7 أفلام صُنعت للأذكياء فقط

عربي بوست
تم النشر: 2020/10/22 الساعة 10:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/10/22 الساعة 10:50 بتوقيت غرينتش
فيلم Cloud Atlas الأمريكي

 السينما أكبر من كونها حكاية تُحكى، ليس فقط لأنّ "الصورة بألف كلمة"، ولكن لأنّ السينما عالم واسع من الصور والكلمات والأصوات، فيه ألف فكرة وألف معنى. 

قد تقول الصورة عكس ما تقول الكلمة في المشهد الواحد، وقد يصرخ البطل من الألم بينما ترقص الموسيقى في الخلفية من السعادة، كل هذا لا يحدث عبثاً، بل هو مُرتّب بدقة، من قِبل المايسترو أو مخرج الفيلم، الذي جمع كل هذه التفاصيل الكثيرة، لتصنع معنى فريداً بذاته، يصل لوعي المشاهد، فُيصبح الأمر أعمق من مجرد "حدّوتة".

ويزداد الأمر تعقيداً، ومتعة أيضاً بلا شك، حينما تكون القصة غامضة، تحتاج لتدقيق، أو بحث، فتصبح كاللغز الذي يحتاج لتفسير، والذي لن يستطيع كشفه سوى الأذكياء فقط. 

في هذا المقال أردت أن أجمع لكم مجموعة من الأفلام التي اعتمدت على نص مُبتكر، أو فكرة بالغة التعقيد، أو وحي غامض يُمكن تفسيره بأكثر من طريقة، ومحاولات عشّاق السينما من أنحاء العالم لتحليل هذه الأفلام بطريقة مميزة، تجعلنا نندهش حقاً، من الطريقة الفريدة، التي يرى بها كل منّا، نفس الشيء الواحد.

Cloud Atlas

في عام 2012، حينما ظهر إعلان فيلم Cloud Atlas للمرة الأولى، جذب الكثير جداً من الانتباه، فالفيلم يتنقّل بين العديد من الأزمنة المختلفة والعوالم الغريبة، والذي يظهر من خلاله الأبطال بأكثر من صورة وشكل، وهو الشيء الذي سيُفاجئك حقاً حينما تُشاهد الفيلم كاملاً، وترى هذه التحوّلات المُذهلة لأبطاله.

يعرض لنا فيلم Cloud Atlas ست قصص، تدور كل منها في عالمٍ مختلف تماماً، في أزمنة عديدة، ما بين الماضي والحاضر والمستقبل. وهو الفيلم الذي شكّل لغزاً غامضاً لمشاهديه، الذين أخذوا على عاتقهم تفسيره، وملاحظة كل التفاصيل الصغيرة التي تربط بين القصص الست وبعضها.

حتى أنّهم قاموا بصنع العديد من الرسوم التوضيحية والإنفوجرافات التي تشرح خط سير الأحداث وفقاً للزمن، وتكرار ظهور الشخصيات على أشكالها المختلفة.

 Interstellar

كان الأمر مُثيراً بحق حينما بدأ عرض فيلم الخيال العلمي Interstellar في عام 2014، ليُحدث ضجة كبيرة، ويتهافت الناس لرؤية فيلم، مُعتمد على نظريات علمية شديدة التعقيد.

هذا الفيلم الذي أخرجه وشارك في كتابته الأمريكي Christopher Nolan، استطاع أن يكسب ملايين من المُعجبين حول العالم، الذين فور مشاهدتهم له، سارعوا بالبحث عن تفسير مُبسّط للعديد من القوانين الفيزيائية، مثل نظرية الثقب الأسود، والجاذبية الاصطناعية، والإبطاء الزمني بسبب الجاذبية، وغيرها، 

وبدأ محبّو الفيلم في شرح الفيلم بأبسط شكل ممكن، من خلال الكثير من الصور والإنفوجرافات والفيديوهات أيضاً.

Tree of Life

هذه المرة، كان الأمر مختلفاً، ففي فيلم "شجرة الحياة" الصادر عام 2011 للمخرج الأمريكي Terrence Malick، لا توجد نظريات فيزيائية معقدة، أو لغز يجمع بين حكايات متفرقة، وإنّما كان كالسهل الممتنع.

ففي هذا الفيلم البديع، الأشبه بفيلم وثائقي، لم يكن الحوار المعتاد هو الغالب على الأحداث، بل كانت الطبيعة هي البطلة، حيث المشاهد الطويلة التي عرضت كيفية نشأة الكون وتطور الحياة على كوكب الأرض.

إنّه واحدٌ من الأفلام التي إمّا يحبها الجمهور بشدة، أو يكرهها بشدة، وكان من الطبيعي أن يحاول الجمهور أن يفهم ما الذي يحدث ها هنا، والمشكلة أنهم لا يعرفون من أين يبدأون، أو من أين يمكنهم البحث من الأساس، لهذا تجاذبوا الحديث عنه في الكثير من المواقع والمنتديات، وكوّنوا عدة نظريات بشأنه، فمنهم من قال مثلاً إنّ الفيلم لا يحوي أي موضوع، وإنّه مجرد عدد من المشاهد الممتعة بصرياً، ومنهم من قال إنّ الفيلم روحي وديني أكثر، وإنّ الفيلم يخاطب القلوب بأكثر مما يخاطب العقول، وهناك من طلب من الجميع أن يتوقفوا عن محاولة تفسير الفيلم ووضعه في قالب واحد، فهو يحتمل الكثير جداً من المعاني التي لا يلحظها الكثير من الناس.

ولا يمكننا ألا نذكر عن هذا الفيلم أنّه كان واحداً من الأفلام القليلة التي وضعت إحدى دور السينما في أمريكا تحذيراً بشأنه في وقت عرضه، قائلة إنّ الفيلم لا يُمكن اعتباره فيلماً تقليدياً، وإنّه يجب على من يقرر مشاهدته أن يكون متفتح العقل، وشدّدت في النهاية على أنّها لن تقوم باسترداد التذاكر ممن قام بشرائها بالفعل. 

Predestination

فيلم آخر فريد من نوعه، وهو أشبه بلعبة عقلية، ممتعة جداً لهواة هذا النوع من الأفلام، الذين يحبون أفلام الغموض والتشويق، والتي غالباً ما تأتي النهاية فيها على نحو غير متوقع أبداً، وهو ما نجح فيه هذا الفيلم بجدارة.

"قضاء وقدر" هو اسم الفيلم الذي صدر في عام 2011، والذي ينتمي لفئة الخيال العلمي، فتلعب فيه فكرة السفر عبر الزمن الدور الأعظم، ولكن دعني أخبرك بأنّ هذا الفيلم يختلف عن أي فيلم تناول هذه الفكرة مُسبقاً.

هذا الفيلم المُربك، الذي يحوي من العلم شيئاً، ومن الفلسفة شيئاً، ومن الحب شيئاً، ومن الخيال شيئاً، اعتبره مُعجبوه واحداً من أفضل أفلام الخيال العلمي، وأفلام السفر عبر الزمن تحديداً.

لا أنصحك بأن تحاول تتبع الرسم البياني التالي الذي صنعه مُحبو الفيلم، إن كنت لم تُشاهد الفيلم بعد.

ويُمكنك أن تجد الكثير من المناقشات الممتعة التي تبادلها عشّاق الفيلم مع بعضهم، وأيضاً العديد من الإنفوجرافات التي تحاول تبسيط فكرة الفيلم المعقدة، والتي تلتف حول نفسها كالثعبان الذي يأكل ذيله تماماً.

Mother!

لا خلاف في أنّ الفيلم الأكثر شهرة في عام 2017، والذي حظي بأكبر قدر من الجدال بشأنه، هو فيلم "Mother"، والذي كتبه وأخرجه Darren Aronofsky، المعروف بأفلامه ذات التأثير النفسي الساحق، مثل فيلميه السابقين Requim for a dream، و Black swan. 

يبدأ الأمر حينما تُشاهد البوستر، فتشعر بأنّ هناك شيئاً على غير ما يرام، ثم تُشاهد إعلان الفيلم، فتظن حينها أنّك ستشاهد فيلماً مُرعباً، ولكنك بعد أن تراه، تعرف بأنّ الأمر أعقد من ذلك، وأنّ هدف Arnofosky من هذا الفيلم، لم يكن اللعب بانفعالاتك، بل كان هدفه في الحقيقة، هو اللعب بعقلك كاملاً.

لم ير أحد من المشاهدين الفيلم في ذلك الوقت، إلا وأدرك أنّ الفيلم له دلالة رمزية كُبرى، ولكنّ الأغلب منهم لم يفهموا إلام يرمز، فشعروا وكأنّ أحدهم يصرخ في وجوههم، قائلاً لهم شيئاً هاماً جداً، ولكنّهم لا يستطيعون سماعه للأسف.

صار الفيلم حديث الساعة على مواقع السينما، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبدأ جمهور الفيلم الذي أحبّه، والذي كرهه معاً، في الضغط على خانات البحث، وسؤال أصدقائهم ممن شاهدوا الفيلم، عن المعنى الكبير الذي يختفي وراء نهاية الفيلم المُقبضة وأحداثه الدموية المُثيرة للهلع فعلاً. 

 استطاع الجمهور أن يتوصل إلى عدد من النظريات بشأن رمزية الفيلم، والتي كان أغلبها له مرجعية دينية واضحة، كما كانت هناك نظرية خاصة بالطبيعة، وبكوكب الأرض بشكل عام، وظنّ بعضهم أيضاً أنّ المسألة تتعلق بعملية الخلق والإبداع التي تنتاب كل مؤلفٍ أو شاعر، حتى ظهر تصريح Arnofosky أخيراً بأنّه سيقوم بتوضيح الفكرة من وراء هذا الفيلم، وذلك بعد ضغط شديد ممن طالبوه بأن يقوم بشرحٍ ولو مبسط للفيلم، رغم أنّه كان يريد ألا يقدم أية تفسيرات، وأن يترك الأمر بكامله للمُشاهد.

Inception

لا أعتقد أنّ أحداً من محبي السينما في العالم لم ير هذا الفيلم البديع فكراً وصنعاً، على يد الكاتب والمخرج العبقري الذي نذكره من جديد في هذه القائمة، Christopher Nolan. 

كعادة أفلام نولان، كان التشويق والغموض هما بطلَي القصة، ولأنّ موضوع الفيلم كان مُبتكراً حقاً، فقد كانت ردود الأفعال على الفيلم من قبل المشاهدين والنقاد، مذهلة، وكان الفيلم بمثابة لعبة عقلية ممتعة، تسابق كل من شاهده على فكّ شفرتها، وتحليلها قطعة قطعة، للوصول في النهاية إلى صورة ساطعة، بلا أي غموض فيها.

حلم أم حقيقة؟ واقع أم وهم؟ ما هي مستويات الأحلام؟ وماذا عن مستويات الوعي؟ وماذا عن غموض المشهد الأخير، وهو المشهد الذي تلاعب بالكثير جداً من عقول المشاهدين، واختبر ذكاءهم، ودقة ملاحظتهم والقدرة على تحليلهم المنطقي. كل هذه الأشياء تبرّع بالبوح بها الكثير جداً من محبي الفيلم، الذين غاصوا بداخل تفاصيله الكثيرة، ليضعوها نصب أعيننا.

فمثلاً يُمكنك هنا أن ترى كيف صنع أحدهم هذه اللوحة التي تُرشدك إذا ما كنت تحلم أم أنك على أرض الواقع فعلياً، طبقاً لقوانين الفيلم بالطبع.

وفي الصورة السابقة، نرى كيف صنع أحدهم تحليلاً وافياً لسير الأحداث في الفيلم، طبقاً لكل شخصية، وحسب الحلم الخاص بها. 

Looper

يعتبر من أفضل أفلام 2012، ويجمع بين الأكشن والخيال والغموض، في فكرة مبتكرة، تُربك المشاهد، وتضعه في حالة من الترقب الشيّق.

الفيلم يعتمد على فكرة السفر عبر الزمن مجدداً، ولكن بصورة تختلف عما تم تقديمه سابقاً. 

ولأن أفلام السفر عبر الزمن تحديداً تحتاج للتحليل الدقيق، حتى لا يتم الخلط بين الأزمنة، وبين الشخصيات التي تُسافر من وإلى الماضي والمستقبل، والتي كما يحدث على الأغلب تتواجد منها أكثر من نسخة في الزمن الواحد، كان لابد من شرحٍ وافٍ بالصور والرسوم البيانية، لهذا النوع الأفلام، كما ستجد مع فيلم Looper، الذي تطوّع مُحبيه بالقيام بهذا الأمر، كما ستجد في الرسم التوضيحي التالي.

أعترف في النهاية أنني وجدت متعة كبيرة في تتبّع ما قدّمه مُعجبو الأفلام من شروحٍ وتفسيرات مختلفة للأفلام، وأنصحك عزيزي القارئ أن تفعل نفس الشيء، فقط قم بالبحث عن فيلمك الغامض المفضّل، وسيُدهشك ما صنعه عشاقه عنه.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

سارة يوسف
دارسة للأدب الإنجليزي، ومهتمة بالفنون والسينما
أنا سارة يوسف، زوجة وأم، مُحبة للقراءة والسينما، درست الأدب الإنجليزي، وعملت في وظائف عدة، حتى توصّلت لشغفي الحقيقي وهو كتابة المقالات الفنّية والأدبية.
تحميل المزيد