عزيزي القارئ، لا بد أنك سمعت بهذا التساؤل السحري: هل تريد أن تكون صحياً "سوبر" وتعيش عمراً مديداً وتحمي نفسك من الأمراض؟
إذن عليك أن تتبع نظاماً غذائياً معيناً وبعضاً من الرياضة وتبتلع الكثير من المكملات الغذائية! فهل هذه المعادلة صحيحة حقاً؟
ما هي المكملات الغذائية التي تحوي "مضادات الأكسدة"؟
هي مركبات طبيعية موجودة في الغذاء تعمل على التخلص من الجذور الحرة (الشوارد) التي ينتجها الجسم جراء التعرض لظروف البيئة المختلفة والتي لها تأثير سلبي على الصحة، ومثال مضادات الأكسدة هذه مثل فيتامينات A وC وE وكذلك السلينيوم والزنك والنحاس وبيتا كاروتين والكثير من الفينولات والمركبات الموجودة في النباتات.
هل المكملات الغذائية الصناعية مفيدة؟
لا بد لك أن تتناول مضادات الأكسدة والفيتامينات على شكل مُكملات إذا تمت باستشارة طبية لحاجتك لها، كأن يكون لديك نقص حاد بأحد الفيتامينات أو المعادن كالحديد والكالسيوم وغيرها، أو لديك مشاكل مرضية بسبب نقص المعادن، أو في حالات سوء التغذية والمجاعات لتعويض النقص، وكذلك للحوامل والمرضعات (تحت استشارة)، أو في حالة إن كنت نباتياً فينصح بأخذ فيتامين "ب ١٢".
لكن دون ذلك هي للأسف بلا فائدة!
لماذا المكملات الصناعية بلا فائدة؟ وما رأي العلم الطبي التجريبي بذلك؟ وماذا تقول الدراسات العلمية؟
عام ١٩٩٤ صدرت دراسة امتدت إلى خمسين عاماً على ٢٩١٣٣ شخصاً مدخنا تم إعطاؤهم بيتا كاروتين "مضاد أكسدة"، لوحظ ارتفاع زيادة الإصابة بسرطان الرئة بنسبة ١٦٪ عن العينة التي لم تأخذ هذا المكمل.
عام ١٩٩٦ أوضحت دراسة مشابهة لمدة سنتين على مدخنين وتم إعطاؤهم بيتا كاروتين وفيتامين A ولوحظ كذلك زيادة الإصابة بسرطان الرئة بنسبة ٢٨٪.
عام ٢٠٠٧ كشفت دراسة تمت على أشخاص يتناولون فيتامينات متعددة Multi vitamins زادت نسب تعرضهم إلى الوفاة بسبب سرطان البروستات إلى الضعف!
عام ٢٠٠٧ دراسة تمت على تأثير فيتاميني E وC على مجموعة كبيرة من الرجال ولم تحمِهم من الإصابة بأمراض القلب.
عام ٢٠٠٩ كشفت دراسة تمت على ٨٠٠٠ امرأة أعمارهن بالأربعينات بأن تناولهن لفيتامينات E وC وبيتا كاروتين لم تحمِهن من إصابات أمراض القلب والشيخوخة عند بلوغهن ٦٥ عاماً.
عام ٢٠١١ دراسة على ٣٥٥٣٣ من الرجال أعمارهم ٥٠ فما فوق، كشفت أن تناولهم فيتامين E والسلينيوم زاد من إصابات سرطان البروستات إلى ١٧٪.
عام ٢٠١٢ صدرت دراسة صادمة على ١٢٥٣٦ شخصاً معرضين لدرجات عالية للإصابة بأمراض القلب تم إعطاؤهم على مجموعتين:
( أ ) بلاسيبو Placebo (ب) أوميغا ٣ أو زيت السمك
بعد ٦ سنوات كانت الوفيات بسبب أمراض القلب متساوية بين المجموعتين، أي لم تحمِهم حبوب الأوميغا ٣ "Omega3".
لماذا كانت المكملات في الدراسات غير فعالة وغير مفيدة؟
لا بد من التوضيح أن المنفعة من تناول أشكال مختلفة من الخضار والفواكه واحتوائها على العشرات من مضادات الأكسدة الطبيعية إلى جانب الكثير من المواد يزيد من فعاليتها في الجسم، هذا ولا سيما أن اختلاف الطبيعة الكيميائية للمنتج الصناعي عن الطبيعي فمثلاً فيتامين E له ثمانية أشكال كيميائية بينما الصناعي يحوي شكلاً واحداً Alpha- tocopherol والذي استخدم في كافة الدراسات.
كذلك ليس كل ما يروج عن الجذور الحرة (الشوارد) صحيحاً، وإنها دائماً تحتاج على الدوام إلى مضاد أكسدة ليقضي عليها بل هي في بعض الأحيان لها فوائدها بالجسم مثل تحفيزها للجهاز المناعي لمقاومة البكتيريا والفيروسات.
أضف إلى ذلك أن مضادات الأكسدة الموجودة بالمكملات الغذائية مثل فيتامين C ممكن أن يكون لها تأثير عكسي بحيث زيادة جرعته تعمل على زيادة إنتاج الجذور الحرة في الجسم، وهذا إضافة إلى كون مثل هذه المركبات ذائبة بالدهون فتتخزن بالجسم ويصبح لها تأثير سام.
تتداخل بعضها مع العلاجات وتقلل كفاءتها، وهذا ما نُشر في دراسة عام ٢٠٠٩ على سيدات مصابات بسرطان الثدي قلت فرص علاجهن بسبب تناول فيتامين C حيث ساعد على تخلص الخلايا من الجذور الحرة، وبالتالي حمايتها من العلاج الكيماوي أو الإشعاعي.
أين يمكننا الحصول على مضادات الأكسدة والفيتامينات من الطبيعة؟
فيتامين A متوافر في البطاطا الحلوة والشمندر والجزر والسبانخ.
فيتامين C في الحمضيات والتوتيات والبروكلي والملفوف.
فيتامين E من الحبوب والبقوليات والمكسرات والخضراوات الورقية والأسماك السلينيوم والعديد من المعادن من البحريات والمكسرات والحبوب والتوتيات… والكثير من الفوائد في كل الأغذية والشاي الأخضر وغيرها.
أكثر من مئات الدراسات أكدت أن الناس الذين يأكلون وجبات صحية تحتوي على الخضار والفواكه والحبوب وغيرها هم فعلاً أقل عرضة للإصابة بالأمراض، فجسمنا متزن كيميائياً وقادر على التعامل مع المكونات الغذائية بالصورة التي يجدها مناسبة، ولا يحتاج إلى المكملات إلا إذا كان بحاجة ماسة لها.
أخيراً: تذكَّر أن وراء مخاوفك من الإصابة بالأمراض ومشاكل الشيخوخة وغيرها تجاراً أذكياء.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.