قبل أربع سنوات كنت أدرس تخصص العلاقات الدولية في مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان التي أقطنها إلى حد اللحظة، كانت هناك مصادفة تزورني كل سنة من سنوات الدراسة، هذه المصادفة هي حلول شهر رمضان المبارك مع امتحاني النهائية في مراحلي الجامعية الأربع، إذ كانت تبعدني وتمنعني في الكثير من الأحيان من الاستمتاع بإطلالة رمضان عَلي.
بعد تخرجي قررت أن أستمتع بكل لحظة من حياتي وبالأخص لحظات حلول شهر رمضان المبارك، لكن قبل مجيء الشهر الفضيل، أتت جائحة كورونا لتقلب موازين العالم وتشتته وتشغله عن استقبال شهر رمضان المبارك.
في البداية خاب ظني قليلاً بسبب عدم استطاعتي الخروج من المنزل ومشاهدة الطقوس الرمضانية، عندما اقترب الشهر أكثر فأكثر، شعرت بأن ضيفاً كريماً سيطل علينا قريباً من واجبي الاستعداد لحضوره، أتتني فكرة صنع فانوس ورقي لوضعه كزينة في المنزل، أحضرت بعض الزينة المتوفرة وعلقت معها الفانوس الورقي من أجل الترحيب بالشهر الفضيل.
حل علينا الشهر الفضيل، بداية اليوم الأول قمت بتحضير مائدة السحور وأنا أستشعر البركة والإيجابية لأن شهر رمضان هو شهر الخير، شهر الرحمة، وشهر الغفران.
الأذان الأول من رمضان أذان الفجر، بدأت بالوضوء والصلاة والدعاء والتسبيح وتلاوة الجزء الأول من القرآن الكريم دون أي ضغوط أو تعب، عندما انتهيت خلدت إلى النوم.
عندما استيقظت من النوم كانت الساعة قريبة من 12 ظهراً، رحت أتوضأ وصليت صلاة الظهر وقرأت الجزء الثاني من القرآن.
في ما بعد قمت بالأعمال المنزلية الواجبة عليَّ من تنظيف وتنفيذ تفاصيل الاستعداد لعمل وجبة الإفطار.
بعدها جاء وقت أداء صلاة العصر، صليت العصر وذهبت لمساعدة أمي بالتجهيز والتحضير الفعلي لوجبة الإفطار. بين ثوان ودقائق وساعات قليلة وأذن أذان المغرب، قرأت دعاء الإفطار، أكلت قطعة داطلي عراقي وشربت شوربة العدس مع كأس من الماء، ومن ثم قمت من مائدة الطعام لأُصلي صلاة المغرب ومن بعدها عدت لاستكمال وجبة الإفطار. بعد استكمال وجبة الإفطار أقوم بترتيب المطبخ وغسل صحون الإفطار، عندما أنتهي تقريباً يؤذن أذان العشاء، أذهب لأصلي العشاء، ومن ثم أصلي صلاة التراويح.
كان هذا استقبالي لشهر رمضان وأتمنى استمراي على هذا المسار، شعرت أني أخذت فرصتي الكاملة للاستمتاع بأجواء رمضان دون ضغوط أو معاناة أو تفكير مفرط.
اكتشفت أن شهر رمضان ليس موائد عامرة، وصوماً عن الجوع فقط، رمضان فرصة للشروع بحياة جديدة بسبب التقرب القوي من الله سبحانه وتعالى والالتزام بتعاليم الدين الإسلامي أكثر حتى يتم قبول صيام الشهر، رمضان فرصة للتعمق للتفكر والتدبر في حياتنا أكثر، رمضان رحمة من الله يمحي أحزاننا، ويجلب السعادة المباركة لنا، رمضان فرصة لمحو الذنوب المرتكبة، حيث يصف الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب شهر رمضان "مرحباً بِمُطهر ذنوبنا"، رمضان فرصة لنحمد ربنا ألف مرة على نعمه علينا.
شهر رمضان جاء هذه المرة مصاحباً بوباء كورونا المستجد، كورونا فرصة من ذهب أتت للعالم لا وجود للحجج بعد الآن، بسبب الدراسة أو العمل المتعبين، بات الفراغ موجوداً في شهر رمضان والباب مفتوحاً للقيام بعبادته وطقوسه على أكمل وجه.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.