يعشقون الأخبار المثيرة والصحف الصفراء.. أسباب انتشار الشائعات بسهولة في العالم العربي

عدد القراءات
570
عربي بوست
تم النشر: 2020/10/16 الساعة 11:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/10/16 الساعة 11:55 بتوقيت غرينتش

"الإشاعة؛ يصنعها عدو حاقد، ويتلقفها منافق فاسق، وينشرها غر جاهل".

يميل الناس إلى تصديق الأخبار التي توافق آمالهم ورغباتهم والتي عادة ما تكون مثيرة للغاية، وبالحقيقة قد تكون هذه الأخبار تلامس شيئاً بدواخلهم، سواء كانت صادقة أو مكذوبة، المهم أنها تشبع رغبات دفينة أو واضحة لديهم، وتشفي شيئاً يريدونه، لذلك نسمع كثيراً من الشائعات التي تنتشر بين الناس ويتم تداولها وكأنها الحقيقة.

الشائعات لم تولد اليوم أو الأمس، وإنما وجدت منذ عقود طويلة، ولا تقتصر على مجتمع دون غيره فهي تنتشر في كل المجتمعات دون استثناء، لكن هناك مجتمعات واعية ومثقفة، تهتم بالحقيقة وتعمل على إثبات صحتها، ومجتمعات متخلفة تحتل الصحف الصفراء جزء كبير من حياتها وتجد قبولاً أكبر من غيرها، رغم احتوائها على عديد الأنباء الغير دقيقة أو المفبركة كلياً.

تعد ظاهرة ترويج الشائعات من أكثر الإشكاليات التي يعاني منها المجتمع العربي في الوقت الحاضر، لما لها من آثار مدمرة سياسياً، واقتصادياً، واجتماعياً.

وتؤدي الشائعة دوراً كبيراً في التأثير على معنويات الشعب، وإن اختلفت درجة تأثيرها تبعاً لنوعها والدوافع التي تكمن خلفها، فمن شأن شائعات الخوف مثلاً إشاعة عدم الثقة في جدوى المجهودات العسكرية، وبالتالي الترويج للروح الانهزامية، وإثارة الذعر والرعب بين المواطنين، أما شائعات الأماني فتؤدي إلى هدوء الناس.

يميل الناس إلى تزييف الحقائق أو إخفاء أجزاء منها، وضعف المصداقية في الأخبار والتصريحات المعلنة، ومع الرغبة المحمومة في معرفة المزيد من الأخبار والمعلومات، يزداد اتباع رؤى مجهولة المصدر أكثر فأكثر، ويدفعون إلى ترويج الإشاعات.

وللإعلام دور لا يتجزأ في قتل الشائعة أو ترويجها، حيث إنه من الضروري أن يراعي الإعلام عامل الدقة في الخبر، وتقديمه على معيار الأسبقية، وأن يكون هناك أنظمة تحاسب على كل التجاوزات.

وأيضاً لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة دور كبير في الحد من انتشار الشائعة، فهي مُطالبة بالتريث عند تلقيها أي خبر أو معلومة أو حدث، وألا تتسرع في نشرها بذريعة السبق الصحافي، والسرعة في نقل المعلومة، وهي مطالبة كذلك بعدم اللهاث وراء وسائل الاتصال الاجتماعي للحصول على الأخبار منها، لما في ذلك من خطورة إحداث بلبلة وفوضى في المجتمع، لا تحمد عاقبتها.

أما بالنسبة إلى قادة الرأي، فلم يعد قادة الرأي تقتصر على المدونون، والكتاب، والمعلمين وغيرهم، وإنما أصبح هناك مؤثرون في شبكات التواصل الاجتماعي، ينتشرون على قنوات يوتيوب، وسناب شات، وفيسبوك، وتويتر، وإنستغرام.. إلخ، فالواجب أن تقدم المصداقية لديهم على مبدأ زيادة المتابعين أو مضاعفة عدد الزيارات للموقع الإلكتروني.

ويجب أن يكون المستقبل للخبر، المساهم الأول في قتل هذه الشائعات، وأن يعرف كيف يفرق بين الشائعة والحقيقة، وكيف يتعامل مع الأنباء الكاذبة التي تنتشر بين الناس، وألا يصدق كل ما يراه أو يسمعه، خاصة في هذه الأيام التي أصبحت فيها وسائل التواصل الاجتماعي تتفوق على كل شيء.

ويمكن القول إن عدم وجود قوانين صارمة وضوابط تُعاقب ناشري الشائعات، يدفعهم هذا إلى الاستمرار في نشر الشائعات وبالتالي مرورها إلى أكبر عدد ممكن، بالإضافة إلى عدم اهتمام المواقع الإخبارية والمؤسسات الصحافية بأخلاقيات العمل الصحفي، وهذا كله يؤدي على مزيد من الشائعات.

وبما أننا نعيش مع عشرات وربما مئات المعلومات المغلوطة بشكل يومي، بتنا بحاجة ماسّة إلى تأسيس مراكز تابعة لجهات رسمية تكافح الشائعات وتحد منها، فشح المعلومات أو انعدامها حول موضوع ما، قد يكون من أهم الأسباب لانتشار الأكاذيب والشائعات.

لا تحارب الشر بالشر

لا تحارب الشر بالشر. قد يكون من المغري إحباط شائعة عن طريق إصدار شائعة أخرى، وبالتالي لن تكون أفضل من الشخص التي أصدر الشائعة.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تسنيم صعابنة
طالبة صحافة وإعلام، مهتمة بالعلوم والفنون والآداب
كاتبة فلسطينية