والداي طبيبان وكلاهما أصيب بفيروس كورونا.. أنا لم أجرب مثل هذا الخوف من قبل

عدد القراءات
1,096
عربي بوست
تم النشر: 2020/05/08 الساعة 14:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/05/08 الساعة 14:15 بتوقيت غرينتش

إنه الأسبوع السادس من الإغلاق العام، وبالنسبة لكثير من الناس تزداد الأمور حدة بشكل تدريجي. معظم العائلات تنأى بنفسها في المنازل. وهم يغادرونها فقط للتسوق بشكل أسبوعي -ويقضون الكثير من الوقت في طوابير الانتظار- أو لممارسة الرياضة مرة واحدة في اليوم.

بالنسبة لعائلتي، تختلف الأمور قليلاً. عادة ما يكون طريقنا خالياً خلال النهار عندما يذهب والداي، وهما طبيبان، إلى العمل. من الصعب تخيل كيف كانت مخاوفي الرئيسية، قبل أسابيع قليلة، تتمحور حول حصولي على شهادة الثانوية الخاصة بي. الآن كل يوم، أسمع عن الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا. ولا يسعني إلا أن أشعر بخوف على والديّ وأنا أشاهد آخر التحديثات والأنباء مع أخي. وأنا مدركة بشكل مؤلم أن العديد من العاملين في مجال الرعاية الصحية قد فقدوا حياتهم.

كان وزير الصحة والرعاية الاجتماعية البريطاني، مات هانكوك، قد أعلن أن عائلات العاملين في هيئة الخدمات الصحية الوطنية وفي مجال الرعاية الصحية الذين توفوا بسبب فيروس كورونا ستحصل على 60 ألف جنيه إسترليني. وأنا متأكدة من أن تلك العائلات يفضلون أن يكون أحباؤهم معهم. لا يمكن التفكير في وضع سعر لحياة شخص ما. ربما لو أنفقت هذه الأموال على معدات الوقاية الشخصية لكان عدد الوفيات أقل.

يواصل والداي ممارسة عملهما المرهق مع محاولة المحافظة على أكبر قدر من مظاهر الحياة الطبيعية. يبدلون ملابسهم قبل مغادرة العمل ومرة ​​أخرى مباشرة بعد عودتهم إلى المنزل. ويتجنبون أي اتصال بنا حتى يستحموا ويتطهروا تماماً.

في البداية، ناقشوا مع والدي في العمل إمكانية الإقامة في فندق. كان هناك خطر أكبر لنقل العدوى لأنه يعمل في المستشفى. وعلى الرغم من بذلهما قصارى جهدهما لغسل أيديهما بشكل متكرر ووضع منصة للتعقيم والنظافة الشخصية في مدخل المنزل، فقد أصيب كلاهما بفيروس كورونا واحداً تلو الآخر.

لم أفاجأ. لم تكن إرشادات وإمدادات معدات الحماية الشخصية كافية. لقد نفدت العباءات في العديد من المستشفيات، وأيضاً تتغير باستمرار الإرشادات المتعلقة بمستوى معدات الوقاية الشخصية التي يجب استخدامها. واضطرت والدتي إلى استكمال معدات الوقاية الشخصية الخاصة بها على نفقتها لتتمكن من إجراء العمليات الجراحية. لقد اشتريا عباءات ونظارات سلامة وكذلك كمامات.

والدي أصيب بالفيروس في الأسبوع الأول من الإغلاق العام. كان يوم خميس، وبينما كان الجميع يصفق لموظفي الخدمات الصحية في الخارج، كان والدي يصعد الدرج إلى سريره حين شعر وكأنه يحاول تسلق إيفرست. أبقى نفسه معزولاً عن بقيتنا، وعانى من الحمى وارتفاع درجات الحرارة والتيبس وآلام العضلات الشديدة. كثيراً ما سمعته يصرخ من الألم. وبذلت أمي قصارى جهدها للمساعدة، وأعطته بانتظام الباراسيتامول والحساء المغذي الذي كان بالكاد يأكله. كانت ترتدي قناعاً وتترك الطعام خارج باب غرفته.

لم تُجر اختبارات الكشف عن الإصابة بالفيروس لوالديّ على الرغم من ادعاء الحكومة أنه ستجرى الاختبارات لموظفي هيئة الرعاية الصحية. أبقينا أنفسنا معزولين لمدة 14 يوماً، على افتراض أن والدي مصاب بالفيروس. عملت أمي من المنزل، وكافحت مع استخدام التكنولوجيا، وتوصيل الطعام إلى والدي والرد على ما يصل إلى 50 مكالمة هاتفية يومياً.

بعد محاولات متعددة لإجراء الاختبار، تمكن والدي أخيراً من الوصول بالسيارة – في اليوم الحادي عشر من مرضه، عندما كان بدأ في التعافي. أتت نتيجة المسحة سلبية، على الأرجح لأنه أجرى الاختبار بعد فوات الأوان.

أمي أصبحت مريضة بعد ذلك. في الأسبوع الأول فقدت حاسة الشم لديها مع حمى خفيفة. لكن في الأسبوع الثاني تدهورت صحتها. وأصبحت أنفاسها لاهثة للغاية ولم تتمكن من وقف السعال. في اليوم العاشر من مرضها، أدخلت إلى جناح العناية بمصابي فيروس كورونا. لم أشعر بالخوف بمثل هذا القدر في حياتي. لحسن الحظ، تحسنت وعادت إلى المنزل ولكني ما زلت قلقة بشأن ما إذا كان بإمكانهما التقاط الفيروس مرة أخرى.

لقد علمتني هذه التجربة أهمية الوقت وكيف لا يمكننا أبداً التنبؤ بما قد يحمله المستقبل. في هذا الأسبوع، كان من المفترض أن أؤدي أول اختباراتي لنيل شهادة الثانوية، والذي يبدو الآن تافهاً مقارنة بما يمر به الناس.

قبل هذا الوباء كنت أمتنع عن قضاء الوقت مع العائلة والأحباء. ولكن الآن تعلمت أن أعتز بكل هذه اللحظات التي لا تقدر بثمن. بينما كان والداي مريضين، تساءلت عما إذا كانت الحياة ستعود إلى طبيعتها في أي وقت، أو حتى إذا كنت سأتمكن من التحدث إليهما مرة أخرى.

بعد كل شيء، أنا ممتنة للغاية لتصفيق يوم الخميس للتفاني المذهل للعاملين الرئيسيين، بمن فيهم العاملون في مجال الرعاية الصحية، وسائقو التوصيل، وموظفو السوبر ماركت، ومعلمو المدارس والحضانات، وعمال الرعاية.

لقد شهدت الأسابيع الأخيرة الكثير من حالات الوفاة والوجع وخيبة الأمل للناس حول العالم، والذين يشعر الكثير منهم بالعزلة الشديدة. نحن نفكر جميعاً في كيفية تأثير هذا الفيروس علينا بطرق عديدة، ولكن كانت هناك أيضاً أشياء للاحتفال بها، مثل كيف تكاتفت المجتمعات معاً لتقديم الحب والتعاطف والصداقة الحميمة. آمل أن يؤدي هذا إلى إضفاء بعض الضوء على من هم في اللحظات الحالكة الآن.

  • هذا الموضوع مترجم من صحيفة The Guardian البريطانية.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

زويا عزيز
طالبة ثانوية عامة بريطانية
طالبة ثانوية عامة بريطانية
تحميل المزيد