أبهرت العالم وانتصرت على كورونا.. مصر اليوم في عيد

عدد القراءات
3,108
عربي بوست
تم النشر: 2020/06/26 الساعة 09:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/06/26 الساعة 14:29 بتوقيت غرينتش
عاملون طبيون في مستشفى الحجر الصحي في القاهرة/ شينخوا

تنويه: مقال ساخر، لا يمتّ للواقع بِصِلة وهو من وحي خيال الكاتب

تجمع المصريون حول شاشات التلفاز، مساء الثلاثاء الماضي، يترقبون بحذر مستقبل مصر، في التاسعة مساء خرج علينا الرئيس، كانت السعادة تغطي وجهه، فسرت في قلوبنا الطُمَأْنينة، قدم التحية لأرواح الأطباء الذين قضوا وهم يحاربون المرض في المستشفيات..
"اليوم نعلن لكم البيان الأخير فيما يتعلق بوباء كورونا في بلدنا الحبيبة، كل ما سأعرضه عليكم من نتائج علمية وطيبة، كان لأرواح الشهداء مساهمة حاسمة فيه، شهداء الطب وشهداء، اليوم نتذكر خالد سعيد، سالي زهران، مصطفى الصاوي، وليد يحيى وفيليب متري وكل من ضحى من أجل أن تعلو مصر".


ثم أعلن الرئيس للمصريين نجاح خطة مواجهة وباء كورونا، "الآن وبكل تأكيد، مصر بلا كورونا، الحياة ستعود كما كانت وأفضل لكن مع أخذ كامل الاحتياطات والتدابير الصحية".  هنا عرف أبناء مصر أن تضحيات شبابها كانت ذات معنى وقيمة، وأن بموتهم عاشت مصر. "عيش.. حرية.. عدالة إجتماعية"، بدأت الثورة منذ 9 سنوات بهتافات المصريين من أجل الحق في الحياة والتعبير والكرامة، حتى وصلت مصر إلى ما عليه الآن، دولة قوية تستطيع أن تواجه جائحة عالمية مثل كورونا، فكيف فعلتها مصر الثورة؟

ثمار بناء الوعي الشعبي

"دي بلدهم همّا، مش بلدنا"، كانت تلك القاعدة التي اتفق عليها المصريون في زمن ما قبل الثورة، لكن حين شعروا أن البلد بلدهم بصدق، وليس كما يقال في تصريحات الساسة قبل الانتخابات، دافعوا عنها بكل ما يملكون. وجعلوا مصلحة مصر هي الغاية والرجاء، عاشت مصر منذ ثورة يناير/كانون الثاني وحتى الآن، حالة فريدة من حرية الرأي والتعبير. حالة جعلت الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني المختلفة تنطلق في ربوع مصر تنشر الوعي بين المصريين، وتكشف لهم الغطاء عن الحقائق الخفية عن قوتهم وقدرتهم، وأن الشعب هو الحاكم والحكم وليس المحكوم الصامت فقط، زاد حب الوطن في قلوب المصريين وزاد وعيهم، عبر النخبة السياسية، والصحافة الصادقة التي تعرف أنها لا تقدم الخبر فقط، بل تساهم في زيادة الوعي ونشر حالة من الثقافة العامة. ساهمت ثورة يناير/كانون الثاني وما ترتب عليها من متغيرات في تحسين حياة المصريين، حتى أصبح الوعي الشعبي حقيقة لا خيال. وحين احتاجت مصر لوعي المصريين في مواجهة وباء كورونا، كان الشعب يدرك تماماً المطلوب منه، والواجب عليه، فكما علمتنا أسوار مدارسنا، أن من جَدَّ وجَدَ، ومَن زرع حصد. الدولة التي تزرع بمكوناتها الثقافة والعلم والحقيقة، لن تحصد إلا الوعي والإيجابية والمبادرة، وحين تزرع الجهل والتغييب والكذب، ستفسد الأرض والجذور والبذور، ولن ترى الثمر أبداً.

حالة النظام الصحي وتعامله مع الوباء

وعت حكومات ما بعد الثورة المشاكل الحقيقية للمصريين، فجعلت الصحة والتعليم على أولويات عملها وأهدافها، فالمواطن ينتظر أن يرى التنمية الحقيقية في مدرسة أبنائه، ونظافة شارعه، ومستشفى مدينته. وليس رؤيتها في نشرة التاسعة مساء، حين يخرج علينا مذيع ببدلة سوداء يحكي لنا أن الرئيس افتتح صباح اليوم العديد من المشروعات الكبيرة والعظيمة، وأن مصر اليوم في عيد، وأيامها القادمة بيضاء، والحقيقة أن الأيام ملونة بلون بدلته الغالية. لذلك عملت حكومة الثورة على دراسة أزمات مصر والبحث عن حلول يلمسها المواطن، ففي قطاع الصحة، كانت المشاكل عديدة ومعقدة، بداية من قلة عدد المستشفيات الحكومية، وسوء جودة الخدمة بها، وعدم تقدير الأطباء مادياً ومعنوياً، مما أدى لسفر عدد كبير من الأطباء لدول أخرى، وجدوا بها التقدير والترحيب. لكن مصر تغلبت على هذه المعوقات، فأقامت العشرات من المستشفيات الحكومية لتقديم خدمة صحية جيدة لمن يتعذر عليهم المرور بجانب مستشفى خاص، وأصبح للأطقم الطبية بشتى درجاتها تقدير يناسب حجم العطاء المبذول، ضمن خطة عامة لتوفير الكرامة للمصريين، وليس لفئة منهم. بات لمصر نظام صحي متماسك، مستشفيات تناسب الكثافة السكانية، أطقم طبية مؤهلة ومقدرة وليست مكدرة، خدمة صحية جيدة، فساهم ذلك في التصدي لجائحة كورونا. ولم نشاهد المرضى أمام المستشفيات يصارعون الموت والفقر والجهل والظلم، فقط يبحثون عن موتة كريمة بعدما فشلوا في الحصول على حياة كريمة. رأينا جميعاً جودة النظام الصحي في أقاربنا المصابين، بعدما وجدوا خدمة صحية تحفظ كرامتهم، حدث ذلك عندما أدركت مصر أننا نحتاج مستشفيات أكثر من السجون، وأن الكرامة حق لكل المصريين. 

الحكومة تصفّ الصفوف وتعلن المواجهة 

كان من الواضح أن العالم سيشهد حدثاً كبيراً، بعدما أعلنت الصين عن ظهور سلالة جديدة من فيروس كورونا، تحت اسم كوفيد-19، وبدأ الحديث عن قرب اندلاع جائحة عالمية ربما لن تفلت منها أي دولة. استعدت مصر للمواجهة مبكراً، فشكلت لجنة إدارة ازمة متخصصة للعمل على مواجهة الجائحة، وتقليل حجم الخسائر قدر الإمكان، وبدأت العمل على إجراءات ما قبل المواجهة، فأعدت الصفوف الداخلية للدولة، وتأكدت من استعداد النظام الصحي. كما عملت على تهيئة الشعب للظرف الذي يعيشه العالم وستعيشه مصر. كان للإعلام المصري الدور الكبير في ذلك، برامج التوك شوك تستضيف العلماء والأطباء والمتخصصين، وتطرح عليهم ما يهم المصريين، دون تهويل أو تهوين، ومع حالة الإصابة الأولى خرج علينا وزير الصحة، يعلن لنا بوضوح وشفافية حقيقة الوضع، "فيروس كورونا وصل إلى مصر، لكن بتعاوننا معاً سننتصر عليه، استعدوا للمواجهة، ونعدكم ببذل كل الجهد من أجل الحفاظ على صحتكم". كلمات هادئة وحذرة من وزير الصحة، الطبيب الذي أحب الطب وأحبه المصريون، عملت لجنة إدارة الأزمة على عدة ملفات، الاستعداد للمواجهة ورفع كفاءة النظام الصحي، والمؤسسات المعنية بالتصدي للجائحة، كما ركزت على إشراك الشعب منذ اللحظة الأولى، وتزويده بالأرقام والحقائق بصورة دورية، واهتمت بصف الصفوف، فعقدت العديد من اللقاءات مع الأحزاب المختلفة، والجمعيات الخيرية الكبرى، ورؤساء تحرير الصحف والقنوات الفضائية، بالإضافة للاستعانة بالمؤثرين على منصات التواصل الإجتماعي، استمعت اللجنة لهم وطلبت من كل منهم التعاون بالشكل الأنسب في تلك المواجهة.

مصر تبهر العالم من جديد

اجتمعت لمصر أسباب النجاح فوصلت إلى الضفة الأخرى من النجاة، بعدما تجاوزت تحدي فيروس كورونا، بتعاون أبنائها جميعاً، حكومة وطنية تعمل من أجل المصريين، وليس من أجل رضا الرئيس، تخشى على حسابها أمام الله، وليس حسابها في بنوك سويسرا. في 9 سنوات فقط أبهرت مصر العالم مرتين، بداية في ثورة يناير/كانون الثاني، والثانية نعيشها الآن، منظمة الصحة العالمية أشادت بتجربة مصر في التصدي للجائحة، رؤساء العالم يعيدون على أسماعنا ما قالوه في عام  2011 عن عظمة المصريين، انتهت تجربة مصر في مواجهة فيروس بالقليل من الخسائر، والكثير من دعوات المصريين لشهداء ثورة يناير، "مصر الآن ليست كما كانت عليه، قبل ثورة يناير، مصر الآن دولة حقيقية بكم أنتم أبناء مصر الأوفياء، معاً سنقف أمام كل التحديات، مصر بكم ولكم" ختم الرئيس كلمته بمناسبة انتصار مصر على تلك الجائحة العالمية.

"طلع الشباب البديع قلبوا خريفها ربيع.. وحققوا المعجزة صحوا القتيل من القتل، اقتلني قتلي ما هيعيد دولتك تاني.. بكتب بدمي حياة تانية لأوطاني".

عبدالرحمن الأبنودي

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

بلال فتيان
مدون مصري
مدون مصري
تحميل المزيد