يتناول فيلم "Forrest Gump" قصة حياة طفل يتيم يعاني من اعوجاج في ظهره وكلتا قدميه، يبدأ الفيلم بمعاناة أمه ومحاولتها حمايته من المجتمع والتنمر والإقصاء. فورست جامب، طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، ما يجعل من مشيه أمراً صعباً، ولهذا تأخذه أمه لطبيب محلي في ولاية ألاباما الأمريكية، ليحصل على تقويم يساعده على المشي.
وكحال معظم الناس الطيبين ذوي الاحتياجات الخاصة، يتعرض الطفل فورست للاستبعاد الاجتماعي، ففي حافلة المدرسة يرفض الجميع السماح له بالجلوس، وحين يقرر البقاء واقفاً يسمع صوتاً ملائكياً يدعوه للجلوس، وليس هذا الملاك الذي ناداه سوى جيني؛ الفتاة التي تقطن بالجوار، والتي ستصبح زوجته في النهاية، والتي تعيش هي الأخرى حياة بائسة لكون أبيها من النوع السيئ، ولكون أمها فارقت الحياة منذ مدة ليست بالقصيرة، ورغم ما تعيشه الفتاة، فإن جيني طيبة للغاية، تجعل من فورست المنبوذ صديقاً لها، ويقر فورست بأنها أفضل صديق عرفه.
ذات مرة، وبينما الاثنان يتمشيان يتعرض فورست جامب للرشق بالحجارة من قِبل فتيان سيئين، فلا يجد المسكين حيلة سوى الركض، ولكن كيف يركض برِجلين كاللتين يمتلكهما؟ لا يهم كيف، المهم هو أنه ما إن تعرض للرشق حتى بدأ في الركض وزادت كلمات جيني "Run Forrest Run" من عملية تدفق الأدرينالين في دمه؛ هذا ما كانت تصيح به جيني "Run Forrest Run"، وهذا بالضبط ما كان يفعله فورست، كان يركض بأقصى سرعته، وهنا تحدث المعجزة.
ومن ثم تبدأ معاناة جامب في قصة حبه المريرة مع جيني، تلك الفتاة التي تعيش الحياة كما تحلو لها، وتريد الحصول على كل شيء، الطموحة، الذكية، التي تعرف ماذا تريد، وهذا بالضبط ما يبعدها عن فورست طوال حياتها تقريباً!
كان من الممكن أن ينجو فورست من فخ الحب الذي ظل واقعاً فيه للأبد إذا قرر أن ينسی، أو يخوض تجارب أخری مع نساء أخريات ليعرف لذة شعور النشوة والرفقة والونس، ولكنه ظل يحافظ على ندبته، لا يداويها ولا ينساها، آملاً أن تأتي صاحبة الجرح لتطيبه.
كان من الممكن أن ينجو "فورست" إذا لم تتراجع جيني عن قرار الانتحار، أو لم تحمل منه بعد ممارسة الجنس في المرة الوحيدة، ولكن "فورست" الذي يصنع قدره قرر البقاء معها حتی آخر لحظة بحياتها.
"إذا تعرضت لأي مشكلة فلا تكن شجاعاً، فقط اجرِ"
ربما لهذه الكلمات ظل "فورست" مديناً لحبيبته، ربما لولا هذه الكلمات لمات "فورست" في حرب فيتنام مع زملائه من الجيش الأمريكي، أو فشل في لعب كرة القدم، أو انتهت رغبته في الاستمرار في الحياة بعد تركها له مراراً، ربما لهذه الأسباب ظلّ فورست مديناً بشيء لا يُقدر لحبيبته جيني.
يتحدث الفيلم عن صناعة الأقدار، أو سباحتنا في قدر مجهول لا نعلم كيف نوجهه، ويبدو فورست الذي يصنع قدره عاجزاً عن الحصول علی المرأة التي يحبها، الرجل الذي كانت تدفعه الظروف للحرب والوحدة والنجاح والفشل كان يبدو بطلاً رغم غبائه، ولكنه كان ينجح بطريقة مجهولة لسبب غير معلوم.
تصطحب أُم فورست جامب ابنها في أول يوم دراسي، بينما في آخر مشهد في الفيلم يصطحب فورست ابنه الصغير، فورست الكبير يتيم الأب يصطحب في النهاية فورست الصغير يتيم الأم، فورست الكبير كانت أمه تعتني به وتحضر له الطعام، وحينما كبر بات يحضر لابنه الذي بلا أم الطعام ويعتني به، فورست الكبير غبي جداً، بينما الصغير ذكي جداً، تبدو تلك المفارقات كإشارة واضحة لاختلاف الأقدار أو تكرار معاناة الفقد أو تشابه الأقدار.
الفيلم الجميل تم إنتاجه عام 1994، مأخوذ من رواية بنفس الاسم، كتابة ونستون جروم عام 1986، الفيلم من إخراج روبرت زيميكس.
وبطولة توم هانكس في دور فورست جامب، وروبين رايت في دور جيني، وغاري سينيز في دور الملازم أول دام، وسالي فيلد في دور والدة فورست جامب.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.