من قلب كارثة كردستان.. قصة طبيبة تحارب كورونا ببسالة

عدد القراءات
2,517
عربي بوست
تم النشر: 2020/04/21 الساعة 16:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/04/21 الساعة 17:05 بتوقيت غرينتش

يعيش إقليم كردستان العراق كغيره من أقاليم العالم حالةً من الذعر والقلق الشديد مع ازدياد عدد المصابين بفيروس كورونا المستجد، خاصة بعد أن بلغ عدد المصابين بالفيروس 300 مصاب في الإقليم حتى الآن، بحسب إحصائية لوزارة الصحة. والخطورة بحسب المختصين تكمن في أن الإقليم تربطه مساحة شاسعة من الحدود مع إيران، التي باتت "بؤرة لانتشار جائحة كورونا" على مستوى الشرق الأوسط، حيث تزداد أعداد الضحايا والوفيات فيه على نحو متسارع وخطير.

منذ بدأ انتشار الجائحة في محافظات الإقليم "أربيل، السليمانية، دهوك، حلبجة" ثمة أطباء وكوادر صحية يعملون ويكرسون حياتهم في المستشفيات ليل نهار لمحاربة فيروس كورونا، بغية الحفاظ على الصحة العامة والقضاء على الوباء الفتاك. الوباء الذي فاجأ العالم والدول المتقدمة بإحكام قبضته ومخالبه على عنق الحياة العامة، وأصبح تحدياً وجودياً للمجتمع البشري الذي يعيش معظمه في الحجر المنزلي.

وفي ظل الأوضاع الاستثنائية التي يمر بها العالم تلقَّب الكوادر الطبية بالجيش الأبيض، وتبرز تضحياتهم وتفانيهم من أجل إنقاذ البشرية، لكن لعائلات الأطباء والممرضين والممرضات جانب آخر في المعركة لحماية أسرهن من العدوى.

"چیمهن أحمد"، ذات الثلاثة والثلاثين ربيعاً، هي طبيبة كردية التحقت بالفرق الطبية لمكافحة فيروس كورونا منذ بدء انتشار الجائحة في الإقليم، وتحديداً في السليمانية. مهمتها في البداية كانت تركز على حملات تعقيم الأماكن العامة والشوارع والمناطق المشتبه بها والملوثة بالفيروس.

د. چیمهن في المستشفى

وتعمل چیمهن نحو 85 ساعة في الأسبوع، أي 12 ساعة يومياً بمستشفى "الشهيد آسو" الخاص بمكافحة كورونا. الوجه الآخر لبطولة چیمهن هو أن لديها طفلين في الثالثة والخامسة من العمر، لكنها اضطرت منذ أن التحقت بالفرق الطبية الخاصة بمكافحة كورونا إلى الابتعاد عن ملامستهما خوفاً على حياتهما. 

وتشير الطبيبة إلى أن هذه الفترة ربما تكون أصعب فترة في حياتها العائلية، حيث تفتقد إحساس الأمومة أحياناً بسبب مخاوف انتقال المرض، لاسيما أنها تتعامل بشكل مباشر يومياً مع مرضى فيروس كورونا الخاضعين للعلاج.

فراق الأحباء بسبب كورونا 

كما تسرد چیمهن قصصاً حزينة عن أوضاع المرضى الراقدين في المستشفى، لعل إحداها قصة الفتاتين الشقيقتين اللَّتين تم نقلهما من بلدة دربنديخان إلى السليمانية، أواسط مارس/آذار الماضي، إذ خضعتا للمعالجة والعناية الطبية اللازمة، وبعد تماثل إحداهما للشفاء ونلقها إلى حضن العائلة في بلدة دربنديخان التي تبعد عن السليمانية مسيرة ساعة، كانتا تبكيان لبعضهما البعض من وراء الشباك، خاصة بعد منعهما من المعانقة، وأن الشقيقة المريضة كانت مشتاقة إليها وهي تبكي وتصرخ في صالة المرضى، وبحسب الطبيبة كانت تعاني من أزمة نفسية حادة بسبب فراق أختها. لذلك اضطرت چیمهن إلى تقديم إرشادات ونصائح نفسية باستمرار لملازمة نفسها، حتى تتعافى من المرض الفتاك.

الشعور بالسعادة في إعانة الآخرين

تجد چیمهن سعادتها التي تهون عليها ساعات العمل الشاقة بعد شعورها بمساعدة الكثير من المرضى وعائلاتهم بالإرشادات والنصائح الطبية والنفسية، وهذا ما يحفزها للاستيقاظ يومياً لمواصلة مهامها الإنسانية كطبيبة في إنقاذ المزيد والمزيد من المرضى. وتقول چیمهن إن رؤية المريض يتحسن أمر لا يقدر بثمن، وكذلك مساعدة الآخرين في التغلب على مخاوفهم.

وتأتي جهود چیمهن أحمد بصفتها المقيم الطبي الرئيسي في المركز الطبي بالمستشفى، إذ تشرف على تدريب عشرات الكوادر الصحية، وتقول إنها تضطر إلى البقاء في المستشفى لأن الفرق الطبية لا تستطيع إصدار قرار بمفردها، وتحتاج إلى تعليمات وإرشادات صحية جديدة بشأن كيفية التعامل مع مرضى فيروس كورونا.

وتتابع: إن بعض الأطباء حديثي التخرج أو في فترة التدريب خائفون من التعامل مع المرضى، لهذا فهي تفضل البقاء بنفسها، وتقول إن الأمر لا يتوقف على المعلومات الطبية فقط، بل لأن الوضع خطير بالنسبة للجميع، لذا يخاف الأطباء المتدربون من الإصابة بالمرض ويخافون من الموت.

د. چیمهن مع زملائها

تحسن الأوضاع بعد تفاقم شديد

أوضحت الطبيبة الكردية أن الوضع بأكمله يتحسن شيئاً فشيئاً في السليمانية التي سجلت أولى إصابات الفيروس على مستوى الإقليم، وهي تقصُّ صعوبة المراحل الأولى عندما حضر أول مريض بفيروس كورونا (كوفيد-19) في المستشفى، إذ كان الوضع صعباً وعصيباً على حد وصفها، خاصة أنهم لم يعرفوا الفحص المناسب له أو كيفية التعامل معه، فضلاً عن عدم قدرة الأطباء المتدربين على إجراء الاختبارات للحالات المشتبه فيها، ناهيك عن انعدام الأجهزة المتطورة في البداية.

كورونا يداهم ويحصد الأرواح

وبحسب آخر إحصائية لدى وزارة الصحة فإن إجمالي عدد الإصابات بفيروس كورونا بلغ نحو 300 حالة و3 وفيات حتى الآن، فيما تماثل أكثر من 120 مصاباً للشفاء.

أما وزير الصحة في حكومة إقليم كردستان فلا يُخفي مخاوفه من ازدياد حالات الإصابة بكورونا، ويحذر المواطنين من خطر عدم الالتزام بالتعليمات الصحية، وفي أحدث تصريحاته أكد أن الإقليم يواجه أزمة كبيرة وكارثة إنسانية.

لقد خطف فيروس كورونا أرواح كثيرين حول العالم بعد الصين، مروراً بإيران وإيطاليا وإسبانيا والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وغيرها.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

بزورك محمد
كاتب وصحافي من العراق
كاتب وصحافي من العراق
تحميل المزيد