سنُجبر الشركات على احترام عقيدتنا.. كيف نجعل سلاح المقاطعة فعالاً على المدى الطويل؟

عدد القراءات
7,072
عربي بوست
تم النشر: 2020/10/27 الساعة 14:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/10/27 الساعة 14:48 بتوقيت غرينتش



بعد حملات المقاطعة التي نُظمت ضد فرنسا في الفترة الأخيرة بعد تصريحات ماكرون المسيئة للمسلمين وللرسول محمد صلى الله عليه وسلم أود الحديث بشكل مختلف عن سلاح المقاطعة الشعبية.

المقاطعة لا يمكن أن تكون فعالة على المدى الطويل ما لم تتحول إلى عادات، والمقاطعة بحد ذاتها لا يمكن أن تتحول لعادة ما لم نقدم البديل.

واليوم بعد أن بدأت المقاطعة تؤتي أُكُلها مع "فرنسا ماكرون" فلا بد من تطوير هذا السلاح والانتقال للمرحلة الثانية منها وهي البحث عن البديل للمنتجات الفرنسية.

لذلك أدعو إلى طريقة جديدة لمعاقبة من ينتهك المقدسات والحرمات والأرض والإنسان. ولكن هذه الطريقة أصعب من المقاطعة لأن بها مسؤولية وتستلزم وعياً بالواقع وتحتاج إلى تنسيق دقيق للآليات الجديدة.

فبالإضافة إلى مقاطعة الشركات التى تنتهكنا لابد أن نغير من عاداتنا ونتحول إلى دعم من يدعم طموحاتنا.

هناك الكثير من الشركات الوطنية التى تنتج منتجات لا تقل جودة عن نظيرتها الأجنبية وتتميز بأنها ترعى أعمالاً خيرية أو فكرية أو اجتماعية في مجتمعاتنا، فلنتحول إلى بضائع تلك الشركات ولتصبح هي المنتجات المفضّلة لنا.

لا تستغربوا، فاليوم ومع ضغط كورونا الاقتصادي سيتداعى الكثيرون من المنتجين الغربيين لعرض بضاعتهم لتكون بديلاً عن البضاعة الفرنسية وسنرى احتراماً كبيراً لحقوق المسلمين المدنية واعتقاداتهم ودينهم. فليس أقوى من منع الدرهم والدينار في تغيير طباع البشر

ماذا يحتاج قرار كهذا؟

1- المسؤولية:

هذا يحتاج إلى قرار مسؤول على مستوى الفرد من الطفل إلى الشيخ. فرق كبير من أن تطلب من فرد أن يقاطع فيقاطع إلى أجل مسمّى ثم تنفضّ المقاطعة وبين أن تطلب منه أن يدعم شركة ما فتصبح تلك عادة فتتقوى الشركات التى تحمل همّ الأمة.

2- الوعي بالواقع:

والوعي بالواقع يكون عبر معرفة نشاطات الشركات ومراقبتها وإصدار نشرات دورية عن تلك النشاطات التى ترعاها بحيث يُعرف ما تقدمه هذه الشركات، هل هو ملموس أم ذر للرماد في العيون؟

إن شركة ترعى مهرجاناً غنائياً لمطرب أو مطربة تختلف عن شركة ترعى همّ الشباب ومؤتمرات مخصصة لتطويرهم أو أخرى ترعى مؤتمرات صحية لتوعية الناس أو ثالثة تكفل الأيتام وتوفر لهم مواد الدراسة مع بدء كل عام دراسي.

3- التنسيق الدقيق لآليات الدعم:

أما التنسيق الدقيق لتلك الآليات فهو تسهيل معرفة أنشطة الشركات الداعمة لقضايا الأمة. وهذا يعني وجود مرجعية موثوقة تتثبت من نشاطات الشركات الداعمة لقضايانا قبل إدراجها في دليل الداعمين.

أي يجب إنشاء دليل للداعمين بدلاً من لائحة الخائنين أو لائحة المقاطعين، وهنا لن يستطيع أحد أن يدعي بأنه يتهم الناس فى نياتهم بل الأمر واضح شفاف، فهذا الدليل لا يدرج فيه إلاّ من ثبت دعمه لقضايا الأمة.

إن مبدأ "وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض" هو سنة ربانية ليس علينا إلا تفعيلها عبر دعم من يدعمنا.

إن هذه الطريقة الجديدة فى التعامل مع الواقع أقوى أثراً، لأنها تصنع عادات تغير من الموازين الاقتصادية.

وهذا يتطلب من المرء التنبه أثناء أي إعلان لمواد تجارية لقراءة ما بين سطور الإعلان. وسؤال النفس ماذا تقدم هذه الشركة لي غير هذا المنتج؟

هل تدعم مدرسة الحي؟ هل أنشأت مكتبة عامة للناس؟ هل أنشأت وقفاً لدعم الطلاب المحتاجين؟ هل تحمل قيم الفضيلة لأطفالنا؟ إذا كانت الإجابة بنعم فحق علي إذاً دعم هذه الشركة. فإن كانت شركة صابون يصبح هذا الصابون هو ما أعطر به يدي. وإن كانت شركة ملابس يصبح قماشها ستراً لي ولأسرتي. وإن كانت شركة أغذية يصبح غذاؤها طعامي.

إن هذه الطريقة الجديدة فى التعامل يجب أن تنتشر لتشمل كل أنواع الشركات حتى التي تقدم خدمات مثل الجوال والإنترنت وخطوط الطيران والفضائيات، فأدعم الشركة التي تدعمني عبر شراء خدماتها.

إن هذا الفهم في التعامل مع اقتصاد السوق سيغير من آليات هذا السوق وسيفرض عليه ضرائب يؤديها للمجتمع قبل تمكنه من جيوب الناس.

أما آليات هذا التفكير الجديد فهي:

أولاً: شحذ الإرادة ثم النية أن أغير عاداتي ومشترياتي تجاه من يدعم قضاياي.

ثانياً: البدء بالبحث والتقصي عن نشاطات تلك الشركات والبحث عمن يدعم هذه القضايا.

ثالثاً: توثيق هذه النشاطات بشفافية.

رابعاً: نشر هذه النشاطات على مواقع الإنترنت وإرسالها بالبريد الإلكتروني ورسائل الجوال القصيرة والتثبت من تلك الرسائل القصيرة عبر مواقع الإنترنت المعتمدة قبل أن أقدم على الدعم.

خامساً: المراجعة الدورية لتلك الشركات ونشاطاتها وتحديث المعلومات عنها.

سادساً: استبدال نجوم الغناء والرياضة بالعلماء والمفكرين كي يصبحوا هم مرجعية تلك المنتجات، فليس هناك عيب في معرفة ما هو المشروب المفضل لعالم أو مفكر! وسيتبع الناس هؤلاء العلماء والمفكرين حتى في شرابهم.

إن شعار المرحلة القادمة يجب أن يكون:

"أيتها الشركات التي حملت همّ الأمة فتفاعلت معها وقدمت لها و لو شيئاً يسيراً، حقٌّ علينا أن نقول لك شكراً، وحق علينا أن ننشئ الآليات التي تمكننا من رد الجميل. فانتظرينا".

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

طارق أبو غزالة
طبيب وكاتب
الدكتور طارق أبوغزالة، استشاري أمراض القلب والقسطرة ورئيس قسم أمراض القلب والأوعية في مستشفى ستونز سبرينغز بولاية ڤرجينيا الأمريكية. وهو كذلك عضو مجلس إدارة الجمعية الطبية لولاية ڤرجينيا، وعضو مجلس إدارة الجمعية الطبية لشمال ڤرجينيا. نُشرت له الكثير من المقالات على الشبكة العنكبوتية.
تحميل المزيد