"أداؤه كان مذهلاً اليوم، إنه عبقري، يتعامل مع الكرة في المناطق الضيقة بذكاء، وهو هادئ تحت الضغط، لقد كان من دواعي سروري أن أشاهده اليوم".
هكذا كان تصريح ستيفن جيرارد حين حلَّ ضيفاً على قنوات BT Sport لتحليل نهائي دوري الأبطال بين ريال مدريد وليفربول حينها.
عندما تشاهده يلعب بكل تلك السهولة والانسيابية تتملكك كمشاهد الحيرة من اللاعبين الذين يحتلون نفس مركزه، لكنهم دائماً في غاية الانفعال والتوتر فوق الميدان. انفعال مصدره جهلهم بالشفرة، شفرة الإجابة عن أسئلة العقل: كيف، متى، وأين.
في عام 2018 قدم لوكا كأس عالم ستظل مخلدة في قاموس الكروات لمدة طويلة، وسيُخلدها التاريخ على أنها أكبر المفاجآت وأروعها على الإطلاق. لم يكن الطريق سهلاً، لاعب بمقدوره التوغل بشكل مدهش والاختراق مع التلاعب بخطوط الخصم بطريقة دراماتيكية ليخلد لوحته مع توقيعه الخاص والفريد. وهذا ما رأيناه في بلاد بوتين حين قاد منتخبه للذهاب بعيداً في البطولة إلى النهائي الحلم.
بعد تلك الفترة تعالت الأصوات، لكن الصوت النابع من جوف كل شخص كان يردد "لوكا أنت تستحقها" وفعلاً، قد كان حين أنصفه الحظ ورزقه جنة التتويج بالكرة الذهبية نظير ما قدمه للكرة في سنتين هما الأفضل في مسيرته 2017-2018.
حين واجهت كرواتيا الأرجنتين في كأس العالم الماضية، كانت الكفة متعادلة في أغلب ردهات المباراة بين شدٍّ وجذبٍ مع فرص خطيرة من كلا الجانبين، لكن النتيجة ظلّت أصفاراً، ليخرج المارد ويفتح الشباك ويسجل هدفاً عظيماً هو نسخة كاربونية لهدفه في مرمى مانشستر يونايتد في دوري الأبطال رفقة ريال مدريد. فلولا هدف لوكا لربما كانت المباراة ستسير نحو مسار لا نعلم نهايته، لكنه ظهر كالفارس المغوار وقاد المنتخب الكرواتي تحت أنظار كوليندا كيتاروفيتش، هذه الأخيرة التي قالت له بعد تتويجه بالكرة الذهبية: "أصبحت مرجعاً لكل كرواتيا، أنا لدي الثقة بأنك ستواصل العمل والنجاح، كرواتيا فخورة بك وتحبك يا لوكا".
في ريال مدريد، كان مفهوم لاعب الوسط تقليدياً، فأدوار هذا اللاعب إلى حد ما هي مهمة، إلا أنها تمتاز بالتعقيد، بين من يستطيع التوغل من العمق، ومن يجيد إرسال الكرات الطولية، ومن يحذق المهارات ويسعى للتخلص من الرقابة الفردية… كل هذه نقاط يمتلك كل لاعب وسط بعضاً منها، لكن مودريتش امتلكها كلها ونجح في تطبيقها، لاعب يتسم بالقدرة على تمويل الكرات في منتصف الملعب وإيصالها لمناطق الجزاء، كما أن دوره لا يقتصر على الهجوم فقط، بل على العكس يُسهم وبشكل فعال في مساندة المحور وتعطيل الهجمات المرتدة للخصم. ويمتاز لوكا بقدرة عالية على التسديد من خارج المنطقة بشكل دقيق، فيُسهم في تسجيل الكثير من الأهداف.
في كرواتيا يعتبرون الساحر هو الأعظم في تاريخ بلادهم، وهم على حق، فحتى روبرت بروسنيكي، الذي يعتبره الكثيرون أعظم لاعب في كرواتيا قال: "لوكا أفضل لاعب كرة قدم كرواتي في التاريخ".
زيدان كذلك في أحد التصريحات قال إنه مهووس بمودريتش، ويعشق شخصيته كلاعب، لا يخسر الكرة إلا نادراً، كما يخلق توازنات رهيبة.
الإسباني رافا بينيتيز صرّح إبان تدريبه للوكا بأنه لا يحبذ طريقة لعبه بخارج قدمه.
زيدان بعدها قال إنه يحب كثيراً الطريقة التي يلعب بها بخارج قدمه، وإنها فريدة من نوعها، وتعتبر ميزة إضافية له.
كيف للسحر أن ينقلب على الساحر، كيف لمودريتش أن يغيب وقد نثر لوحات وراءه، وكان قائد الفرقة التي عزفت ذهباً.
يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.