على الطريقة الروسية.. إلى أين تسير اليمن في مواجهة كورونا؟

عدد القراءات
3,928
عربي بوست
تم النشر: 2020/05/21 الساعة 14:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/05/21 الساعة 14:57 بتوقيت غرينتش
الأمم المتحدة تكشف عن مواعيد توزيع لقاح كورونا/رويترز

كان مياسنيكوف، الطبيب ومقدم البرامج، يخبر مشاهديه الروس كل مساء: معدل إصابة صفر، إنها المعجزة الروسية. وكانت مهمته الأساسية: تنوير الشعب الروسي حول الوباء، ومواجهة الأخبار الكاذبة.

مرّت الأيام وفاضت الحقيقة وتعذرت اللغة على مياسنيكوف، خصوصاً وهو يستمع لطبيب روسي مرموق: سيأخذ كورونا من أرواح الروس ما شاء له أن يأخذ. 

وبالأمس قال مياسنيكوف في لقاء تلفزيوني:

سيموت مَن قُدّر له أن يموت، علينا ألا نخشى ففي النهاية مكتوب على الإنسان الموت.

لقد ولت المعجزة الروسية!

لهذه الصورة نظير، في المركز الجديد للوباء: أمريكا الجنوبية. كان المتطرفون في البرازيل يخرجون إلى الشوارع، يضربون الكلكسات في أنصاف الليالي، ويهددون مَن ينشر دعاية كاذبة عن وباء اسمه كورونا. إلى أن وقعت البلاد في ورطة وتقدمت دول العالم. قال بولسنارو، الرئيس المتطرف: إنها مجرد نزلة برد.

لكنها، للأسف ليست كذلك.

يمثل الوباء تحدياً لنضج الأمة، وقدرة الدولة. الأمم التي أسلمت نفسها للخطاب الارتجالي، للعشوائية العاطفية، للشعبوية الفجة، الأمم التي تمرضها الحقيقة وتقلق وجدانها… ذهبت، أو ستذهب، في طريق السيل.

دول المؤسسات والمنظومات تفاجأت بالوباء لكنها عادت واحتوته. عندما كانت دول المؤسسات تقدم صورة شفافة عن الكارثة وتسارع في الإجراءات كان منظرو "دولة الرجل القوي" يسخرون، ويبشرون بانهيار الحقبة الليبرالية. خفة الخمسينات التي أورثتنا كل أنواع المهازل. المجتمعات التي يفكر لها رجل واحد، الرجل القوي أو ثلة صغيرة تحتكر التفكير، ستنتظر طويلاً ولن تجد ما انتظرته. وستذهب بعيداً في النكبة.

أسئلة تطرح نفسها: هل وصلت دول مثل مصر، حيث الرجل القوي الذي يجلس أعلى من الحقيقة، إلى الذروة؟

متى سيصل مجتمع مفكك، ومزدحم، مثل اليمن إلى الذروة؟

لن تصل اليمن إلى الذروة في المدى المنظور بسبب غياب الاستراتيجية. وقريباً ستنفجر قنبلة بيولوجية في مأرب، هناك حيث الكثافة التي يرغب بها أي وباء.

في صنعاء استعرض الحوثيون بالزي الميري، وقال المعلق: هؤلاء الجنود ذاهبون لتطهير المدن من الفيروس كما طهروها من العملاء. يقول الحوثيون إنهم سيفرضون الحظر بعد انقضاء أيام العيد الثلاثة! كأنهم يتحدثون عن إجازة وضع لا عن وباء يتزايد بسرعة الريح (إذا كان لديك ١٠٠ مصاب فإنهم سيكونون قادرين على نقل الفيروس إلى ٨١ ألف شخص خلال ستة أيام، إذا ما أخذنا نسبة عدوى ١:٣، وهي أدنى النسب).

في عدن عصابات وإنكار ومساكين. هذه الفوضى يتطلبها الفيروس، وسيأخذ من حياة الناس ما يحلو له. وفي تعز هناك عدد أقل من 10 أجهزة تنفس، فراغ طبي شامل، وعجز مذهل في عدد مزودي الصحة. تعز، أكبر المحافظات، صارت أم القرى.

بلا استراتيجية لن يصل البلد إلى الذروة، وسيواصل الفيروس حركته كما يحلو له. أنت بحاجة إلى إيقافه، ولذلك تحتاج إلى استراتيجية شاملة. عليك أن تجعله بطيئاً، وقبل ذلك أن تعرف مكانه. أين هو؟ في أيّ حيّ، وفي أي المنازل؟ إذا عرقلت حركته بسرعة وصرامة (لا أن تغلق المحال التجارية ١٢ ساعة وتفتحها ١٢ ساعة!) ستتمكن بعد أسابيع من احتواء حركته، وتهبط الموجة.

من هم الأصحاء؟ وكيف ستبقيهم أصحاء؟ من هم الناقلون، كيف ستصل إليهم، وكيف ستمنعهم من الفتك بالمجتمع؟ هذه أسئلة يجاب عنها من خلال منظومات ذات طبيعة علمية.

أفاكون كثر، أكبر من أفاكي عالمنا العربي، من روسيا إلى البرازيل، ركلهم الفيروس في مؤخراتهم. يكشف الفيروس أولئك الذين لا يصلحون لإدارة حياة الناس. كما يكشف الحمقى الذين يبصرون الوباء وينكرونه، ويكرهون الحقيقة، ويعادون الأرقام.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مروان الغفوري
روائي وكاتب من اليمن، يعيش في ألمانيا. مهتم بقضايا الديموقراطية والثورة.
طبيب وروائي وكاتب من اليمن، يعيش في ألمانيا. مهتم بقضايا الديموقراطية والثورة.
تحميل المزيد