هل تركيا جاهزة لسيناريو فوز بايدن؟

عدد القراءات
507
عربي بوست
تم النشر: 2020/11/03 الساعة 14:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/11/03 الساعة 14:46 بتوقيت غرينتش

لا تبدو العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة خلال الأربع سنوات الماضية من حكم ترامب وردية، فقد لوح ترامب بتطبيق عقوبات اقتصادية على تركيا أكثر من مرة، كما تم إخراج تركيا في عهده من برنامج تصنيع طائرة "إف 35" المقاتلة والتي كانت تركيا مساهمة في تصنيع أجزاء منها عبر عدة شركات تركية.

ومن جهة أخرى لم يحدث تغيير كبير في سياسة المؤسسة الأمنية الأمريكية الداعمة لمشروع إقامة كيان كردي شمال سوريا كما تعثرت كل محاولات تركيا لتسلم فتح الله غولن الذي يقيم في ولاية بنسلفانيا الأمريكية والذي تتهمه أنقرة بالوقوف خلف المحاولة الانقلابية الفاشلة في 15 يوليو/تموز 2016.

ومع ذلك استطاع الرئيس أردوغان من خلال ما يطلق عليه دبلوماسية الزعيم الأول التوصل لتفاهمات مع ترامب الذي أثنى على الرئيس أردوغان في أكثر من مناسبة، ففي 2017 التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نظيره التركي رجب طيب أردوغان على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث أثنى ترامب على زعامة أردوغان، وقال إنه أصبح صديقاً له. وقال الرئيس الأمريكي "لدينا علاقات صداقة رائعة كدولتين، وأظن أننا الآن قريبان أكثر من أي وقت مضى، وجزء كبير من هذه الصداقة يرتبط بعلاقتنا الشخصية". وذكر ترامب أن أردوغان "يقود منطقة صعبة جداً من العالم، ويقوم بدور قوي جداً جداً، وبصراحة يسجل نتائج جيدة جداً".

وفي 2019 قال ترامب: "لدينا علاقات جيدة مع الرئيس أردوغان، والاتفاق الذي وقعناه مؤخراً بخصوص سوريا يطبَّق بشكل جيد للغاية".

وقد لوحظ التفاهم بين ترامب وأردوغان في أكثر من مناسبة منها إطلاق تركيا لسراح الراهب برونسون وعدم قيام ترامب بتطبيق عقوبات على تركيا التي أجلت تفعيل منظومة إس 400 الروسية، كما لوحظ التفاهم في ليبيا وإن لم يكن ذلك واضحاً بشكل كبير. وقبل ذلك ذكر أردوغان نفسه أن قرار الانسحاب الأمريكي من سوريا جاء بفضل إقناعه لترامب بذلك خلال اتصالات هاتفية بينه وبين ترامب.

كما أن هناك أوساطاً أمريكية لها تأثير على القرار تشجع وجود دور فاعل لتركيا في إفريقيا للقيام بجزء من الدور اللازم لموازنة الدور الصيني في إفريقيا بالإضافة إلى حلفاء آخرين للولايات المتحدة.

ومع هذا دعم ترامب كل الأطراف المنافسة لتركيا مثل إسرائيل والسعودية والإمارات والتحالفات الإقليمية التي أنشأوها في أكثر من جبهة ووقف خلفهم بقوة كما حاول ترامب تصفية القضية الفلسطينية ولا يزال من خلال صفقة القرن وصفقات التطبيع التي تلت الإعلان عنها. ويندرج تحت هذا الأمر الدعم غير المباشر لمنتدى غاز شرق المتوسط الذي يستبعد تركيا.

ولهذا مع أن التصور الحالي أن علاقات تركيا مع أمريكا ترامب جيدة وأن الحكومة التركية تريد فوز ترامب لابد أن يتزامن مع إدراك مهم بأن هذه الحالة لم تكن سلسة أو سهلة بل فرضت فيها تركيا نفسها بقوة ومناورت بأشكال مختلفة وصلت للتحدي في بعض الأوقات حتى إن بعض المحللين الأمريكان رأوا أن واشنطن يمكن أن تخسر تركيا تماماً في حال حرقت السفن معها.

أما بخصوص بايدن الذي أبدى موقفاً صقورياً ضد تركيا خلال الحملة كما أنه من المؤيدين لإقامة كيان كردي شمال سوريا فإنه من جهة أخرى لا يتفق مع الدعم اللامحدود الذي مارسه ترامب مع نتنياهو كما أنه أبدى مواقف انتقادية لسياسة السعودية. فضلاً عن أنه أميل إلى سياسة أكثر استقرارية في التعامل مع المشروع النووي الإيراني.

يعتقد الأتراك أن فوز بايدن يمكن أن يجعل واشنطن تعيد التركيز على المنافسة والمواجهة مع روسيا بدلاً من تركيز ترامب على الصين وعند النظر في مواقف روسيا التي تعارض تركيا في سوريا وليبيا وأذربيجان فإن هذا الأمر قد يعطي لتركيا فرصاً جديدة للمناورة.

جرى الانقلاب على أردوغان في عهد الديمقراطيين ومع ذلك فإنه في حال فاز بايدن فإن تركيا ستكون مستعدة للتعامل مع إدارته ويمكن أن يجد أردوغان الطرق اللازمة للتفاهم، وعلى كل الأحوال فإن تركيا مستعدة لكافة السيناريوهات. وختاماً يمكن القول إن الكرة في ملعب بايدن فهل سيتجه بايدن لمزيد من تجاهل تركيا في الترتيبات الإقليمية ويزيد من الضغط عليها أم سيسعى لتفهم مطالبها ولو جزئياً؟ إذا أراد التضييق على روسيا فإن عليه تفهم تركيا.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمود الرنتيسي
باحث فلسطيني مختص بالشأن التركي
محمود سمير الرنتيسي باحث فلسطيني يعمل في مركز سيتا للدراسات، مساعد رئيس تحرير مجلة «رؤية تركية» الصادرة عن المركز، وحاصل على درجة الدكتوراه في العلاقات الدولية، صدر له كتاب «السياسة الخارجية القطرية تجاه بلدان الربيع العربي والقضية الفلسطينية»، وله عدة دراسات منشورة في مركز الجزيرة للدراسات ومجلة السياسة الدولية ومجلة رؤية تركية.
تحميل المزيد