تطلق والداي عندما كنت في التاسعة عشر من عمري، بيد أنني قبل انتهاء زواجهما بسنواتٍ كنت قد شهدت على تدهور علاقتهما. لم أعِ آنذاك ما شهدت عليه فيما يتعلق بعلاقة والدي، بيد أنني بعد سنواتٍ من العمل مع الأزواج والمُرتبطين، صرت أعتقد أن أسباب التدهور السريع فيما يتعلق بالشراكات قد تكون مُماثلة.
غالباً ما تنمو بذور الفُرقة بعد جرح المشاعر أو تبدد الآمال. عندما لا يجري التطرق إلى هذه المُشكلات أو لا يُعترف بها، تتفاقم وتتعاظم مما يؤدي إلى انهيار كثيرٍ من العلاقات.
إليكم ما بدا عليه المسار الذي سلكه والدي. بالطبع، لا يُعد هذا المسار الوحيد المؤدي إلى الدمار، بيد أنه شائع ومألوف بدرجة كافية قد تجعلكم ترون أنفسكم تسلكون مساراً مُشابهاً له.
1) تعارضت طباع كلٍّ منهما
أعتقد أن والدي لم يستلطفا بعضهما في السنوات العشر الأخيرة من زواجهما. عندما يُشيطن أحد الشريكين الآخر ويحمل مشاعر الضغينة تجاهه لسنواتٍ، يتسبب ذلك في عدم استقرار الزواج بالمرة. فضلاً عن أن هُناك حالة من النفور غير المُتعمد تنشأ عندما يظن كلٌ من الزوجين أن على الآخر التغير ليُصبح أقرب إلى طبيعتهم الشخصية. ومن الأمثلة الكلاسيكية على ذلك، المُبذر والمُقتصد أو العاطفي والعقلاني.
بيد أن هُناك شُركاء يعجزون عن إيجاد أرضية مُشتركة بينهما يرتاحون فيها. يعاني مُعظم المُتزوجون من واحدة أو اثنتين من هذه المشكلات، ولكن بالنسبة إلى من يلجأون منهم إلى الطلاق، غالباً ما تكون بينهما اختلافات كثيرة ولم يُحاولا التقريب بينها.
ينطبق عليكم هذا إذا:
أ) تقولون أشياء مثل: "دائماً ما يفعل.. أو "نادراً ما تفعل" وتُشيطنون شريككم وترونه بمثابة عدوٍ لكم.
ب) تتشجارون حول نفس الأسباب باستمرار دون مساحة لحلول أو مُساومات، حينها تكونون قد زرعتم بذور الفرقة بينكم.
ج) تذكرون باستمرار كيف يتسبب لكم شريككم بالأذى.
الحل:
إن كان أحدكما أو كل منكما يستقطب الآخر، حاولا بجدٍ أن تتفهما وجهة نظر شريككما وأن تتوصلا إلى حلولٍ وسط. تكررت هذه المقولة على لسان خالتي دوماً: "العلاقة الجيدة هي التي يُساهم كل طرف فيها بـ150%". ولكن إن كانت توقعاتكم عن العلاقات هي أنها مُريحة ولا تخلو من صعاب، فهذا يعني أن عليكم بذل المزيد من المجهود على الجانب العاطفي من علاقتكم.
2) لم يتواصلا فيما بينهما بخصوص احتياجاتهما ومشاعرهما
تحدثت أمي إلى أصدقائها وغيرهم عن مشاكل زواجها، بيد أنها لم تتحدث إلى أبي مُباشرة عنها. أما أبي فلم يتحدث إلى أحد بخصوص ذلك. في رأيي لم يعرف أحدهما ما الذي يحتاجه أو ما الذي شعر به بالضبط.
وراء كل انتقادٍ يتفوه به أحد الشريكين مشاعر واحتياجات. فخلف تساؤل مثل"لماذا لا تُساعدني مُطلقاً في تنظيف المنزل؟" شعور بانعدام التقدير أو الاحترام، والحاجة إلى الدعم أو المُساعدة.
إن لم يكن التحدث إلى زوجك من مُنطلق مشاعرك واحتياجاتك أحد الأدوات في جُعبتك، لا بد أن يكون كذلك. كل ما عليكِ قوله هو: "أنا بحاجة إلى مزيدٍ من الدعم. هل لك أن تُساعدني في ____؟ أو "أشعر بالإهمال عندما تُشاهد التلفاز بينما أعد الطعام وسط صُراخ طفلنا".
لم يُصادفني حتى الآن زوجٌ يمتلك موهبة قراءة الأفكار، ولكنني قابلت أشخاصاً كثيرين يتوقعون من شريكهم أن يعرف بالضبط ما هم في حاجة إليه. كما أنني شاهدت الكثير من الناس يتغاضون عن احتياجاتهم في مُحاولة للتظاهر بالقوة وعدم الاكتراث. لا تكمن المشكلة في امتلاك احتياجات (فجميعنا نملكها بالفعل). بيد أن التحدي يكمن في كيفية التعامل مع حقيقة امتلاك هذه الاحتياجات.
يحتاج الأزواج إلى التواصل حول ما يُعجبهم أو لا يُعجبهم فضلاً عن ما يشعرون به تجاه مُختلف الأشياء. كما أن الأزواج بحاجة إلى طرح المزيد من الأسئلة على شريكهم وألا يفترضوا أنهم يفهمونه بشكلٍ كافٍ مُنافٍ للحقيقة.
وأخيراً، يبلي الشُركاء بلاءً حسناً عندما يُعبرون عن مشاعرهم واحتياجاتهم بطريقة "يسهل تقبلها" بصورةٍ أكبر. بداية أي جملةٍ بانتقاد من شأنه أن يخلق موقفاً دفاعياً لدى من تتحدث إليه أياً كان. وبالمثل، بداية الحديث بطلبٍ سيجعل معظم الناس راغبين في تلبية احتياجاتك.
ينطبق عليكم هذا إذا:
أ) كنتم غالباً ما تبدأون جُملكم بالآتي: "يجب عليك/عليكِ.."، "لماذا لا يُمكنك/يُمكنكِ أن.."، "لا أُصدق أنك/أنكِ قلت/قلتِ ذلك للتو". (أي شيء فيه نبرة انتقادية أو هجومية).
ب) كنتم تشعرون بالاستياء تجاه شريككم مُعظم الوقت.
ج) كنتم تُفكرون أغلب الوقت في التالي: "يجب عليه/ها أن يعرف/تعرف أن هذا يُضايقني" أو "ألا يُمكنه/ها معرفة ما أنا بحاجة إليه؟".
الحل:
أضيفوا تعبيرات جديدة إلى قاموسكم وابدأوا جُملكم بطلبات أو دعوات مثل: "هل يُمكنك أن تُساعدني في ____؟ أو "ما رأيك إن فعلنا ___؟ ففي كل مرة تستبدلون بها "أنت" بـ"نحن" تشملون الطرف الآخر في خطتكم.
وبالإضافة لذلك، فلتُعلموا شريككم في وقتٍ مُبكرٍ وبطريقة لطيفة أنكم غير راضين عن أحد تصرفاته. إن احتفظتم بمشاعركم لأنفسكم وجعلتموها تتراكم، من المُحتمل أنكم ستتشاجرون كثيراً.
3) توقفا عن قضاء بعض الوقت سوياً
كنت قد لاحظت أن والديّ توقفا عن قضاء عُطلاتهما السنوية المُخصصة لهما فقط. واستُهلكت أحاديثهما عن الغولف وأعمال البستنة، فضلاً عن انقطاعهما عن الحياة الاجتماعية.
عندما يُصبح الزوجان أشبه بالمثل القائل: "مُجرد سفينتين تمران ليلاً" (مثل يُشير إلى الأشخاص الذين يتقابلون لفترةٍ وجيزةٍ ثم يفترقا للأبد. هؤلاء الناس مثل سفينتين تمر إحداهما إلى جانب الأخرى وتُحييان بعضهما بالأضواء الساطعة ثم تشقان طريقهما في ظُلمة الليل)، أو عندما يتضح أنهما لا يروقان إلى بعضهما البعض، يُصبح الطريق المُؤدي إلى تواصلهما من جديد أكثر صعوبة.
في أغلب الأحيان، كما كان الحال بالنسبة إلى أمي وأبي، تتسبب مشاعر الاستياء والألم التي لم تُسو بعد إلى الفرقة. من المفهوم أن بعض الناس يُفضلون تفادي الألم الذي تنطوي عليه العودة مُجدداً إلى المُقايضات غير المُستحبة. بيد أنني شهدت على تغييرات هائلة عندما كان الشريكان بالشجاعة الكافية لإعادة النظر فيما مضى والتعافي منه.
ينطبق عليكم هذا إذا:
أ) كنتم غير راغبين في قضاء نفس القدر من الوقت مع شريككم بعد الآن.
ب) كنتم تُؤمنون أن تفادي المُناقشات المُجهدة أكثر سهولة.
ج) أقررتم بأنكم مُجرد سفينتين تمران ليلاً.
الحل:
عندما تشعرون بأن هُناك فجوة بدأت في التكون بينكما (أو حتى بعد اتساعها)، تدخلوا. فلتُعلموا شريككم برغبتكم في مُعاودة التواصل واتخذوا خطوات من أجل تحقيق ذلك. هذه هي المرحلة التي يعود فيها الاستعانة بالأطباء النفسيين والمُدربين المُتخصصين في أمور العلاقات بالنفع. تذكروا أنكم غير مُضطرين إلى—وفي الواقع قد لا تتمكنون من إيجاد حل لهذه المُشكلات بمفردكم.
4) بدأا في التماس حلولٍ لمُشكلاتهما خارج إطار الزواج
بطبيعة الأمر يُرتكب هذا الخطأ في مرحلة تالية من مراحل الفرقة.
بالنسبة إلى بعض الناس، يكمن الحل في التعامل مع زواجٍ تعيسٍ في التحرر منه والمُضي قدماً مع شخصٍ آخرٍ.
بيد أن هناك بعض الأشخاص الذين "يرحلون دون مُغادرة" بأن ينفصلوا عاطفياً عن الطرف الآخر.
والبعض يُركزون على أشياءٍ أخرى مثل أولادهم، أو بالخروج بصورةٍ أكبر مع الأصدقاء أو بتعزيز حياتهم المهنية. رأيت بعض الأشخاص الذين يختارون إنجاب أطفال في هذه المرحلة الحرجة من علاقتهم كوسيلة للهروب من المُشكلات.
يلجأ آخرون إلى مادةٍ أو سلوكٍ ما في مُحاولة للهروب كإدمان الوجبات السريعة والنهم في تناول الطعام بشكلٍ عام، أو أنشطة مثل (الأفلام الإباحية على شاشة الإنترنت والتسوق) أن يتفاقم.
ينطبق عليكم هذا إذا:
أ) كانت تُراودكم أحلام يقظة حول الحياة الهنيئة التي كانت لتُقدر لكم في حال كنتم عُزباً أو في علاقة جديدة أو مُختلفة.
ب) كان العمل يشغل حيزاً كبيراً من وقتكم، أو في حال اتخذتم هواية جديدة تدفعكم إلى قضاء وقتٍ أقل في منزلكم، أو الأسوأ إن طورتم إدماناً على الطعام أو الكحول أو مُسكنات الألم أو إنفاق الأموال أو التلفاز وما إلى ذلك.
ج) إن خضتم علاقة عاطفية مع أحد الأشخاص وأصبحتم تندرجون ضمن نمط الأشخاص "المُتأهبون لخوض علاقة عاطفية" وفقاً لتسميتي.
الحل:
الهروب من ألمكم أو تفاديه لن يُساعدكم على التخلص منه. بل قد يُزيد الأمور سوءاً في واقع الأمر. التزموا بالتعامل مع علاقتكم مُباشرة. وإن كان هناك ما يُمكن أن يُحسن الأمور، التزموا بفعله. إن كنتم بحاجة إلى التحرر من هذه الشراكة، كونوا صريحين مع أنفسكم ومع شريككم واتخذوا خُطوات للمُضي قدماً بحياتكم.
5) لا يلجآن إلى المُساعدة
كان والداي طيبَين. لا أدري إن كان العلاج النفسي ليُبقيهما سوياً، بيد أنه كان ليُساعدهما على البوح بشكواهم، وتعلم المهارات الأساسية الخاصة بالعلاقات وسُبل التواصل، ومنع بعضٍ من الضرر الذي تلى انفصالهما.
هُناك سيناريوهان يخصان الأزواج ممن تنتهي علاقتهم بالطلاق: إما أنهم لا يستعينون بإخصائي في شؤون الأسرة مُطلقاً، أو لا يستعينون به في وقتٍ قريب من الطلاق. السماح بمرور الوقت وعقد الآمال على أن الأمور ستتحسن من تلقاء ذاتها، خطة غير مُوفقة.
لا تنتظروا حدوث أزمة أو أشياء لا تُحتمل لتلجأوا إلى المُساعدة. بإمكان العلاج النفسي أو اللقاءات مع رجال الدين، في حال كنتم على قدر من التدين، أن يكون لهم بالغ الأثر في رأب صدع العلاقات ومُساعدة الأزواج على تعميق التواصل بينهم.
ينطبق عليكم هذا إذا:
أ) كنتم قد فضلتم الطلاق على الذهاب إلى مُعالج نفسي.
ب) كنتم تقولون لأنفسكم: "ستتحسن الأمور إذا حدث ____"، وتستمرون في فعل الأشياء ذاتها.
ج) كانت علاقتكم تمر بأزمة.
الحل:
احصلوا على المُساعدة ودعم المُتخصصين في أسرع وقت مُمكن. إن حالت الماديات بينكم وبين اللجوء إلى المُساعدة، اتبعوا الـ12 خُطوة أو المصادر العديدة لمُساعدة الذات المُتوفرة. كثيرٌ من هذه البرامج يُعقد عن بعد، وعليه لا يوجد من سببٍ يمنعكم من الاستفادة منها.
عند مُفترق الطرق:
إن كنتم عند مُفترق الطرق فيما يتعلق بزواجكم، اسألوا أنفسكم ما إن كان شريككم مُسانداً لكم، وما إن كان بينكم قدر من الصراحة، وما إن كنتم تقضون وقتاً مُميزاً سوياً، وما إن حاولتم التوصل إلى حلول لإنقاذ زواجكم، وما إن التمستم المُساعدة.
من شأن التدخل لعلاج أيٍ من هذه النقاط أن يُحدد ما إن كان زواجكم ليصمد أم لا.
– هذا المقال مترجم عن مجلة Psychology Today الأمريكية.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.