يسير على خطى آيسلندا.. ما يجب أن تعرفه عن منتخب لوكسمبورغ

عدد القراءات
3,499
عربي بوست
تم النشر: 2020/05/28 الساعة 16:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/05/28 الساعة 16:49 بتوقيت غرينتش
يسير على خطى آيسلندا.. ما يجب أن تعرفه عن منتخب لوكسمبورغ

بعيداً عن عمالقة كرة القدم وإنجازاتهم التي لا تُحصى، من منا لا يحب قصص سندريلا الكروية! معجزة ليستر سيتي ومثابرة منتخب آيسلندا. فرق تأتي من العدم، ومن دون سابق إنذار، تقدم أداءً خارقاً للعادة يتخطى مستوى تطلعات الجماهير، اللاعبين أنفسهم والمدرب، وأحياناً المنطق!

هذه المرّة منتخب لوكسمبورغ يقدم لنا، حتى لو كانت ضئيلة، إنذارات تُوحي بأنه على الطريق الصحيح ليحذو حذو المنتخب الآيسلندي ممثل الـ300 ألف نسمة الذي تصدَّر كل الصحف، ورقيَّةً كانت أم إلكترونية، عندما تأهل إلى بطولة يورو 2016، كأصغر بلد من حيث عدد السكان، قبل أن يصل إلى كأس العالم عام 2018، وبين هذا وذاك أسكَت جميع مُتَّهميه بأنه محظوظ عندما روَّض "بيت كرة القدم" منتخب الأسود الثلاثة وأقصاهم في ربع نهائي اليورو.

قبل عقد من الزمن كان سيقال عنك مجنون إن توقعت أن منتخب بخلفية آيسلندا يمكن أن يصل حتى إلى ملحق البطولات الكبرى، لكن اليوم تجربة هذا المنتخب تجعلنا نؤمن بأن أي فريق قادر على النجاح والوصول بعيداً حتى لو كان عدد سكان شعبه نحو 600 ألف نسمة كحال منتخب لوكسمبورغ.

فما هي المؤشرات التي تجعل لوكسمبورغ الأقرب دون غيره إلى تكرار التاريخ؟

ظروف البطولة

لا شكّ في أن زيادة عدد الفرق المتأهلة لبطولة اليورو من 16 إلى 24 زادت من فرص التأهل للمنتخبات المتوسطة والضعيفة، وقد شاهدنا بالفعل عدة فِرق تشارك لأول مرة في اليورو الأخير على غرار: ألبانيا، وويلز، وسلوفاكيا، وأيرلندا الشمالية، وبالطبع آيسلندا. وقد يكون المنتخب اللكسمبورغي آخر المستفيدين من هذا النظام الجديد، الذي ومن نسخة العام القادم سيعطي فرصة ذهبية للتأهل لفريق ضعيف من المجموعة الرابعة في بطولة دوري الأمم الأوروبية المستحدثة، وقد كان منتخب لوكسمبورغ بالفعل قريباً جداً من ضمان مقعده في ملحق اليورو.

العناصر البشرية

لطالما كان الإستقرار الفني ركيزة أساسية في أي فريق كرة قدم، وهو ما يتوفر في مدربه ولاعب لوكسمبورغ السابق "لوك هولتز"، الذي يشرف على الفريق منذ 2010. استقرار كهذا صعد بويلز وآيسلندا إلى أُولى البطولات القارية في تاريخ الفريقين.

العمود الفقري للمنتخب وبيادق المدرب، هم اللاعبين. بإمكانك تعيين فطاحل التكتيك: غوارديولا، مورينيو، أو المجنون بييلسا إن شئت، لكن في نهاية الأمر تحتاج للاعبين قادرين على تطبيق ما في عقل المدرب على أرضية الملعب.

في مايو عام 2016، ضجّت الصحف العالمية باللاعب الشاب "فينسنت ثيل" الذي ارتبط إسمه بالعملاق البافاري ليوقع في النهاية لنادي ميتز الفرنسي. مكانة صاحب العشرين عاماً في المنتخب قد تصبح، في قادم السنوات، مشابهة لتلك عند جيلفي سيغوردسون في منتخب آيسلندا، فريق يلعب ككُتلة واحدة ونجم واحد يصنع الفارق حين يقتضي الأمر. لاعب الوسط المهاجم يعتبر أفضل لاعبي المنتخب إلى جانب البرتغالي الأصل الجناح الطائر جيرسون رودريغيز الذي يلعب لفريق دينامو كييف الأوكراني.

الأندية المحلية

الدوري المحلي له نصيب الأسد من تقدُّم المنتخب، حيث شهدنا في الموسم الماضي تأهل نادي لوكسمبورغي لأول مرّة إلى الدوري الأوروبي وهو نادي "دودلانغ"، ليقارع في دورالمجموعات بطل دوري الأبطال 7 مرّاتٍ الكبير الميلان، إلى جانب بيتيس وأوليمبياكوس، كاسباً من خلال مشاركته في دور المجموعات مبلغ أربعة ملايين يورو، أي أكثر من ضعفَي ما يتقاضاه سنويّاً، وهو مبلغ كبير كفيل بأن يضمن استمراريته على الساحة الأوروبية، ويساعده على تطوير اللاعبين الناشئين.

طريق دودلانغ لم يكن سهلاً، مُقصياً في طريقه ليغيا وارسو البولندي، صاحب التعادل الشهير 3-3 مع العملاق ريال مدريد في 2016، ونادي كلوج الروماني الذي خرج من الأولد ترافورد بالنقاط الثلاث في 2012 بآخر موسم للسير فيرغسون. لم يكتفِ النادي بذلك، بل تأهل مجدداً هذا الموسم، ليجد نفسه يواجه المتربّع على عرش الدوري الأوروبي، نادي إشبيلية.

سبق هذا الإنجاز ارتفاعٌ ملحوظ في مستوى الأندية المحلية أوروبياً. قبل موسمين من الآن، كان فريق "فولا إش" قريباً من الوصول إلى ملحق الدوري الأوروبي، وفي الموسم ذاته حقَّق فريق بروغرس (تعني "تقدُّم" بالعربية!) المفاجأة حين تخطّى العريق رينجرز الأسكتلندي، بنتيجة جعلته محطّ إحراج أمام غريمه الأزلي سلتيك في ذلك الوقت.

هذا الاحتكاك المستمر بأندية كبيرة على المستوى الأوروبي، لن يكون له سوى التأثير الإيجابي على المنتخب، حيث يكتسب اللاعب المحلي خبرات كبيرة، وهو ما نراه في ثنائي الهجوم المميز: "سيناني" و"توربيل" اللذين يلعبان في صفوف دودلانغ، قبل أن ينتقل الأخير لنادي فيرتون البلجيكي.

إنجازات وأرقام

والجدير بالذكر، أن منتخب الأسود الحمراء أكثر المنتخبات مشاركةً في التصفيات دون الوصول إلى بطولة كبرى، على الرغم من أنه كان قاب قوسين من ذلك في يورو 1964 عندما أقصى منتخب الطواحين الهولندية، ليحرمه منتخب الدنمارك بعد ذلك من الوصول لما كان يمكن أن يكون مشاركته الوحيدة حتى يومنا هذا!

وأفضل نتيجة حققها المنتخب مؤخراً، كانت التعادل السلبي الشهير أمام فرنسا عام 2017 في تصفيات مونديال روسيا الأخير، حين فشلت فرنسا في الفوز عليهم لأول مرة منذ 1914!

كان بطلها الحارس جوناثان جوبرت صاحب الـ37 ربيعاً ذو الأصول الفرنسية والذي تصدى لجميع محاولات الديوك الفرنسية، ليعلو صياحه ورفاقه، الذين أتتهم فرص لخطف الفوز على الديوك في عقر دارهم.

أما بالنسبة لتصنيف الفيفا، فقد تقدم المنتخب من المركز الـ141 إلى الـ98 خلال خمس سنوات. تقدُّم لا بأس به لمنتخب في مرحلة انتقالية، ولا ننسَ أن آيسلندا احتاجت نحو عقدين من الزمن لتصل لما هي عليه الآن.

لم يعد منتخب لوكسمبورغ يخسر بتلك النتائج العريضة التي يخسر بها أمثاله من المنتخبات الصغيرة، وأصبح يحقق بعض الانتصارات هنا وهناك. الأمر الذي يُخبرنا بأن هذا البلد الصغير في تصاعد مستمر، لا نعرف إلى أين قد يصل أو متى يستقر.

المنتخب يسير بخطىً بطيئة لكن ثابتة نحو الحلم الأوروبي الذي يبدو بعيداً في الوقت الراهن، لكن من يدري لعل البلد الذي يكاد لا يُرى على الخريطة، نجده في السنوات القادمة، يقارع جيرانه على الخارطة الكروية.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
حسن مفلح
مهندس ومدوّن رياضي
مهندس ومدوّن رياضي
تحميل المزيد