لايبزيغ تفوق على أتلتيكو مدريد بالطول والعرض، حتى لو كانت انتهت المباراة لصالح فريق سيميوني فإن الفريق الألماني حديث العهد لقن أتلتيكو مدريد درساً كروياً لن ينساه. القصة ليست في الفوز أو الصعود أو تحقيق المفاجأة، لكن داخل الملعب ووفق مجريات اللعب، الفريق الألماني كان أفضل على طول الخط.
ناغلزمان مدرب نابه ونابغ وبصمته واضحة. ببضعة أفكار بسيطة أردى الروخ بلانكوس صريعاً. تمديد الملعب بالظهير الجناح مع وضع لاعبي ارتكاز؛ سبيتزر وكامبل أشل حركة أتليتكو مدريد. من الجبهة اليمنى جاء الهدف الأول، ومن اليسرى جاء الهدف الثاني.
قضى ناغلزمان على أتليتكو مدريد بمرونة خطة 3-5-1-1 في الهجوم و4-2-3-1 في الدفاع من دون الكرة.
فريق مثل أتليتكو يلعب دائماً بـ 4-4-2 بتمركز ضيق، أي داخل الملعب، لذلك فإن المساحات تكون قليلة بل معدومة في وبين الخطوط بالعمق. مما يجعل السبيل الوحيد لتذوق شباك أوبلاك هو الاختراق من الأطراف. لذلك من المهم أن تعرف كيف تنقل اللعب من الوسط إلى الأجنحة، وألا تخسر المعركة بدنياً وعددياً في منطقة الارتكاز. إنها المعادلة الصعبة التي حققها صاحب الـ33 ربيعاً، ناغلزمان.
المرونة تعني لايبزيغ
خطة 3-5-2 هي الأساس للفريق الألماني لكن مع مشتقات عديدة. الخطط فعلياً مجرد أرقام، المهم تحقيق التفوق النوعي والعددي خلف خطوط المنافس. وهذا ما فعله ناغلزمان بالبراعة والدقة اللازمتين، سواء في الفوز بالصراعات الثنائية في وسط الميدان واقتناص الكرة الثانية باستمرار، مع تواجد ثنائي محوري بقيمة كامبل ومارسيل سبيتزر، الأول صاحب مجهود دفاعي خارق، والثاني نموذج رائع "للبوكس تو بوكس"، الذي يعود للمساندة بالخلف ولديه ميزة القطع المفاجئ إلى الأمام، سواء بالتسديد أو التمرير.
النمساوي كونراد لايمار على اليمين، والفرنسي كريستوفر نكونكو على اليسار، والإسباني أنخيلينو مثل الظهير الوهمي، الذي يلعب من دون الكرة بالقرب من كامبل وسبيتزر في الوسط، لخلق موقف 3 ضد 2 أمام لاعبي ارتكاز أتليتكو، وفي الهجوم يتحول إلى دور الجناح أو "الوينغ-باك" على اليسار، مع دخول نكونو في العمق كمهاجم إضافي بالقرب من أولمو، وخلف بولسن مباشرة.
الأطراف هي الحل
في الشوط الثاني، راهن ناغلزمان على الأطراف بشكل واضح، مع استمرار أتليتكو بنفس الطريقة، حيث التمركز في العمق والدفاع أمام مرماه، لذلك كانت خطته واضحة وسلسة، فيما يعرف بقلب اللعب من جهة لأخرى.
كامبل، حيدرة، وسبيتزر في العمق، ثلاثي قوي يساندهم البديل باتريك شيك الأقرب إلى دور المهاجم المتأخر، مما يجعل هناك تفوق عددي في قلب الملعب، ليس الغرض منه شيء سوى إجبار لاعبي أتليتكو على التموقع أكثر في المركز وترك الأطراف. أي إجبار أظهرة أتليتكو مدريد على الدخول للعمق من أجل مساندة الدفاع، أو إجبار الجناحين يميناً ويساراً على الدخول للعمق لمساندة لاعبي الارتكاز، المهم أن يتواجد أكبر عدد من السيقان في منطقة واحدة، ومن ثم ضرب كل هؤلاء بتمريرة عمودية أو قطرية إلى الأطراف، تجاه اللاعب الحر الثالث الهارب من الرقابة. وهذا ما يعرف تكتيكياً باللعب التموضعي أو الـ Positional play.
في الهدف الأول، سبيتزر حصل على الفراغ المطلوب يميناً، ليمرر كرة حولها الاسباني أولمو في الشباك.
في الهدف الثاني، أنخيلينو كان هو الرجل الحر الهارب من الرقابة يساراً، ليمرر كرة بالعرض للظهير الأيمن تايلر أدامز، ليسدد وتسكن الشباك.
كرة قدم كما يقول الكتاب، بدون زيادة أو نقصان.
على الهامش
الفرنسي أوباميكانو مدافع فذ، أتابعه منذ بداية الموسم ولا أستطيع أن أخفي إعجابي بتمركزه وتمريراته وحتى مراوغاته.
وفي مباراة الأمس قدم وجبة دفاعية رفيعة المذاق. حتى بعد تحول أنخيلينو لليسار باستمرار، أصبح أوباميكانو أقرب لقلب الدفاع، نصف مدافع ونصف ارتكاز إضافي لخلق كثافة عددية أكبر على وسط أتليتكو مدريد، رفقة حيدرة، سابيتزر، وكامبل وأدى ذلك الدور بكفاءة عالية.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.