امتلك القدرة قبل المبادرة.. تجربتي في إدارة فريق عمل تطوعي دولي في زمن كورونا

تم النشر: 2020/09/30 الساعة 13:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/09/30 الساعة 13:11 بتوقيت غرينتش
Factory workers with face mask protect from outbreak of Corona Virus Disease 2019 or COVID-19.

الثانية بعد منتصف ليل العاشر من أغسطس/آب الماضي تلقيت إيميل يفيد بتعييني رئيساً للجنة الصحافة في النسخة السادسة من المُلتقى الشبابي التطوعي الدولي، الذي ينظمه سنوياً الاتحاد العربي للعمل التطوعي بدولة قطر منذ عام 2014، والذي أقيم لمدة خمسة أيام من 9 إلى 13 سبتمبر/أيلول.

كانت التجربة الأولى لي في إدارة فريق عمل، بالإضافة إلى كونها التجربة الأولى أيضاً في المشاركة في لجان تنظيم فعالية دولية، والتجربة الأكثر صعوبةً من بين كل ذلك أن الفعاليات أقيمت أونلاين عبر تقنية الاتصال المرئي، وكل ما يتعلق بالعمل تمت إدارته عبر المنصات الرقمية.

وبالرغم من اعتراضي على تسلمي لمهمة رئاسة فريق لجنة الصحافة أثناء المقابلة الخاصة بالقبول في المشاركة في اللجان المنظمة للمُلتقى بسبب عدم معرفتي السابقة بالفريق وقدراته، بالإضافة إلى أنها تجربة التطوع الأولى لي عبر الإنترنت، وعدم قدرتي على إعطاء انطباع مُسبق لنجاح العمل بالشكل المطلوب، فإن الرئيس التنفيذي وباقي أعضاء لجنة المقابلات أصروا على أن يسندوا لي مهام رئاسة اللجنة بسبب عدم وجود شخص آخر يقوم بالمهمة، قائلين إنها التجربة الأولى لهم جميعاً عبر الإنترنت، وسينجح الأمر بتعاون وتكاتف الجهود.. فوافقت على ذلك. 

وافقت، لأن العمل التطوعي الذي بدأت بمزاولته قبل سنوات عبر أنشطة والتزامات ومهام مختلفة، قد شكّل مساحة مهمة في حياتي بتعزيز القيم، وتوليد الأفكار، وصقل المهارات، وتوسيع نطاق العلاقات، والتعرف على المبدعين والمتميزين، لذلك السبب قبلت تسلّم المهمة بالإضافة إلى السبب المحوري الذي دفعني للقبول بها وهو أن العمل يتعلق بالصحافة.

أنا شخص شغوف بالعمل الصحفي وتحرير وإعداد القصص الخبرية، وتتبع الأحداث والمصادر والبيانات، ومهتم ببناء العلاقات في هذا الإطار.

وكشخص في الواحد والعشرين من عمره، مستوى أول في كلية الإعلام في إحدى الجامعات التركية، لا أزال حديث التجربة في العمل كموظف قبل أن يتعلق الأمر بالإدارة أو غيرها..

علّمتني تجربتي هذه الكثير، الإدارة ليست مجرد إصدار أوامر ومتابعة فقط، بل الأمر يتعلق بتحمل المسؤولية تجاه عمل الفريق ويعد نجاحه نجاحاً للعمل والذي يعد نجاحاً لرئيس اللجنة نفسه، والعكس صحيح.

بطبيعة الحال تم إبلاغي من قِبل الإدارة بالمهام المطلوب تنفيذها من فريق الصحافة، وكانت النقلة النوعية في الأمر أن الإدارة طلبت من الفريق التواصل مع الإعلام الدولي هذه المرة، بالإضافة إلى إعلام دول الوفود المشاركة نظراً لطبيعة أعمال النسخة الحالية التي تم وضع محاور العمل الأساسية لها بتضمين الأولوية للمبادرات والجهود التطوعية التي لعبت دوراً مهماً في مكافحة فيروس كورونا، والتي تتطلب وصول صدى دولي للمتطوعين وجهودهم، بالإضافة إلى أوراق العمل والمبادرات والبرامج التي يمكن أن تستفيد منها المؤسسات التطوعية في مجتمعات مختلف الدول العربية والعالمية، الشاهد أن الـ5 نسخ التي أُقيمت سابقاً كانت التغطية تتمحور في الإعلام المحلي "إعلام دولة قطر" فقط.

بدأنا العمل بالمراسلات ودعوات الحضور للمؤتمر الصحفي لعدد من وسائل الإعلام المحلية والدولية "وكالات، تلفزيونات، صحف، مواقع أخبار"، لكن المشكلة كمنت في كون لا أحد غيري من أعضاء الفريق يجيد تجربة صحفية في التحرير والصياغة الإخبارية وإعداد التقارير والتعامل مع العدد الكبير من الصحفيين، فتسلمت المهام تلك بالكامل، وأسندت باقي المهام كالتغطية والترجمة وتدوين مخرجات الاجتماعات والورش وغيرها إلى الفريق، وهو الأمر الذي ضاعف جهودي المبذولة في عمل اللجنة واستلب وقتي بالكامل، مما أدى إلى فشلي في أحد كورسات اللغة الإنجليزية وتأجيلي للدورة الخاصة بإعادة المستوى.

وهنا تجدر الإشارة إلى أهمية تدريب الفريق التطوعي على العمل المنوط به قبل تسليمه المهام.

رفعت التقارير اليومية لقرابة 20 صحفياً من مختلف وسائل الإعلام المحلية والدولية، وقام جميعهم بتغطية فعاليات المُلتقى، وبالرغم من أن الصعوبة كانت في تنظيم وإدارة العمل عبر الإنترنت كما أشرت مُسبقاً، فإنني أعتقد أن الصعوبات لم تكن في لجنتي فقط، بل في أغلبية اللجان، والتي أدت بدورها إلى عدد من الإشكالات تم تلافيها ومعالجتها بسرعة.

وفي النهاية.. نجحنا لأن هدفنا كان كبيراً، المُلتقى الذي عملنا عليه كان الوحيد من نوعه الذي عُرضت فيه مبادرات عديدة ومتنوعة أفادت في مكافحة جائحة كورونا، والتي ساهم فيها المتطوعون بشكل كبير مع الحكومات في الحد من انتشار الجائحة، إذ إن هناك متطوعين شكلوا مبادرات وتواجدوا في خط الدفاع الأول مع الكوادر الطبية والتمريضية، وكانوا هم العامل المساعد في الحد من خطر الأزمة. 

كما أن المُلتقى كان المنصة الوحيدة التي أتاحت للوفود المشاركة وأصحاب الاختصاص والجهات المعنية والمهتمين بالتطوع من 17 دولة حول العالم، أتاحت لهم الفرصة لاستعراض تجاربهم ومشاريعهم، وتعرفوا على مشاريع جديدة تعرض لأول مرة، بالإضافة إلى النقاشات حول المبادرات التي أفادت في التخفيف من معاناة الناس الناتجة عن أزمة انفجار مرفأ بيروت واستعراض مشاريع تطوعية أخرى أفادت في تخفيف معاناة آلاف الأسر المتضررة من الحرب في اليمن وغيرها من الدول.

تميزت هذه النسخة من بين كل النسخ السابقة بتنوع وتعدد الورش التدريبية التي قدمها 39 مدرباً من مختلف الدول وشملت التجارب الشخصية، والتخطيط، والتنمية البشرية، وتطوير الذات والتسويق.

كما تم الاتفاق في ختام فعاليات المُلتقى على إنشاء مجموعة مستمرة تجمع ممثلي الوفود تحت شروط معينة لتبادل الأفكار والبرامج والملتقيات، بشكل متواصل، ودعوتهم للمشاركة في النسخ التي ستُقام في السنوات القادمة.

نجحت في التجربة وحصلت على تقييم امتياز في عمل اللجنة، وعلى الرغم من أنها كانت تجربة صعبة نوعاً ما، فلأول مرة أشهد ضغط عمل بذلك الحجم، ربما يشير ذلك إلى أن قدرتي على العمل تحت الضغط لا تزال محدودة، إلا أن تلك التجربة كانت تستحق الجهود التي بذلتها، لكون الملتقى يهدف إلى نشر روح التعاون والمبادرة للمشاركة في الأعمال التطوعية، وبيان أهميتها في بناء الأفراد، في إطار السعي إلى خلق مجتمع عالمي يعي ويثمّن دور التطوع والمتطوع في بناء المجتمعات.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

نجم الدين العذيبي
طالب إعلام يمني
طالب إعلام يمني