عندما يصبح الدواء الوهمي “البلاسيبو” علاجاً لكورونا

عدد القراءات
1,658
عربي بوست
تم النشر: 2020/04/23 الساعة 12:22 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/04/23 الساعة 12:22 بتوقيت غرينتش

في الحرب العالمية الثانية كانت هنالك حالات كثيرة من الإصابات في صفوف الجنود، وكان هناك نقص شديد في الأدوية والمواد المخدرة المستخدمة في العمليات الجراحية مثل المورفين.(1)

طبيب تخدير يدعى هنري بيتشر، وعندما كان يعالج جنديا مصاباً، وصل إلى حد كبير من اليأس لعدم وجود حقنة مورفين ليعطيها لذلك المصاب، وفي تلك اللحظة تدخلت ممرضة وقامت بحقن المريض بمحلول ملحي فقط، المفاجأة أن المريض هدأ واستكان وكأنه أُعطي حقنة مورفين.. من هنا بدأت فكرة العلاج الوهمي (البلاسيبو)

العلاج الوهمي، أو "البلاسيبو" والتي تعني في اللاتيني سوف أتحسن

I shall please you

هو عبارة عن مادة تعطى للمريض بهدف علاجه ولا يكون لها تأثير حقيقي في علاج المرض بعينه لعدم وجود مادة فعّالة فيه (هو عبارة عن سكر فقط)، ولكن يتم إيهام المريض نفسياً بأن هذا العلاج الذي يتناوله يحمل له الشفاء وأنه علاج فعّال. (2)      

تعتمد قوة هذا العلاج الوهمي على

 – علاقة الطبيب بمريضه وأسلوبه في الحديث والإقناع بأهمية الدواء 

 – وأيضاً على ما يتوقعه المريض من الدواء ومدى اعتقاده به

هذا العلاج الوهمي (البلاسيبو) أكثر ما يستخدم مع الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة، ومدمني المخدرات، وحالات القلق والاكتئاب.

وقد أظهرت الدراسات أن خصائص ومواصفات حبة البلاسيبو لها تأثير في آلية العلاج، فمثلاً كلما كان حجم حبة الدواء أكبر كان الأثر أكبر، وعند أخذ حبتين يكون الأثر أكبر من حبة واحدة، والكبسولة أثرها أكبر من الحبة.

بالله عليكم هل جربتم ذلك؟ أنا عن نفسي كنت أشعر بفعالية الدواء أكثر كلما كانت الحبة كبيرة.

حتى الألوان لها آثار مختلفة، فمثلاً الحبة ذات اللون الأحمر والبرتقالي لها تأثير منبه، والحبة ذات اللون الأصفر معالجة للاكتئاب، والحبة ذات اللون الأزرق أو الأخضر ذات تأثير مهدئ.

وإذا أخبرنا المريض أن هذا الدواء غالٍ ومن شركة مشهورة يكون التأثير أكبر.

السر وراء كل ذلك يكمن في العقل وقوة الاعتقاد،هذا العقار يدل على قوة الدماغ في التأثير على الجسم، فالعقل عندما يتوقع ويعتقد بقدوم مساعدة له من ذلك العقار فإنه يدخل في حالة نفسية مرتفعة ويقوم بإفراز مواد وهرمونات وكأنها تقوم بتهيئة الجسم وترتيبه للترحيب بالعقار، وكأنه يحفّز نفسه ويحضّرها للحصول على نتائج جيدة ويهيئ لها الأرضية المناسبة، فكيمياء الجسم تتغير وبالتالي الأعراض المختلفة للمرض تتلاشى.

في الحقيقة العلاج الوهمي يؤثر فقط على ما يستطيع الدماغ التحكم به أو تعديله كالشعور بالتعب والغثيان أو الشعور بالضيق، لكنّه لن يقتل البكتيريا ولا الفيروس إنما يزيد من قوة مناعة الجسم لمقاومتها بسبب الحالة النفسية المرتفعة.

نحن لا نستطيع أن ننكر ما تفعله الحالة النفسية في أجسامنا، ذلك أن الخوف يسبب القلق، والقلق يسبب توتر الأعصاب واحتدام المزاج وهذا بدوره يؤثر على المعدة والقلب مما يؤدي إلى كثير من الأمراض المختلفة مثل القرحة واضطرابات القلب وضغط الدم، كما أن القلق يذهب بجمال الوجه والبشرة ويصيب الوجه بالتجاعيد وشعر الرأس بالشيب.

إن من أكبر الأخطاء أن تعالج الجسد دون العقل، فالعقل والجسد وجهان لشيء واحد، وهناك مليارات الرسائل التي يتم بثها بشكل مكثف على شبكات التواصل الاجتماعي، وهذه الرسائل منها الغث ومنها السمين، ولا يمكن إغفال أثر تكرار تلك الرسائل والتي تأتي بأكثر من أسلوب ومن خلال مصادر متنوعة على عقلنا الباطن، وهذا بدوره يؤدي إلى توليد حالة نفسية معينة عند المتلقي حسب طبيعة تلك الرسائل.

إن عقلية المتلقي ومستوى الوعي والإدراك لديه هي التي تلعب دوراً كبيراً في حمايته من أن يقع فريسة لتلك الرسائل المبعوثة.

ما نريده حقاً هو أن تكون مواجهتنا لأي تحد أو مشكلة مواجهة متوازنة لا نغفل فيها الحالة النفسية الإيجابية ولكن في نفس الوقت أن نأخذ بالأسباب المادية التي تجعلنا نتجاوز تلك التحديات ونتقدم بنجاح نحو حياة حقيقية أفضل ولا نعتمد على المسكنات اللحظية الخادعة.

حقيقة قد يعتقد البعض أن ما تقدمه بعض الحكومات لشعوبها من وعود ومشاريع لمواجهة المشاكل والتحديات هي مشاريع ووعود وهمية (بلاسيبو)، وأنه لا يوجد عندهم حلول حقيقية، وأنهم يراهنون فقط على الحالة النفسية التي تقدمها تلك المشاريع لشعوبها، فتكون تلك المشاريع والوعود الوهمية بمثابة مسكنات مؤقتة ضررها على المدى البعيد أكثر من نفعها حيث إنها تؤدي إلى تفاقم المشكلة بدلاً من حلها حلاً جذرياً.

قد نحتاج إلى البلاسيبو في ظل الظروف الراهنة وقد يجدي نفعاً في مواجهة هذا الفيروس القاتل في بعض الحالات، ولكنه قد لا ينفع مع حالات أخرى.

ومن المؤكد أن عواطفنا ومواقفنا وأفكارنا وحالتنا النفسية تؤثر تأثيراً كبيراً على أجسادنا وصحتنا، لكنها ليست كل شيء في آلية العلاج.

لذلك وجب علينا في ظل هذه الظروف أن نضيف جرعات كبيرة من التفاؤل والنظرة الإيجابية للمستقبل مع العمل الجاد من المسؤولين والأطباء والأفراد والأخذ بالأسباب الحقيقية والجدية وعدم التهاون مع هذا الفيروس، بإلاضافة إلى الصبر للحصول على ما نريد من نتائج.

المراجع:

1- مجلة البيان 27\3\2011

2- Medicine net , medical author : William C Shiel Jr .

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

سلام فريتخ‎
معدة ومقدمة برامج
تحميل المزيد