نيمار ينفجر وتغييرات توخيل صنعت الفارق.. كيف عاد باريس من تحت الأنقاض؟

عدد القراءات
757
عربي بوست
تم النشر: 2020/08/13 الساعة 12:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/08/13 الساعة 12:33 بتوقيت غرينتش
رويترز

صعد باريس سان جيرمان للدور نصف النهائي من دوري أبطال أوروبا بعد سنوات من الإخفاق، سيناريو المباراة الدرامي منح الطرف المستحق بطاقة التأهل، ولولا رعونة نيمار في إنهاء الفرص لَربما انتهت المباراة في شوطها الأول، وسيكون من المشين أن نبخس حق أتالانتا، وأن نختزل تجربتهم ومدى نجاحها في النتائج النهائية بمثل تلك المباريات. 

دعك من التكتيك، ودعك من الأسلوب الخاص بمدرب الفريق غاسبريني، نحن نعشق كرة القدم بسبب تلك الرحلات غير المتوقعة لفرق فقيرة، قادمة من العدم، تُناطح كبار القوم، الفرق التي لا تنضب أموالها، مثل تلك التجارب تجعلنا نوقن أن كرة القدم لعبة للغني والفقير، حتى إنها تعكس مفهوم الغنى والفقر في الملعب. أتالانتا بقيادة غاسبريني الذي يكلف لاعبي فريقه 86 مليون يورو، واجهوا باريس سان جيرمان، الذي يكلف لاعبيه 600 مليون يورو، ببسالة، حتى آخر أنفاس المباراة، ومن دون مهاجمهم الأساسي. وقبلها نافسوا السيدة العجوز حتى المحطات الأخيرة من الدوري الإيطالي.

توخيل وغاسبريني.. معركة الوسط

بدأ توخيل المباراة برسم 4-3-3 المعتاد، بنصف ملعب يميل أكثر للاحتفاظ بالكرة تحت ضغط أتالانتا بنظام رجل لرجل. في خط الوسط الباريسي تواجد إدريسا غاي كلاعب يميل إلى اليسار قليلاً لمساندة الظهير خوان بيرنات في تغطية الجبهة عكسياً أمام صانع ألعاب أتالانتا غوميز. ومع تثبيت المدافع البرازيلي ماركينيوس في عمق الوسط، بينما كان أندير هيريرا هو كلمة السر في وسط باريس سان جيرمان تحت الضغط، أندير كان الرجل الحر والمتنفس الذي يبحث عنه لاعبو باريس المحاصرون تحت الطوفان الإيطالي.
في حين بدأ غاسبريني المباراة برسم 3-4-3، بخطوط متقاربة لسببين، الأول، فرض الضغط على وسط باريس كي يعجز عن الصعود بالكرة بسلاسة، ولذلك تواجد فرولير أمام هيريرا، ودي رون أمام غاي. ومع خط هجومي يتكون من غوميز على اليسار، كنصف جناح ونصف لاعب وسط، وبازاليتش كلاعب حر على اليمين، ودوفان في المقدمة لكي يكسر تمركز خط دفاع باريس بهدف خلق المساحات.

منذ بداية المباراة فهم توخيل جيداً أن غاسبريني سيستخدم غوميز على اليسار مع جوسينس وفرولير كمثلث يكسر تمركز لاعبيه، بمعنى أنه حين يتقدم ماركينيوس أو هيريرا للأمام يقوم فرولير بإعادة الكرة للخلف لجوسينس، الذي يمرر طولياً لغوميز في المساحة خلف هيريرا، حتى إن غاسبريني جعل بازاليتش يميل لليسار أيضاً مع غوميز عندما يتقدم هيريرا.

لذا كان تثبيت هيريرا على اليمين وميله لمساندة الظهير كيرير قراراً موفقاً من توخيل، خاصة أنه لاعب مميز تحت الضغط وفي التغطية والبناء. ليقلل كثيراً من خطورة الجبهة اليسرى لأتالانتا، وبسبب تلك الخطوة الشطرنجية اضطر بازاليتش للتقهقر والعودة لجبهته على اليمين، رغم تسجيله لهدف من تلك الوضعية.

تمركُز هيريرا على اليمين جعل سارابيا متحرراً كلاعب جناح ينضم للوسط كحلقة وصل بين الوسط والهجوم، لمنح نيمار أريحية التوغل في العمق ودخول منطقة الجزاء، لكن مع كامل الاعتراف بذكاء توخيل، لكن تلك الخطة أضعفت عملية الضغط على لاعبي أتالانتا، وأثقلت كاهل لاعبي باريس بالرقابة المفروضة عليهم من الفريق الإيطالي، لذا كان الاختراق طولياً من لاعبي باريس طيلة المباراة عبر الكرات الساقطة في المنتصف، متنفسهم الوحيد طيلة النصف الأول من المباراة، وهو ما أراده غاسبريني.

بعد تسجيل أتالانتا للهدف، أدرك غاسبريني أن الهجوم المتواصل سيولد المساحات في الخط الخلفي لفريقه، وهي التي يعشقها أصدقاء نيمار، لذا اعتمد الدفاع بأسلوب رجل لرجل، والتمركز في نصف ملعبه، لكن ذلك النظام مرهق بدنياً، ويفضله دائماً أصحاب المهارات الفردية مثل نيمار، لأنه يعشق وضع 1 ضد 1 مع الظهير أو قلب الدفاع.

وتلك كانت الثغرة التي يبحث عنها توخيل، وبالفعل قام بإدخال تشوبو موتينغ ومن قبله مبابي، على أقصى أطراف الملعب، لتمديد خط دفاع أتالانتا عرضياً، وخلق المساحات. وأشرك دراكسلر كلاعب وسط يلتقط الكرات الثانية ويستغل تقدم لاعبي أتالانتا للضغط، وبالفعل نجحت مهمة باريس وسجل هدفين قلب بهما النتيجة.

نيمار جونيور.. الكلمة وعكسها

في مباراة الأمس، أضاع نيمار فرصة ذهبية في بداية المباراة، وأضاع بعدها فرصتين أخريين في الشوط الأول. ومثلهما في الشوط الثاني، لكنه كان اللاعب الأبرز في مباراة الأمس، إذ أظهر صاحب الـ28 عاماً إمكاناته التي لا يختلف عليها اثنان، وذلك رغم عقليته المراهقة، والتي لا يختلف عليها اثنان أيضاً.

لمس نيمار الكرة 113 لمسة، وقام بـ17 مراوغة صحيحة كأكثر لاعب يقوم بهذا العدد من المراوغات بعد ميسي في تاريخ دوري الأبطال. كما قدم 5 تمريرات مفتاحية، وأسيست، وحصل على 9 مخالفات بعضها بسبب الاستعراض المبالغ فيه أمام لاعبي أتالانتا، وبعضها بسبب عجز لاعبي غاسبريني عن إيقافه.
في كل الأحوال، استحقَّ باريس التأهل عن جدارة واستحقاق، واستحقَّ أتالانتا التحية على رحلتهم الشيقة والمثيرة طوال الموسم.
"كل المجد لمن اجتهدوا لحفر أسمائهم في أرشيف اللعبة، وتحديداً الذين بدأوا من تحت الأنقاض". 

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمد حبيب
كاتب رياضي
كاتب رياضي
تحميل المزيد