تصريحاته نارية، يتجسس على المنافسين، يلعب كرة قدم استثنائية.. هل البريميرليغ مستعد لبييلسا؟

عدد القراءات
914
عربي بوست
تم النشر: 2020/09/10 الساعة 09:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/09/11 الساعة 14:40 بتوقيت غرينتش

يلعب ماتياس كليك تمريرةً جميلة بكعب القدم نحو بابلو هرنانديز الذي يلعب بدوره تمريرة من لمسة واحدة في المساحة التي سيشغلها قريباً جاك هاريسون. هاريسون يُلقي نظرةً على الملعب، لا يُعجبه ما رآه فيأخذ لمسة أخرى للكرة، يُلقي نظرةً أخرى ويلعب الكرة العرضية. كرة عرضية عالية تُحلق فوق بحرٍ من الرؤوس نحو القائم البعيد حيث يتواجد الظهير الأيمن لوك إيلينغ بعدما قطع 60 ياردة ليُخرج صاروخية ترتطم بالعارضة وتُعانق سقف الشبكة. 

في تلك اللحظة، شخص واحد في ملعب إيلاند رود لم يكن واقفاً على قدميه بل ولم يحرك ساكناً: مارسيلو بيلسا. في الوقت الذي انطلقت فيه دكة البدلاء وطاقمه الفني نحو الملعب للاحتفال وراح رجالٌ بالغون يصرخون: "يا له من هدف! يا له من هدف!"، ظل مارسيلو بييلسا جالساً على دلوه وراح يأخذ رشفة من قهوته دون أية مشاعر أو تعابير على وجهه كما لو أنه يُشاهد فيلماً سبق له مشاهدته. 

بشكلٍ ما، كان هذا هو الحال فعلاً. فبعد ساعاتٍ من فوز ليدز على هدرسفيلد، نشر النادي مقطعاً لإحدى الحصص التدريبية داخل ثورب آرش يُسجل خلاله إيلينغ نسخة تكاد تكون طبق الأصل من ذلك الهدف ضد هدرسفيلد. ربما هذه هي لعنة الشغف: فبعدما شاهدت كل التسجيلات، تعمقت في كل البيانات وتصورت كل احتمالٍ ممكن، لابدّ أن يبدو الواقع نفسه إعادة شيءٍ سبق لك مشاهدته بينما يُشاهده الجميع للمرة الأولى.

ربما هكذا سيكون الحال أيضاً عندما يجلس بييلسا على مقعده في البريميرليغ. نعم، بييلسا في البريميرليغ: الحقيقة التي بدأت حلماً مع قدومه إلى ليدز وراحت تكبر وتتكشف مع كل أسبوعٍ يمر. من الصعب أن تجد فرقاً كثيرة تصعد إلى البريميرليغ بمثل سُمعة ليدز كما هو من الصعب أن تجد مدرباً آخر يحظى بهذا الاحترام والتقدير من خصومه كما لو أنهم يتشرفون بمشاركته المنطقة الفنية بالملعب. "إن كنتَ ستعجز تكتيكياً أمام مدربٍ ما فليكن ذلك أمام عبقري. أنا أتشوق لمعرفة كيف سيتمكن البريميرليغ من التكيف مع ليدز عندما يصعد".
– كانت تلك كلمات مدرب هدرسفيلد تاون السابق داني كاولي والتي أشاد فيها بعبقرية مارسيلو بيلسا بعد خسارة فريقه ضد ليدز.

كاولي كان محقاً: السؤال ليس كيف سيتكيف بييلسا مع البريميرليغ بل كيف سيتكيف البريميرليغ مع بيلسا؟ 

ماذا بالضبط سيحدث عندما يتصادم مدرب يساري صاحب مذهب ويتمسك بمبادئه مع الدوري الأقل تمسكاً بالمبادئ والأكثر ماديةً على وجه الأرض؟ ماذا سيحدث حين تضع المدرب الأكثر إنسانية بين المدربين براغماتيين؟

بطبيعة الحال، قد يكون ذلك الوصف مجحفاً ففي نهاية المطاف البريميرليغ معروف بالتعدد والتنوع ولذلك يمكنك أن تشعر أن بييلسا سيكون موضع ترحيب في دوري متعطش دائماً للقصص الجديدة، الشخصيات الجديدة، المواضيع الجديدة وحتى الميمز جديدة.

البريميرليغ قد لا يكون على موعدٍ مع حالة تجسس تجذب أنظار العالم أجمع إلى نادٍ لم يكن أحد خارج نطاق جماهيره يسمع الكثير عنه منذ هبوطه عام 2004 لكنه سيكون على موعدٍ مع مؤتمرات صحفية تمتد إلى قرابة الساعة "يسأل فيها الصحفيون أسئلة تتعلق بكرة القدم" كما يقول شقيق بييلسا، سيكون على موعدٍ مع مدربٍ يجذب الأنظار أسبوعاً تلو الآخر، ربما أكثر من جوزيه مورينيو نفسه، دون أن يحاول ذلك. سيكون على موعدٍ مع مدرب يعمل طاقمه المساعد على وضع ملفٍ من ثمان صفحات تتناول تحليل حارس المرمى الثالث في فريقٍ يتذيل ترتيب التشامبيونشيب رغم أنه لم يلعب دقيقة واحدة مع فريقه طوال الموسم، كما ذكر الصحفي الموثوق فيل هاي في تقريرٍ مطول حول قصة بيلسا وليدز. سيكون البريميرليغ على موعدٍ مع مدربٍ يثير الجدل من أي فعل مهما كان بسيطاً، ستجد دوماً نقاشاً وجدالاً أسبوعياً بين مُحبي الكرة الدفاعية ومن يصفونهم بـ"المحنكين" فقط لأن بيلسا نال إعجابهم. سيكون البريميرليغ على موعدٍ مع مدرب أعاد ليدز إلى الواجهة بعد سنواتٍ من الظلام، مدرب جعل جمهوره يرى فريقه "يلعب مثل برشلونة بعد شهرين من وجوده" كما يقول أحدهم خلال وثائقي قصير أعدّته قنوات سكاي سبورتس مؤخراً. من ناحية أخرى، سيكون البريميرليغ أيضاً على موعدٍ مع دلو بيلسا الشهير، الدلو الذي يتنقل معه أينما حل وارتحل لأنه يمنحه زاوية أفضل لمتابعة المباراة.

في الوقت ذاته، قد يخشى بعضنا مما قد يفعله البريميرليغ ببييلسا وكيف قد تنتهي القصة، يخشى كيف قد يتم اختصار عبقرية هذا الرجل في مجموعة نكات، أمرٌ شاهدنا نفحةً منه بعد ما وُصف بـ"فضيحة" التجسس الموسم الماضي إلا أن البريميرليغ سيرفع بلا شك الأمر لمستوى آخر: الأسئلة الغبية في المؤتمرات الصحفية، إساءة الجماهير له في محطات القطار، اللاعبون السابقون وهم يتجادلون عبر إذاعة TalkSport ما إن كان عليه أن يُحقق بطولة حتى يُؤخذ على محمل الجد ويتذمرون من عدم إجادته للإنجليزية، دون أن ننسى أسلوب اللعب كذلك: مُثير ومتمرد على التقاليد في أفضل أحواله لكن في أسوأ أحواله عرضة لخسائر ثقيلة أمام فرقٍ صُرف عليها مليارات الجنيهات.

على أي حال، ربما قد لا تكتمل القصة، ربما قد يدخل بييلسا في نزاعٍ مع الإدارة على الصفقات ويرحل قبل أربعة أيام من بدء الموسم، ربما سيشعر ببساطة بالملل من محاولة الوصول للمركز الثالث عشر في دوري غير مُنصف بشدة ويسعى لبداية جديدة. أو ربما، بعدما أوصل ليدز إلى الأرض الموعودة أخيراً، سيواجه بيلسا البريميرليغ كرجلٍ يقتحم براثن النيران. الأكيد هو أننا مع ليدز بيلسا، سنشاهد كرة قدم ممتعة، كرة قدم جميلة، كرة قدم تجعلك ترغب بالتواجد في إيلاند رود لمشاهدتها أو تُجبرك على النهوض والجلوس على أريكتك للاستمتاع. 

السؤال ليس: "هل بيلسا جاهز للبريميرليغ؟"، السؤال هو: هل البريميرليغ جاهز لبييلسا؟

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ياسين الناجي
كاتب رياضي
كاتب رياضي
تحميل المزيد