من أهم هذه العمليات هي شن عملية عسكرية واسعة النطاق لـ"نزع سلاح" قطاع غزة، حضَّرت لها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ونظيراتها الأمريكية بالفعل. وفي حال لاحت الفرصة، سيضرب نتنياهو قبل الانتخابات.

وعموماً، تتجه إسرائيل نحو مزيد من التطرف اليميني، ولن تغير الانتخابات المقبلة هذا. ولا يجب أن ننتظر "الحدث" الإسرائيلي، المطلوب هو "حدث" فلسطيني وعربي، برغم الصعاب والتعقيدات والعقبات. ويستلزم هذا الوحدة الفلسطينية ونضال شعبي قوي ضد الاحتلال، مع ضغط حقيقي لوقف عملية التطبيع.

ليس لدى الشعب الفلسطيني ما يخسره إلا قيوده، وليس هنالك ما ينتظره، إلا تحديد تاريخ المعركة حول الحرية والكرامة.

– هذا الموضوع مترجم عن موقع Middle East Eye البريطاني. 

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

جمال زحالقة
عضو بالكنيست الإسرائيلي عن حزب "بلد"
فلسطيني من عرب إسرائيل وعضو بالكنيست الإسرائيلي عن حزب "بلد".
تحميل المزيد