في الرمق الأخير من الحرب العالمية الثانية حاصرت القوات السوفييتية منزل الزعيم الألماني، وكانت زوجته ضمن الموجودين داخل المنزل، وبما أن صانع الحرب وباسط السلم لا يسمح بأن يُدوّنهُ التاريخ على أنه استسلم وقرر رفع الراية البيضاء، قرّر الانتحار عبر إطلاق الرصاص على نفسه من مسدسه، والغريب في الأمر أن زوجته إيفا لم تستطع ترك حبيبها، الذي لم يمضِ يومٌ على زواجها منه، وحيداً يواجه مصيره، فقررت تناول السم.
يتذكر الجميع كيف انتهت قصة روبرت ليفاندوفسكي مع بروسيا دورتموند، حين قرَّر الانتقال للغريم التقليدي بايرن ميونيخ عام 2014. الكل حينها كان تحت تأثير الصدمة، في حين كانت الأحياء البافارية تحتفل بالهجرة الجماعية مع قدوم ماريو غوتزه.
لا أحد يستطيع التنبؤ بما يخبئه المستقبل لكل شخص منا، لكن الأكيد أن المخرج يعرف دور كل ممثل تماماً مثلما يعرف ماركو رويس أي دور له في صلب القلعة الصفراء. وأن اسمه خُلّد بماء من ذهب في أروقة السيغنال إيدونا بارك. ففي مقابلة صحفية مع شبكة Sky Sports، أشار صاحب الـ30 عاماً أنه يعتقد أنه سيبقى مع بروسيا دورتموند حتى نهاية مشواره الكروي.
وأضاف: "لا أعرف أبداً ما يخبئه المستقبل، لكن لديّ عقد طويل هنا، ولا أرى سبباً لمغادرة دورتموند".
في أول المقال كنت قد تحدثت عن حب إيفا لشخص متسلط جبار مثل هتلر، لكن كل الصفات السلبية لم تمنعها من أن تظل وفيّة لشخص كان كل شيء بالنسبة إليها. ربما ينطبق المثل أيضاً على رويس وأسود الفيستفاليا، فالأول لا يرى في التتويجات من عدمها معياراً للبقاء، فنظره موجّه لأبعد من ذلك، فهو يشاهد المدرج الجنوبي، ومدى الحب والاحترام الذي يُكنّه له جمهوره، ومكانته في صلب الفريق.
قبل عدة سنوات من الآن كانت الصحف الألمانية تطلق العنان بعناوينها وأحرفها عن موهبة قادمة بقوة.. "رولز رويس" و"رويس الصاروخ".
تحديداً قبل حوالي 4 سنوات من الآن، وفي إطار دوري الأبطال وأمام ليغا وارسو، عاد ماركو من إصابة خطيرة دامت لأكثر من 4 أشهر، وقد سجل في تلك المباراة 3 أهداف، وصنع اثنين في مباراة دخلت تاريخ الكرة الأوروبية. انتهت بفوز دورتموند بثمانية أهداف مقابل أربعة، كأكبر نتيجة لمباراة في تاريخ دوري الأبطال من حيث عدد الأهداف.
يحتل الألماني الأشقر المركز الأول كأفضل هداف لدورتموند في تاريخ مشاركاته الأوروبية.
رغم أن الإصابات لم ترحمه، وكانت ترافقه كظلِّه أينما حلَّ وارتحل، فحرمته من رفع كأس العالم بالبرازيل، ومساعدة المانشافت في بطولة اليورو الأخيرة، فإن الشغل الشاغل للصحافة الألمانية كان أنه هو الموهبة التي ستعيد إحياء جيل كارل هاينز رومينيغه وأوفه زيلر والقيصر بيكنباور.
كان ماركو رويس كصوت فيروز، يخرج من المذياع كل صباح، لكن الإصابة كانت كضجيج الشاحنات في قلب المدينة، تُفسد الأغنية وتجعل السامع مشتتاً وغير مبالٍ أحياناً، لكن الكل يعلم كم كانت طبقة صوت فيروز عظيمة رغم كل الشاحنات.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.