في 6 خطوات.. كيف تحولين طفلك إلى شخص “اتكالي” وعالة على الآخرين؟

عدد القراءات
659
عربي بوست
تم النشر: 2020/10/19 الساعة 09:25 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/10/19 الساعة 09:25 بتوقيت غرينتش

لا يشكو جسده من إصابة حسية، ولا تعاني أعضاؤه شللاً، لكن روحه مصابة، وهمته مشلولة، قعيد الإرادة، وكسيح الثقة، طلباته لا تتوقف، وأوامره لا تنتهي، يصاحبها تذمر وإلحاح غاضب.

 يرى خدمته واجباً على من حوله، لا يستطيع أن يحضر طعاماً لنفسه، بل ينتظر من يقدمه له، ولا يتوقف الأمر على الطعام فقط بل يمتد لباقي الحاجات والمهمات الأخرى مثل ترتيب الغرفة وكي الملابس والتسوق.. إنه معاق رغم صحة جسده، بل إن ذا الإعاقة سليم الإرادة أقوى منه عزماً وأقدر على التكفل باحتياجاته.

الإعاقة هنا رمزية فهو إنسان منحه الله العافية والسلامة، ولكنه يعتمد على الآخرين دائماً ولا يسمح لهم بأعذار مطلقاً، وينتظر المساعدة من الجميع، فإن بقي وحيداً وجد صعوبة في القيام بأي مهمة وتصاب حياته تماماً بالشلل.

لم يتعود صاحبنا على القيام بشيء، فمنذ ولادته تقوم والدته بكل مهمة يجب أن ينفذها هو، ويشب على هذا المنوال، ينتظر من يخدمه وللأسرة دور كبير في ذلك، فقد بدأت السير عبر خطوات متعددة بدافع الحنان والشفقة، دون أن تدرك التحول الذي تحدثه في شخصية الطفل.

 لذلك نقدم لك الكتالوج الشعبي لتحوُّل طفلك إلى معاق:

 لا تفعل شيئاً سأقوم بكل شيء:

 ترى الأم أنها أولى بالقيام بكل شيء بسبب سرعة إنجاز المهمات مقارنة بمجهود الطفل الصغير، وبالتالي يتعود الطفل تدريجياً وينغرس في قرارة نفسه أنه غير مؤهل للقيام بأي مهمة منزلية على الإطلاق.

ويبتعد الطفل من تلقاء نفسه عن فكرة المشاركة في الأعمال المنزلية، ويرى صعوبة شديدة في القيام بمهام بسيطة جداً.

تفعل الأم ذلك بدافع الحب والتضحية والبذل، لكنه حب قاتل، يقتل إرادة الطفل وثقته واعتماده على الذات.

لا تدخل المطبخ.. إنه خطر:

 تحرم الأم طفلها من دخول المطبخ أو من مشاركتها في الطبخ، ومن مساعدتها في تقطيع الخضراوات أو غسل الأكواب أو حمل الأطباق أو جمع الحبوب أو إعداد الوجبات الخفيفة.

وبالتالي يكبر الطفل ولا يستطيع أن يسلق بيضة، وربما يشعر بالتوتر والقلق عند تحضير إفطار بسيط مكون من شطيرة جبن وكوب من الحليب البارد، وقد لا يستطيع أن يعد مشروباً دافئاً لنفسه.

بدلاً من تعليم الطفل القيام بمهامه (مع إرشاده كيف يبقى آمناً) تختار الأم حلاً أسهل وآمن على المدى القريب، لكنه أصعب ومدمراً على المدى البعيد.

أنا دائماً هنا:

 تغرس الأم في نفوس الأبناء فكرة أنها متاحة دائماً مع أول نداء أو استغاثة، وتساعد الطفل في كل شيء دون ترك مساحة للمحاولة أو التجربة.

شيئاً فشيئاً يجد الطفل صعوبة شديدة في الاعتماد على نفسه، ويحرم تماماً من الاكتشاف من فكرة تصحيح الخطأ.

 تظن الأم أن في تخصيص وقت لنفسها، أو الانتظار والتلكؤ في إجابة ابنها لكي يفكر بنفسه في حلول، نوعاً من الأنانية، وأن واجبها كأم أن تكون متاحة له في كل ثانية، لكن ذلك يجعل نفسية الطفل تعتقد أن هناك خادماً متاحاً دوماً.

ترتيب غرفتك وتنظيم ملابسك مهمتي:

 هناك خطأ شائع تقع فيه كثير من الأمهات وهو ترتيب غرف الأطفال وتنظيم ملابسهم بدلاً عنهم، لكن يجب أن يتعلم الطفل أساسيات التربيط البسيطة كجمع الألعاب وترتيب الفراش، وتنظيم الكتب والألوان.

قيام الأم بترتيب غرفة الطفل دون موافقته، يحمل رسالة إلى ذهنه بأنها اخترقت كل ما يخصه، وأنه يعيش بلا واجبات.

سأذاكر لك كل شيء:

 المذاكرة مهارة يكتسبها الطفل بالتعود، ولكن يخسرها عند جلوس الأم بجواره طوال الوقت أثناء حل الواجبات، ما يحمل رسالة للطفل بأنه لا يستطيع الاعتماد على نفسه، فيظل هكذا حتى يكبر ويدخل الجامعة.

 وترى بعض الأمهات أن هذا السلوك هو الحل الأمثل لضمان متابعة الطفل وعدم انصرافه عن القيام بواجباته، ولكنها تغفل ما قد يخسره الطفل -تحت دافع حبها- من مهارات اجتماعية وجرأة عند حرمانه من مناقشة المعلم وزملاء المدرسة.

أحيطيه بوسائل الراحة والإلكترونيات:

 تترك بعض الأمهات ابنها لوسائل الراحة، والألعاب الإلكترونية المبهرة، باعتباره حلاً سهلاً آمناً، ويمكن اللجوء إليه فوراً للتخلص من "زن الطفل"، لا تلجأ تلك الأم اللصيقة بطفلها إلى إبعاده في أماكن تحتاج الاعتماد على الذات أكثر، مثل أنشطة الكشافة والجوالة أو المعسكرات.

في المقابل، فإن أكثر الآباء والأمهات في المجتمعات الفارهة يضطرون إلى إرسال أبنائهم إلى معسكرات صيفية بلا إلكترونيات، وربما بلا وسائل اتصال، يضطرون فيها إلى الاعتماد على أنفسهم والاحتكاك المجتمعي وبناء شخصيتهم.

بعض تلك المعسكرات تكون نتائجها مبهرة على شخصيات الأطفال عندما يتعلمون منها مهارات سلوكية واجتماعية جيدة، وينفصلون عن وسائل النعيم المبالغ فيه، ولكن بالطبع مع الأخذ في الاعتبار عوامل الأمان الضرورية.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
رفيدة الصفتي
صحفية في مجال المرأة والأسرة
صحفية وأم، أكتب في مجال المرأة والأسرة وحاصلة على ماجستير في علم اللغة والدراسات السامية والشرقية من جامعة القاهرة، وكذلك دبلومة في الدراسات اللغوية، ودبلومة ثالثة في الدراسات التربوية من جامعة الأزهر.
تحميل المزيد