في الأشهر القليلة الماضية، وضع فيروس كورونا التوتر بين الحب والخوف على أعتاب بيوتنا. فجأة، وجدنا أنفسنا نعيش في زمن انتشار مرض يهدد الحياة. لقد عطل المرض كل جزء من حياتنا. كيف نوازن بين الحب والخوف؟ الجواب، بالطبع أن تكون حكيماً وآمناً ولا تدع الخوف يسيطر على اليوم وقلوبنا. ومع ذلك، وبقدر وضوح الإجابة، فإن العيش في الواقع الذي يشير إليه ليس بالأمر السهل. هناك الكثير من الخوف والعديد من الأسباب المشروعة لذلك الخوف. وهو ما يقودني إلى السؤال: كيف نصارع ونعيش مع الخوف؟ إنه سؤال قديم. أولئك الذين يتمسكون بطريقة أو بأخرى بالموروث الديني قد يدركون أنه سؤال أساسي للتعليم الديني. في النصوص الدينية المقدسة، يتم تناول دور الخوف في الحياة مراراً وتكراراً.
تعتبر عبارة "الخوف" واحدة من أكثر العبارات شيوعاً في الكتب المقدسة. لا تخف لا تخافا لا تخافوا، كما هو العديد من أشكال هذه الكلمة يظهر في العديد من المواقف. في التقليد الإسلامي والمسيحي، التحذير من عدم الخوف هو موضوع مهم وثابت.
كما كان هناك في البداية عندما قال الملاك الذي شهد وضع مريم لعيسى عليه السلام، "لا تخافي". جاءت هذه الكلمة في الرواية للقصة في الموروث الإسلامي والمسيحي مع بعض الاختلافات طبعاً.
تذكرنا الرسالة المستمرة بعدم الخوف كيف يمكن أن يكون الخوف الحقيقي في حياة الإنسان. لن تكون هناك حاجة للقول مراراً وتكراراً، "لا تخافوا" إذا لم يكن الخوف رفيقاً عادياً في العديد من رحلات الحياة. الخوف حقيقي. إذا كان الأمر كذلك: الخوف من أن شيئاً ما أو شخصاً ما قد يؤذينا، أو الخوف من اقتراب الأذى من شخص نحبه، أو الخوف على مستقبل الكوكب أو الخوف الهادئ من أننا بطريقة ما لسنا جيدين بما فيه الكفاية، أو محبوبين بدرجة كافية، ذكيين بما فيه الكفاية. إذن الخوف حقيقي.
الموروث الديني المقدس بشكل عام والنصوص الدينية بشكل خاص تخبر أولئك الذين يأخذون تلك النصوص بجدية ألا يخافوا. إنه تعليم لا يلتفت إليه معظم القراء. الخوف جزء حقيقي من حياة معظم الناس.
حقيقة الخوف هي حقيقة حاضرة للكثيرين منا في مارس/آذار 2020، حيث يغير فيروس كورونا الواقع ويهدد صحة الأصدقاء والأحباء. هل خوفنا نقيض الإيمان والمحبة؟ هل هي الطريقة التي نموت بها؟
الفيروس خطير، إنه شيء يجب أن نخاف منه، شيء يجب أن نتعامل معه بجدية. في النصوص الدينية لا توجد إفادة أبداً أنه لا يوجد ما يُخاف منه.
كانت هناك ولا تزال حقائق يجب على أي شخص عاقل أن يخشاها. تعلمنا ألا نستسلم للخوف، جعلنا من الخوف من المشاعر الأساسية لدينا. لا يطلب منا أن ننكر الأخطار التي تواجهنا وتجعلنا خائفين، بل أن نعترف بهذه الأشياء المخيفة وأن نكون حكماء عند التعامل معها دون أن نسمح لخوفنا بالسيطرة على حياتنا. في زمن الوباء، نحن مدعوون للتمسك بالحب والإيمان الذي لا يعني إنكار الخوف بل العيش بطريقة تتعامل بحكمة مع الأشياء التي تجعلنا نخاف بحق.
من الطبيعي أن يكون لدينا الكثير لنخافه، لكن يجب ألا ندع للخوف الكلمة الأخيرة ويسيطر على حياتنا. يجب أن ندرك أن الخوف الطبيعي يحمينا. والخوف غير الطبيعي يشلنا. يدفعنا الخوف الطبيعي إلى تحسين رفاهيتنا الفردية والجماعية؛ الخوف غير الطبيعي يسمم ويشوه حياتنا الداخلية باستمرار. مشكلتنا ليست في التخلص من الخوف بل في تسخيره والسيطرة عليه.
نظراً لأننا لطالما نواجه التحديات، فإننا في ربيع 2020 وما تلاه لن نواجه ما هو جديد، ونعمل جيداً لنكون صادقين مع مخاوفنا ونعلم أنها حقيقية. هناك أشياء نخاف منها، يجب أن نكون حذرين وأذكياء. ومع ذلك، أعتقد أن طريق الإيمان هو طريق لن يسمح للخوف أن يكون كما نموت. إنه طريق نسير فيه يجمعنا الحب والخوف معاً، لذا، حسب كلمات الحكماء، لن نسمح لخوفنا أن ينمو ويسمّم ويشوه الحياة.
يجب أن نستمع الى كلمة "لا تخافوا" في أعماق وجداننا وتذكّرنا دائماً بأن نجمع الحب والخوف معاً وأن "نبتسم لإخوتنا وأخواتنا بينما نعيش ونحب بعضنا البعض الآن".
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.