هل نحن على مشارف مصالحة بين قطر والسعودية؟

عدد القراءات
1,191
عربي بوست
تم النشر: 2020/05/11 الساعة 11:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/05/11 الساعة 11:59 بتوقيت غرينتش

مرَّت ثلاث سنوات منذ أن قطعت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والبحرين علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، مُتَّهِمين إياها بـ"تمويل الإرهاب" والسعي إلى زعزعة استقرار المنطقة. 

وكانت الشائعات التي انتشرت عبر منصة تويتر، يوم الإثنين 4 مايو/أيَّار، حول انقلابٍ فاشلٍ في قطر، بمثابة تذكيرٍ بأن المنطقة قد تقدر على هزيمة جائحة فيروس كورونا المُستجَد، لكنها لن تتعافى قريباً من وباء التضليل وترويج الأكاذيب. 

كانت مقاطعة 2017، أو الحصار كما يسمِّيه القطريون، حصيلةً ثانوية لمشهد ما بعد الربيع العربي. ورُسِمَت خطوط هذا المشهد من خلال الدعم الأيديولوجي والاقتصادي والسياسي من جانب قطر للجماعات الإسلامية (قطر واضحةٌ بشأن دعم الإخوان المسلمين، لكنها أنكرت مساعدة الجماعات الجهادية المرتبطة بالقاعدة أو بتنظيم الدولة الإسلامية)، في مواجهة الحكومات الاستبدادية والأنظمة العسكرية العلمانية في أجزاءٍ أخرى من المنطقة. 

غير أن جائحة فيروس كوفيد-19، وطريقة تعامل الرئيس ترامب معه، بالإضافة إلى صعود الصين، من المُرجَّح أن تجبر قوى الخليج على التكيُّف مع المشهد الجديد. 

أخبرتني مصادر في منطقة الخليج بأن "المحادثات كُثِّفَت في القنوات الخلفية مؤخَّراً بين المملكة السعودية وقطر". وأكَّدَت المصادر أن "حلاً سياسياً يلوح في الأفق، ومن المُرجَّح أن يتضمَّن وقفاً للقصف الإعلامي المُتبادَل". 

تدرك دولة الإمارات جيداً هذه المداولات الأخيرة، ويُطلَع المسؤولون الإماراتيون، بواسطة نظرائهم السعوديين، على آخر التطوُّرات على صعيد المفاوضات. 

كانت قطر والإمارات على خلافٍ أيديولوجي منذ عقودٍ من الزمن. ومؤخَّراً، صارت الدبلوماسية الطبية هي طريقة العمل المركزية في حرب النفوذ بين البلدين. في بلدانٍ مثل اليمن وسوريا وليبيا، أجبَرَ الخوف من الفيروس وإمكانية تفشيه سريعاً القوى المُتنافِسة ووكلاءها على الاستكانة. والآن من المُرجَّح أن تحمل الشاحنات أقنعة الوجه أكثر مِمَّا تحمل البنادق والذخائر. 

صارت آلام الركود الاقتصادي الناتج عن تفشي فيروس كورونا المُستجَد تفرض نفسها بالفعل في العديد من دول الخليج. وقد ولَّدَ توقيت الهبوط في أسعار النفط، وسط حرب أسعارٍ بين الرياض وموسكو، اختباراً حاسماً لاقتصادات الخليج. لكنه ولَّدَ أيضاً فرصاً من أجل التغيير. 

بالنسبة لقطر، فإن جماعة الإخوان المسلمين، التي لطالما حملت الأهداف السياسية القطرية في جميع أنحاء المنطقة، في حالةٍ يُرثى لها، في كلِّ ركنٍ من منطقة الشرق الأوسط، حالةً سيئةً أيضاً. ويبدو أن الصعود التاريخي للأيديولوجيا الإسلامية، التي كانت جزءاً من الربيع العربي في عددٍ من البلدان، أصبح وراء ظهورنا الآن. 

لا عجب إذاً أن قطر تسعى الآن لدعم حكوماتٍ مركزية. في يناير/كانون الثاني، عَرَضَت الدوحة على لبنان مساعدةً مالية لإيقاف الانهيار الاقتصادي. وفي الشهر الماضي، أبريل/نيسان، أرسلت قطر مُعِدَّاتٍ وقائية، وغيرها من الإمدادات الطبية، إلى حكومات الجزائر وتونس ولبنان، وحكومة طرابلس في ليبيا. 

في هذه الأثناء، يراقب قادة الخليج، بالأخص في أبوظبي والرياض، برهبة، أخطاء ترامب في التعامل مع جائحة كوفيد-19. ففي نهاية المطاف، إذا وَصَلَ مُرشَّح الديمقراطيين إلى البيت الأبيض، من المُحتَمَل أن يضغط باتجاه عقد مصالحةٍ في الخليج، وأن يصب ماءً بارداً على النهج السعودي المُتشدِّد إزاء إيران، وأن يلغي تذكرة ترامب السياسية المجانية للأنظمة الاستبدادية في المنطقة العربية. 

وحتى إن ظلَّ ترامب في البيت الأبيض نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، ستكون هذه الإجراءات ضروريةً لفرض الهدوء في الشرق الأوسط بينما تستعد الولايات المتحدة لتحويل تركيزها صوب بكين. 

وعلى المدى القصير، فإن المملكة السعودية هي التي ستكون أكثر اضطراراً للتعامل مع ضعف الاستثمارات الأجنبية، والركود الاقتصادي، والانخفاض في أسعار النفط. أما على المدى الطويل، فسوف يعتمد استقرار المملكة بصورةٍ أكبر على مدى سلاسة انتقال السلطة داخل المملكة، وعلى سياسات الشرق الأوسط التي سيطبِّقها ترامب وخلفاؤه، والمسار المستقبلي للتنافس بين بكين وواشنطن. 

وبناءً على ذلك، ستكون المملكة السعودية في موقفٍ يجعلها تقبل المصالحة مع قطر. ولقد أكَّد وليّ العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، مراراً أن المشكلة القطرية "بسيطة جداً جداً جداً". وفي سبتمبر/أيلول 2017، تلقَّى مكالمةً هاتفية من أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد، أثارت غضب حلفائه الثلاثة الآخرين. 

وعلى الرغم من أن العقبة الرئيسية لا تزال في طريقها إلى الذوبان التام، فإن فشل المقاطعة في تركيع قطر، والحاجة المُلِحَّة إلى إعادة تشكيل الدور المستقبلي لممالك الخليج لتبني الاتجاهات الاقتصادية والجيوسياسية الجديدة، من المُرجَّح أن تنهي النزاع. 

وبينما ستخرج المملكة السعودية وتركيا وإيران من جائحة كوفيد-19 بأضرارٍ بالغة، من المُرجَّح أن تكتسب الإمارات وقطر نفوذاً أكبر من حجمهما. 

سوف ترسم أزمة فيروس كورونا المُستجَد خطاً فاصلاً ينهي عصر ما بعد الربيع العربي في الشرق الأوسط، ويبدأ عصراً جديداً. وتُظهِر شائعات الانقلاب في قطر أن الكثيرين في الشرق الأوسط لا يزالون مُتشبِّثين بالماضي في حين عليهم أن يتطلَّعوا إلى المستقبل. 

– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Independent البريطانية. 

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

أحمد أبو دوح
محرر ومختص بشؤون الشرق الأوسط
محرر ومُختص بشؤون الشرق الأوسط
تحميل المزيد