قدِّس الحرية.. ساعِد الغير.. عبِّر عن حبك.. نصائح ناجٍ من الحرب لمقيم في الحجر الصحي

عدد القراءات
3,517
عربي بوست
تم النشر: 2020/04/24 الساعة 17:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/04/24 الساعة 17:01 بتوقيت غرينتش
قدِّس الحرية.. ساعِد الغير.. عبِّر عن حبك.. نصائح ناجٍ من الحرب لمقيم في الحجر الصحي

ثمة أشخاص كثر بيننا عاشوا في مناطق حروب أو نزحوا من ديارهم بسببها، وهؤلاء لا تنقصهم الخبرة بالحجر الصحي ولا الصمود في خضم الأزمات. فقد كان على كثيرين منا أن يبحثوا يوماً بعد يوم عن بقايا شجاعة وبصيص أمل يحملهم على العيش وتجاوز يومٍ آخر من اليأس والعجز والهوان. لكن، وعلى الرغم من كل شيء، فقد علَّمتنا تلك المصائب درساً أو اثنين، وأوردتنا بعض النصائح المهمة في هذا الظرف التاريخي، فإليك إياها:

1. كان العيش في منطقة حرب يعني أننا غالباً ما نكون أشخاصاً مهمَّشين، يتجاهل الجميع إنسانيتنا وكوننا بشراً. لذا، للرد على ذلك، تعلّمنا إما أن نكون مرنين وإما أن نظل نصارع للحفاظ على إنسانيتنا فيما تبقى من حياتنا. ومن ثم، فأنت أيضاً يمكنك استخدام هذا الوقت المتاح لديك لتصبح أكثر مرونة. والمرونة ليست فقط قدرتك على النهوض بعد تلقي الضربات، بل أيضاً قدرتك على التكيف في مواجهة الظروف الصعبة، مع الحفاظ على نوعٍ من الاتزان العقلي خلال ذلك. تقبَّل المواقف المؤلمة وتصدَّ لها وجهاً لوجه، وأنت واثق بقدرتك على تجاوزها وبقدرتك على العودة والوقوف على قدميك مرة بعد مرة.

2. لقد علّمتنا الحياة في كنف الحرب أو في ظل حكومة استبدادية دموية أن نقدّر أهمية الحرية. فقد عاش الناجون من الحرب في أوضاع كانت فيها كلمة الحرية في كثير من الأحيان شطحة خيال لا يعرفون عنها غير ما قرأوه في الكتب. لذلك، حاوِل استغلال كل قدر متاح لك من الحرية أقصى استغلال ممكن، حتى وإن كان مسافةَ سير قصيرة في حيِّك أو حديثٍ بِحرية مع صديق على الهاتف، أو حرية التعبير عن آرائك واهتماماتك على وسائل التواصل الاجتماعي دون خوف من رقيبٍ أو حساب.

3. لقد علّمتنا الحياة عند جريان أحكام الزمان علينا بأن نكون لاجئين في مخيمات، أن نقدّر الحياة وأن نمتن لكل ما لدينا. فقد خسر بعضنا أفراد أسرته أو سنوات من تعليمه بسبب الحرب، واضطر البعض الآخر إلى الفرار من منزله والعيش لاجئاً في بلدان لا ترحب به ضيفاً عليها. لكن كل سنوات الشدائد تلك علّمتنا درساً واحداً لا ينتقصه شيء: ألا وهو تقدير نعمة الحياة. لذا، أدعوك إلى إلقاء نظرة إلى كل ما لديك، الطعام على طاولتك، والسقف فوق رأسك، والمياه الجارية، والكهرباء، والهاتف، وأدواتك المنزلية الذكية، وكل شيء صغير يجعل حياتك اليومية أسهل.

4. لقد علَّمتنا الحياة تحت أصوات المدافع والانفجارات أن نقدّر قيمة العائلة والأصدقاء والجيران. جاءت علينا أوقات لم نكن نعرف ما إذا كنا سنتمكن من رؤية أفراد عائلتنا مرة أخرى أم لا بمجرد مغادرتهم المنزل. فكل تحية وداع انطوت على احتمال بألا تتبعها تحية ترحيب؛ ومن ثم تعلَّمنا أن نقول "وداعنا" بحميمية أكبر وأن نرحب بمقبلِنا بسرور أكبر. استغِلَّ هذا الوقت لتعميق ترابطِك بأسرتك. إذا كان لديك أطفال، فتحدَّث إليهم واطلب منهم أن يخبروك بما يشعرون وبمخاوفهم وآمالهم. استغل هذا الوقت للالتفات إلى عائلتك والتواصل مع أصدقائك وجيرانك. اقضِ هذا الوقت في إخبار أحبّائك بأنك تهتم بهم أكثر من أي شيء آخر.

5. لقد علّمتنا الحياة في أنقاض حرب أن نمد يد العون لمن يحتاج إليها وأن نطلب المساعدة عند الحاجة. لقد رأينا بأعيننا وحشية البشر، وتكبّدنا الألم، وربما بسبب ذلك، نفهم ما هو الألم وما هو التفاوت بين البشر. مُدّ يد المساعدة بكل عزمك في هذه الأوقات العصيبة. اسأل محيطك وأصدقاءك وعائلتك كيف يمكنك مساعدتهم. وإذا كنت تستطيع مساعدتهم بالفعل، فكن سخياً فيما تقدمه من مساعدة. قد يكون البعض في حاجة إلى معرفة أنك تقف إلى جوارهم إذا احتاجوا إليك.

6. العيش في منطقة حرب يعني مآسي دائمة؛ ومن ثم تعلَّمنا أيضاً اختلاس الاستمتاع بالحياة، والضحك والاستماع إلى الموسيقى والرقص، وإذا كانت ثمة فرصة، فالاحتفال هو الحل. لقد تعلَّمنا أن نستفيد إلى أقصى حد من كل شيء، ولو من مجرد الفراغ في بعض الأحيان. استغِل وقت الحجر للحصول على بعض المرح. تأمَّل في وجبات طعامك، شغِّل بعض الموسيقى وارقص على نغماتها، شاهِد عروضاً كوميدية واضحك قليلاً. وتدبَّر في أمورك لكي تبقى في الوقت الحاضر.

يمكننا جميعاً أن نتعلم درساً أو اثنين من بعضنا البعض، لكن أولئك الذين عاشوا منا في مناطق الحرب أو نزحوا من ديارهم بسبب الحرب تعلَّموا الكثير عن الحياة ومنها.

وقبل ثمانية قرون، أحاط شاعر الفارسية الكبير سعدي الشيرازي بأهم منظور أكسبته إيانا تلك الخبرات في قصيدة له، يقول فيها:

"بنو آدمٍ جسد واحد

إلى عنصر واحدٍ عائد

إذا مسَّ عضواً أليمُ السقام

فسائر أعضائه لا تنام

إذا أنت للناس لم تألم

فـزكيـف تسميـّت بالآدمـي"

وفي نهاية المطاف، فإننا نتشارك جميعاً آلام هذه الأزمة معاً. فبصرف النظر عن وضعنا الاجتماعي والاقتصادي وأصولنا الثقافية والعرقية والدينية، فإننا جميعاً في حالة حربٍ مع عدو واحد. لذا، دعونا نصبح أكثر لطفاً تجاه أنفسنا وتجاه بعضنا. وفي هذه اللحظات، علينا أن نصبح أكثر إنسانية من أي وقت مضى.

– هذا الموضوع مترجم من موقع مجلة Psychology Today الأمريكية.

يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ناهد فتاحي
ناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان ومتحدثة وكاتبة
ناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان ومتحدثة وكاتبة. وهي أستاذ مساعد في كلية باسيفيك أوكس. وتُعني في كتاباتها بقضايا المرأة والهجرة ومسائل التنوع والتعددية الثقافية.
تحميل المزيد