لم أكَد أفتح الصفحة الرئيسية الخاصة بحسابي على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك حتى وجدتها غارقة في سيل من الانتقادات العنيفة جداً لفساتين الفنانات في مهرجان الجونة السينمائي والذي يقام في الفترة من 23 إلى 31 أكتوبر/تشرين الأول 2020.
كعادته كل عام لن تجد منشوراً واحداً عبر مواقع التواصل الاجتماعي يتحدث عن الأفلام المشاركة أو الأداء المميز لبطل واحد من الأفلام أو عن أي أمر يخص المهرجان سوى "الفساتين" بحيث لم يعد يعرف المهرجان إلا بفساتينه وعدد من الأمور المثيرة للجدل، تارة بفساتينه وتارة بالثنائيات التي تظهر فوق السجادة كل عام، لكن الثابت عاماً بعد آخر هي تلك الحالة من "الانتخاب" وسط كم لا نهائي من التصميمات التي تبدو غريبة وغير مستساغة للجمهور فيتحول الفستان "الجميل" إلى حدث ومن ثم ترند.
لماذا نرى فساتين قبيحة؟
لا يمكن لأحد أن يغفل حالة الاستنكار التي تحظى بها تصممات الفساتين عاماً بعد آخر لكن هذا العام الأمر يبدو مثيراً للتأمل، حتى إنه تم انتخاب مجموعة من أسوأ الإطلالات تصدرتها الفنانة شيرين رضا وإنجي المقدم وعدد آخر من
الفنانات لكن السؤال يبقى داخلي إن كان الأمر يتكلف الكثير من المال والجهد فلماذا تبدو النتيجة بهذا القدر من السوء؟
لمن لا يعلم، يتكلف بعض الفنانين مبالغ تصل إلى نصف المليون جنيه كي يظهروا بإطلالات جذابة ومختلفة خلال اليومين الأول والثاني وكذلك حفل الختام بالإضافة إلى محاولة الظهور اللافت بملابس مناسبة وجديدة خلال أيام المهرجان الثمانية.
فعلى سبيل المثال تكلفت إطلالة غير مميزة أو لافتة للفنانة يسرا في العام الماضي، في حفل الافتتاح فقط مبلغ 124 ألف وكان فستاناً طويلاً ذا أكمام مكشوفة اتسم بصيحة الـ sequins embellished، وحمل الفستان توقيع دار الأزياء العالمية dolcegabbana.
الأسعار تبدو مرعبة عاماً بعد آخر وكذلك الإطلالات فمن المسؤول؟ هل الفنان نفسه هو صاحب المسؤولية الكاملة عن الإطلالة سيئة كانت أم جيدة أم المصمم؟ خاصة أن الأمر يتكرر عاماً بعد آخر فالتلوث البصري الذي تركته بعض الإطلالات لم يختلف عن ذلك الذي وقع في العام الماضي.
البعض حاول أن يفهم السر وراء القبح مثلي، من بينهم المصممة والإستايلست الروسية فيرا زولوتاريفا والتي ترى أن عملية الـ styling تتضمن مجموعة من الخطوات أهمها أن يتم الوضع في الحسبان كل من الشكل والانحناءات ونوع ولون القماش والإكسسوارات، والأهم أن يراعي التصميم عيوب الجسم، فالجميع لديه عيوب لكن دور التصميم ألا يداريها التصميم وحسب ولكن أن يعالجها فيحولها إلى عنصر جمال، فمثلاً في حالة فستان الفنانة ياسمين صبري تجاهل المصمم شكل كتفيها العريضين ولم يلجأ إلى الحمالات الرفيعة وإنما العريضة، ما أضفى مزيداً من العرض لكتفيها.
المصممة الروسية ترى أن الفنان نفسه جزء من التصميم، وقفته وابتسامته ومدى ثقته في نفسه، في المجمل قامت السيدة بتفنيد الأمر لكن السؤال تعاظم أكثر داخلي.
من المسؤول عن الفستان الفنان أم المصمم؟
في رأيي الشخصي الفنان هو المسؤول ولعل هذا هو السر في تميز إطلالات مجموعة من الفنانين دون غيرهم على رأسهم الفنانة التونسية درة والتي استطاعت عاماً بعد آخر أن تتحول إلى ماركة مسجلة في الجمال ربما لأنها تحمل حساً يتعلق بالتصميم فهي صاحبة تصميم فستان الفنانة بسمة الرقيق جداً، حتى في غيابها حضرت بمزيد من اللطف والجمال.
لكن مصممة الأزياء الشابة منار حازم، فاجأتني بمعلومة كانت جديدة بالنسبة لي حيث قالت "مصمم الأزياء أو صاحب دار الأزياء لا يحمل أي مسؤولية إلا عن مستوى "التقفيل" أو "الفينيش" الخاص بالفستان، أما المصمم فحين يقوم بوضع تصميم خاص بفستان معين لا يقوم بتحديد من سيرتديه، من يحدد الأمر هو الإستايليست الخاص بالفنان، أو الفنان نفسه الذي يجب أن يفرض خلفيته الشخصية على ملابسه كما هو الحال مثلاً مع منة شلبي ودرة، حيث يختلف المصممون والإستايلست وتبقى كل منهما جميلة و"شيك" وأيقونة للجمال.
ربما لهذا يتعمد بعض الفنانين ارتداء تصميمات شاذة وخارج السياق -برأي منار- وهو أمر يعكس خلفيتهم وشخصيتهم والصورة الذهنية التي يرغبون في تركها لدى الجمهور وشركات الإنتاج، كما هو الحال مع إسلام إبراهيم، كوميديان برنامج SNL بالعربي وأحد أبطال المسلسل الشهيرة بـ 100 وش، أرى أن الأوتفيت الخاص به ذكي جداً ومناسب للصورة الذهنية والانطباع الذي يرغب في أن يتركه لدى الجميع.
وترى المصممة الشابة أن حالة الهجوم الشديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي على فساتين فنانات الجونة تحمل الكثير من عدم الفهم في أوقات عديدة لطبيعة التصميم، بحيث تتحكم الرغبة في تصدر "الترند"، الأمر أكثر من مجرد "المعرفة"، مشيرة إلى ضرورة أن يناسب الفستان سن الشخص، وهو ما يبدو البعض موفقاً فيه مثلاً يسرا وليلى علوي وإلهام شاهين ولبلبة في فساتين الافتتاح هذا العام، لكن المشكلة تبقى في بعض التصميمات التي تظهر عيوباً للجسم كما حدث في فستان المذيعة والفنانة إنجي المقدم، لكنها أوضحت لي أمراً إضافياً بدا لافتاً بالنسبة لي حيث تقول "في أوقات كثيرة يمكن لصورة أن تظهر الفستان بشكل غير لائق وهو ما يحدث معي بشكل شخصي حيث أقوم بتصميم فساتين تعجب صاحبتها وتعجبني ولكن حين أشاهد الصور أشعر أن المصور لم يبرز جمالها بل استخدم زوايا ظلمت التصميم وصاحبته فلا أقوم بنشرها على صفحتي الشخصية".
وتكمل منار حازم حديثها "الكثير من الفساتين تكون جميلة فعلاً من ناحية التصميم، لكن تظهر بشعة في الصور كما جرى مع دينا الشربيني في العام الماضي على الرغم من أن فستانها كان جميلاً وكذلك الأمر مع فستان الفنانة رانيا يوسف هذا العام في رأيي الشخصي هو فستان وليس عارياً بشكل متعمد، ومناسب لها جداً، لكن زاوية التصوير تعمدت إخراجه بشكل بشع".
لا ترى منار أن هناك عرياً متعمداً هذا العام "لا يوجد فستان أستطيع أن أقول عنه إنه فاضح، فهم بالنهاية غير محجبات"، تلك الجملة الأخيرة للمصممة الشابة جعلتني أفهم الكثير بشأن حالة الغضب، فالجمهور الذي ينتقد أغلبه فنانون، يبحث وسط التصميمات عن ذلك الفستان الذي يمكن تحويله إلى فستان محجبات، ربما لهذا حاولت واحدة من المصممات أن تبذل جهداً في مساعدة الفتيات عبر تحويل الفساتين إلى نسخ تصلح للمحجبات.
المصمم متهم أيضاً
بالرغم من الرأي السابق إلا أنني أجد صعوبة في إعفاء المصمم من حالة القبح السنوية العامة، ربما لأن الأسماء تتكرر بطريقة تبدو لي مستفزة، فمثلاً لا يخلو مهرجان من تصميم لهاني البحيري الذي صمم في العام الماضي فقط فساتين كل من داليا البحيري وأروى جودة وليلى علوي، وصفية العمري ورشا مهدي وناهد السباعي ورجاء الجداوي ويسرا والإعلامية شريهان أبوالحسن، أي اختلاف أو إبداع يمكن أن يخرج من يد مصمم يتعامل مع هذا العدد في التوقيت ذاته، الأمر أشبه بـ"المقاولة"، الأمر ذاته يتكرر ولكن بصورة أكثر فجاجة مع المصمم الشاب مهند كوجاك والذي لا يساهم في ظهور تصميمات مثيرة للجدل للفنانات وحدهن ولكنه يتعمد الظهور في كل مرة بإطلالات مثيرة للجدل أيضاً، في العام الماضي قام بتصميم فساتين كل من مها أبوعوف، بسمة، أروى جودة، هدى المفتي وفايا يونان ونهال لهيطة وزوجة عمرو منسي منظم المهرجان.. فعن أي جمال وتميز يمكن للمرء أن يتحدث أو ينتظر؟
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.