سينضم اللاعب الدولي المغربي سفيان أمرابط لنادي فيورنتينا الإيطالي مباشرة بعد نهاية الموسم الكروي الحالي، ستكون هذه الخطوة بمثابة نقلة نوعية في المسار الاحترافي لنجم أسود الأطلس. خطوة يصحبها أمل كبير في التطور والطموح للعب مستقبلاً ضمن نادي أوروبي أكبر، وبالتالي إنجاز مسار احترافي أفضل من ذلك المُحقق من طرف "قدوته" ومستشاره الأول، شقيقه الأكبر نور الدين.
وُلد سفيان أمرابط يوم 21 آب/أغسطس 1996، ببلدة "بلاريكوم" الهولندية، من أبوين مهاجرين، تعود أصولهما إلى بلدة بن طيب بجبال الريف المغربية.
بدأ سفيان ممارسة رياضة كرة القدم ضمن فريق دي زويفوغلز الهولندي الصغير في عام 2003، قبل أن ينضم لأكاديمية نادي أوتريخت في عام 2006، حيث تلقى تكوينه الرياضي وصُقلت موهبته ما جعل مسؤولي النادي الهولندي يمنحونه عقداً احترافياً في نوفمبر/تشرين الثاني 2013 وهو في سن الـ17 من عمره، خشية خطفه من طرف الأندية الهولندية الأخرى.
القدوة والمستشار
كان نور الدين أمرابط حاضراً عند إمضاء شقيقه الأصغر سفيان لعقده الاحترافي الأول، وقد صرح حينها سفيان: "أريد أن أصل إلى نفس المستوى الذي بلغه شقيقي، فهو جد سعيد من أجلي ولقد أسدى لي الكثير من النصائح والإرشادات لكي أصبح لاعباً محترفاً".
فضلت التوقف عند هذه النقطة أو هذا المعطى المهم في حياة سفيان. لما كان عمره 17 عاماً فقط كان يطمح لبلوغ مستوى شقيقه نور الدين الذي يكبره بـ9 سنوات ونصف، والذي كان ينشط حينها في الدوري التركي بعدما لعب في صفوف نادي أيندهوفن الهولندي، كما كان لاعباً أساسياً في المنتخب المغربي.
سأعود للحديث باختصار عن المشوار الاحترافي لنور الدين أمرابط، بعد أن أتوسع في المسار الاحترافي لسفيان، لنتساءل أو لنستنتج بعدها ما إذا كان الشقيق الأصغر في طريقه لإنجاز مشوار أفضل من ذلك الذي مر به الشقيق الأكبر أم لا.
أمضى سفيان أمرابط عقده الاحترافي الأول مع نادي أوتريخت في نوفمبر/تشرين الثاني 2013، لكنه بقي ينشط ضمن فريقي الشباب (أقل من 19 سنة) والرديف (أقل من 21 سنة) وقد انتظر شهر سبتمبر/أيلول 2014 ليلتحق بتدريبات الفريق الأول تحت إشراف المدرب روب ألفلين الذي منحه فرصة خوض مباراته الاحترافية الأولى وهو في الـ18 من عمره، وكان ذلك يوم 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 عندما دخل بديلاً لزميله السويدي كريستوفر بيترسن، خلال المواجهة التي فاز بها أوتريخت على فيتاس أرنهيم (3-1) لحساب الدوري الهولندي لكرة القدم.
صعوبات في الدوريين الهولندي والبلجيكي
واكتفى الفتى سفيان بالمشاركة في 4 مباريات فقط في الدوري الهولندي خلال موسم 2014- 2015، وذلك بسبب المنافسة الشديدة على مقاعد وسط الميدان الرئيسية في أوتريخت، والتي وجدها من طرف لاعبين يكبرونه سناً ويفوقونه خبرة وتجربة.
وفي الموسم الموالي (2015-2016) ومع رحيل المدرب الهولندي روب ألفين، عاد سفيان أمرابط إلى فريق رديف نادي أوتريخت، وذلك قبل أن يعيده المدرب الجديد إيريك تين هاغ إلى صفوف الفريق الأول ويُشركه في 12 مباراة رسمية لكل المسابقات، قدم خلالها 3 تمريرات حاسمة.
وواصل سفيان تطوره التدريجي تحت قيادة المدرب الهولندي تين هاغ في موسم 2016- 2017، فشارك في 38 مباراة رسمية، سجل خلالها هدفاً واحداً وصنع 4 أهداف أخرى، حيث كان أحد أبرز اكتشافات الدوري الهولندي لذلك الموسم، ما جلب اهتمام العديد من الأندية الهولندية الكبيرة، على غرار بطل الدوري فينوورد روتردام الذي تعاقد معه في يونيو/حزيران 2017، لمدة 4 سنوات، مقابل 5 ملايين يورو.
ظهر سفيان أمرابط بمستوى متوسط مع فريقه الجديد، حيث شارك في 31 مباراة رسمية في موسمه الأول (2017- 2018) ، سجل خلالها هدفين وقدم 3 تمريرات حاسمة، ثم شارك في مباراتين رسميتين فقط في بداية الموسم الثاني (2018- 2019). ولذلك وإدراكاً منه بصعوبة ضمان مركز أساسي ضمن التشكيلة الأساسية لفريق فينوورد، طلب اللاعب المغربي الشاب من إدارة ناديه وضعه في سوق التحويلات الصيفية، فتم تسريحه للعب في صفوف نادي بروج البلجيكي الذي تعاقد معه يوم 24 آب/أغسطس 2018، لمدة 4 أعوام، في صفقة بلغت قيمتها 2 مليون يورو.
لم يجد سفيان ما كان يبحث عنه في نادي بروج، أي اللعب بانتظام في التشكيلة الأساسية لخط وسط الفريق، إذ خاض 29 مباراة رسمية في كل المسابقات المحلية والقارية، لكن أغلبها في مراكز خط الدفاع، حيث لم يتمكن من إظهار قدراته الفنية الحقيقية، ما جعل النادي البلجيكي يضعه، عند نهاية الموسم، ضمن قائمة المسرحين، فتمت إعارته يوم 22 آب/أغسطس 2019 لنادي هيلاس فيرونا الإيطالي.
وبعد تألقه اللافت في النصف الأول من الموسم الجاري (2019-2020) اشترى نادي فيرونا عقده من بروج البلجيكي يوم 29 يناير/كانون الثاني الماضي، مقابل 3.5 مليون يورو، في صفقة ربح فيها النادي الإيطالي الكثير في ظرف يوم واحد فقط. حيث باع نجمه المغربي لنادي فيورنتينا يوم 30 يناير/كانون الثاني، مقابل 14.5 مليون يورو، حسب مصادر رسمية.
جماهير فيورنتينا تكتشف نجمها القادم
تعاقد سفيان أمرابط مع فيورنتينا الإيطالي لمدة 5 سنوات، لكنه لن يستفيد من خدماته إلّا في الموسم القادم (2020- 2021) ، بحيث اضطر لإبقائه مع هيلاس فيرونا، على سبيل الإعارة، إلى غاية نهاية الموسم الجاري.
وقد أتيحت الفرصة، الأسبوع الماضي، للجماهير العريضة لكبير فلورينسا للتعرف من خلال شاشة التلفزيون وليس مدرجات الملعب على المستوى المميز لنجمها القادم سفيان أمرابط، بمناسبة المباراة التي جرت لحساب الجولة الـ32 من الدوري الإيطالي لكرة القدم بين فريق الفيولا وضيفه هيلاس فيرونا، وانتهت بنتيجة التعادل (1-1)، حيث كان سفيان صانع هدف زميله الإيطالي فاراوني، بعد تمريرة حاسمة رائعة، كما تم اختياره أفضل لاعب في اللقاء من طرف الصحافة الرياضية الإيطالية.
التألق اللافت الذي يظهر به سفيان أمرابط في الدوري الإيطالي في الموسم الجاري راجع بالأساس إلى نشاطه في المركز الذي تكون فيه ضمن أكاديمية نادي أوتريخت الهولندي، أي كلاعب وسط ميدان دفاعي، مُكلف بالربط بين خطَّي الدفاع والهجوم.
حتى مدرب فريق هيلاس، إيفان يوريتش، انبهر وتفاجأ بالمستوى الذي يقدمه لاعبه المغربي، حيث صرح بعد نهاية مباراة ناديه مع إنتر ميلان (2-2) يوم 9 يوليو/تموز الماضي: "أعترف بأنّ أمرابط هو أكبر مفاجأة بالنسبة لي خلال مساري المهني، إنه ذكي بشكل مذهل، إنّه حقاً اكتشاف الدوري وأعتقد أنه قادر على الذهاب بعيداً في مشواره".
من الأفضل؟
هذا الكلام الصادر من مدرب نادي هيلاس فيرونا قد يلخص ما كنّا نتساءل عنه عند بداية هذا المقال، أي مدى إمكانية إنجاز سفيان أمرابط لمشوار احترافي أفضل من شقيقه نور الدين، البالغ حالياً 33 سنة من العمر، الذي بدأ ممارسة رياضة كرة القدم ضمن مدرسة نادي دي زويفوغلز، ثم أكاديمية أياكس أمستردام الهولندي، قبل أن يحترف اللعب مع أندية أومني وارد (2006-2007) وفينلو (2007-2008) وبي إس في أيندهوفن ( 2008-2011).
وبعدها، فضل نور الدين الرحيل، في يناير/كانون الثاني 2011، إلى الدوري التركي، حيث لعب في صفوف قيصري سبور لمدة موسم واحد ونصف، ثم موسم واحد ونصف مع غالطة سراي، لينتقل بعدها، في الميركاتو الشتوي لعام 2014، إلى نادي ملقة الإسباني، الذي سجل له 8 أهداف وقدم 12 تمريرة حاسمة في مسابقة "الليغا"، خلال سنتين. قبل أن يخوض تجربة "فاشلة" في الدوري الإنجليزي الممتاز (من يناير/كانون الثاني 2016 إلى سبتمبر/أيلول 2017) ضمن نادي واتفورد، حيث لم يسجل أي هدف في 44 مباراة، مكتفياً بتقديم 4 تمريرات حاسمة.
وفضَّل نور الدين العودة إلى الدوري الإسباني من بوابة نادي ليغانيس الذي دافع عن ألوانه على سبيل الإعارة لموسم واحد (2017- 2018)، قبل أن يتعاقد مع نادي النصر السعودي في صيف 2018، لمدة 3 مواسم، والذي لا يزال ينشط معه إلى غاية الآن.
يمكن القول إنّ نور الدين أمرابط يوجد حالياً على مقربة من الاعتزال، ومن المؤكد أنّه، ومن خلال تجربته الاحترافية الطويلة، وحتى وإن لم تكن زاهية، سيساعد بإرشاداته شقيقه سفيان على إنجاز مشوار احترافي مميز ضمن أندية أوروبية كبيرة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.